"Responsible Statecraft": حوادث الطائرات العسكرية الأميركية ترتفع.. لماذا؟

يُعلّق الخبراء على تضاعف عدد حوادث الطائرات العسكرية الأميركية، بأنّها "عاصفة مثالية"، مع ارتفاع عدد القتلى ومعاناة الاستعداد والتلكؤ.

0:00
  • "Responsible Statecraft": حوادث الطائرات العسكرية الأميركية ترتفع.. لماذا؟

مجلة "Responsible Statecraft" الأميركية تنشر تقريراً يتناول ارتفاع حوادث الطيران العسكري الأميركي خلال السنوات الأخيرة، ويشرح الأسباب البنيوية التي تقف وراء هذا التدهور الخطير في السلامة الجوية داخل الجيش الأميركي.

أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية:

تشهد حوادث الطيران العسكري ارتفاعاً ملحوظاً، نتيجة "عاصفة مثالية"، تجمع بين عيوب في الطائرات، وتدريب غير كافٍ للطيارين، والتدخّلات العسكرية الأميركية المفرطة في الخارج.

وكما أفاد مكتب السيناتور "الديمقراطية" إليزابيث وارن هذا الأسبوع، فإنّ معدل الحوادث الخطيرة لكلّ 100,000 ساعة طيران كان أعلى بنسبة مذهلة بلغت 55% مقارنة بعام 2020. وأوضحت أنّ الحوادث كلّفت الجيش الأميركي 9.4 مليارات دولار، وأودت بحياة 90 من أفراد الخدمة وموظفي وزارة الدفاع المدنيين، ودمَّرت 89 طائرة بين أعوام 2020 و2024. وقد فقد سلاح الجو 47 من طيّاريه في عام 2024 وحده بسبب "حوادث كان "يُمكن الوقاية منها".

وتواصل الولايات المتحدة استخدام طائرات معروفة بمشكلاتها المتعلّقة بالسلامة أو المعرّضة للحوادث، مثل طائرة "في 22 أوسبري"، التي قد تُؤدّي أعطال علبة التروس والقابض فيها إلى تحطّمها. وهي حالياً تشارك في الحشد العسكري المستمرّ بالقرب من فنزويلا.

ومن الطائرات الأخرى المعرّضة للحوادث مروحية "أباتشي إيه إتش 64"، التي شهدت عدد حوادث أعلى بمقدار 4.5 مرات في عام 2024 مقارنة بعام 2020، وطائرة النقل العسكري "سي 130"، التي تضاعف معدل حوادثها في الفترة ذاتها أيضاً. أما مروحية "سي دراغون أم أتش 53 إي"، فقد كانت عرضة للحوادث طوال فترة خدمتها التي امتدت لعقود، لكن احتفظ بها في الخدمة حتى أوائل العام الجاري.

يقول مدير برنامج إصلاح الأمن القومي في "مركز ستيمسون" دان غراتزير، إنّ "نقص خبرة طاقم الطيران يُمثّل مشكلة، حيث كان إجمالي ساعات التدريب على الطيران التي يتلقّاها طيّارو الجيش الأميركي مُزرياً لسنوات. وهم في جميع الفروع لا يُحلّقون بالقدر الكافي للحفاظ على مهاراتهم في الطيران، ناهيك عن تحسينها.

وبحسب وجهة نظر غراتزير، فإنّ طيّاري الجيش يحلّقون بشكل أقلّ هذه الأيام، بينما وجد تقرير مكتب الميزانية في الكونغرس في أيلول/سبتمبر العام الماضي، أنّ طاقم الطائرة المأهولة طار في المتوسط ​​198 ساعة طيران في عام 2023، بانخفاض عن 302 ساعة طيران في عام 2011. ويحدث هذا غالباً لأنّ الطائرات ليست جاهزة للتحليق.

يُضيف غراتزير أنّ "أحد الأسباب الرئيسية لقلّة وقت التدريب على الطيران هو أنّ الطائرات العسكرية الحديثة آلاتها معقّدة للغاية، ولا تعمل بالقدر الكافي الذي تحتاجه القوات المسلحة"، كما أنّ الطائرات الشائعة مثل "أف 35"، غالباً ما تكون غير قادرة على أداء المهام. بينما أفضل ما "يُمكن لمسؤولي البنتاغون فعله لمعالجة هذه المشكلة، هو الإصرار على إعداد طائرات أكثر بساطة بمعدلات جاهزية عالية كمعيار أداء رئيسي".

كذلك، شدّد الباحث البارز في "معهد كوينسي" ويليام هارتونغ، على دور الكونغرس في الأزمة، حيث يُعطي المشرّعون في كثير من الأحيان الأولوية للمشاريع الكبرى المهمة، على حساب ميزانية التدريب والعمليات الحيوية.

وأضاف هارتونغ، "كثيراً ما يلجأ المشرّعون إلى نهب أموال التدريب لإضافة أسلحة إلى الميزانية لم يطلبها البنتاغون أصلاً.  ويتوجّب على الكونغرس إجراء تقييم صادق بسبب سلسلة الحوادث الأخيرة قبل إلقاء اللوم على ضحايا هذه المآسي المروّعة".

تقول مديرة التحليل العسكري في "مؤسسة أولويات الدفاع" جينيفر كافاناغ، إنّ القوات الأميركية تعاني من ضغوط شديدة بسبب التورّط في صراعات في الخارج. وأضافت، "الجيش مُنهك ويبذل جهوداً تفوق طاقته. والانتشارات العسكرية المستمرة في الشرق الأوسط وآسيا وأوروبا، والآن في أميركا اللاتينية، تُؤثّر سلباً على الجاهزية، وتُفسد دورات التدريب، وتُؤدي إلى إرهاق الطيارين وزيادة ارتكابهم للأخطاء، وتُهلك المعدات، وتُسبّب مشكلات ميكانيكية وفنية. وعلى البيت الأبيض والبنتاغون إعادة النظر في التزامات الولايات المتحدة العالمية، وإيجاد سبل للحدّ من التورّط في الاشتباكات، وفي الانتشارات العسكرية الخارجية. لكن، في النهاية بعض الحوادث أمر لا يمكن تجنّبه".

يقول المراسل العسكري والمحلل للأمن القومي في مشروع الرقابة الحكومية منذ فترة طويلة مارك تومسون، لـموقعنا، "عادةً ما يكون سبب الحادث العسكري الأميركي هو العاصفة المثالية حيث يتعيّن على عدة أشياء أن تسير على نحو خاطئ في الوقت ذاته، أو في سلسلة متوالية حتى تضرب الكارثة".

يضيف تومسون، أنّ "ضخّ المزيد من الأموال في التدريب، للحفاظ على جاهزية الطيّارين، وتوفير قطع الغيار لاستبدالها قبل أن تتعطّل وتتسبّب في حادث، يُساعد عموماً، لكنّه لن يقضي على الحوادث، لأنّ سلامة الطيران المثالية مُجرَّد وهم، لكنّها أمانة يجب ألا نتوقّف عن السعي لتحقيقها".

وقد طلب مكتب السيناتور وارن من وزارة الدفاع تقديم مزيد من المعلومات حول حوادث الطيران خلال الفترة من 2019 إلى العام الجاري، وحول كيفيّة تدريب الجيش لأطقم الطائرات وموظفي الصيانة. وصرّحت وارن، "في مواجهة المعدلات المتزايدة من حوادث الطيران المكلفة والقاتلة، من الأهمية بمكان أن يتخذ الكونغرس ووزارة الدفاع جميع الإجراءات اللازمة لمعالجة هذه المشكلة".

نقله إلى العربية: حسين قطايا.