"Responsible Statecraft": إعادة الشاه كان خيالاً إسرائيلياً

رضا بهلوي على علاقة وثيقة بنتنياهو، وإعادته إلى الحكم كانت أمراً خيالياً.

0:00
  • رضا بهلوي خلال زيارته إلى
    رضا بهلوي خلال زيارته إلى "إسرائيل"

مجلة "Responsible Statecraft" الأميركية تنشر مقالاً يتناول أهداف الحرب الإسرائيلية على إيران والتي كانت تتجاوز تفكيك القدرات النووية والعسكرية لطهران، وتخفي في طياتها رهاناً على تغيير النظام، وتنصيب رضا بهلوي، مسلطاً الضوء على علاقة الأخير الوثيقة بـ "إسرائيل".

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرف:

الحملة العسكرية الإسرائيلية ضد إيران، إلى جانب أهدافها المعلنة المتمثلة في تفكيك القدرات النووية والدفاعية الإيرانية، كانت تحمل في طياتها طموحاً أعمق وأكثر غرابة: الأمل في أن يؤدي إسقاط النظام إلى تنصيب حكومةٍ صديقةٍ بقيادة رضا بهلوي، الابن المنفي لآخر شاه في إيران. وربما حتى تمهيد الطريق لاستعادة النظام الملكي.

هذه ليست سياسةً مُعلنةً رسمياً في "إسرائيل" أو الولايات المتحدة، لكنها لا تزال قائمةً في خلفية تصرفات "إسرائيل" ودعواتها العلنية للإيرانيين "للوقوف" في وجه الجمهورية الإسلامية.

في نيسان/أبريل 2023، استضاف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والرئيس إسحاق هرتسوغ بهلوي في "إسرائيل".

خلال زيارته المُخطط لها بعناية، صلّى عند الحائط الغربي، متجنباً المسجد الأقصى في الحرم القدسي الشريف، ولم يبذل أي جهد للقاء القادة الفلسطينيين. ووصف تحليل صادر عن مركز القدس للأمن والشؤون الخارجية الزيارة بأنها رسالة مفادها أنّ "إسرائيل" تعترف ببهلوي "الزعيم الرئيسي للمعارضة الإيرانية".

ودعت شخصيات مثل جيلا جمليئيل، وزيرة الاستخبارات السابقة في الحكومة الإسرائيلية، علناً إلى تغيير النظام، مُعلنةً العام الماضي أنّ "نافذة فرصة سانحة لإطاحة النظام".

ما كان من الممكن اعتباره مناورة دبلوماسية، تحوّل، في سياق الحرب، إلى رهان استراتيجي على أنّ الضغط العسكري قادر على تهيئة الظروف لنتيجة سياسية تختارها "إسرائيل".

قال نتنياهو في خطابٍ مُصوّرٍ للشعب الإيراني: "مع تحقيقنا لهدفنا، نُمهّد الطريق لكم أيضاً لتحقيق حريّتكم".

مع كلّ الحديث عن تغيير النظام، يبقى الغموض يكتنف ما يجب أن يأتي بعد ذلك، أو من يجب أن يأتي. يُصرّ المسؤولون الإسرائيليون علناً على أن الشعب الإيراني سيختار قادته بنفسه. إلا أن احتضانهم العلني لولي العهد الإيراني المنفيّ يُخبرنا بقصةٍ مُغايرة.

أمضى رضا بهلوي عقوداً يُصوّر نفسه كرجل دولة ديمقراطيّ مُنتظر. في مُقابلاته، يتحدّث عن مُستقبلٍ يُقرّر عبر استفتاءٍ شعبيّ، مدعوماً بمُقترحاتٍ مُفصّلةٍ مثل خطة انتقاليةٍ لمئة يوم. ولإسعاد "إسرائيل"، يتجاوز موقفه الرمزيّ إلى جوهر التفكير الاستراتيجيّ الإسرائيليّ.

خلال زيارته إلى "تل أبيب" عام 2023، عبّر عن المنطق الحقيقيّ الذي يُحرّك هجمات "إسرائيل" الحالية على إيران، واصفاً المفاوضات النوويّة بـ"مضيعةٍ للوقت"، ومُصرًّا على أنّ "أسرع طريقةٍ للقضاء على جميع التهديدات" هي الاستثمار في بديلٍ للنظام نفسه. علاوة على ذلك، يتصور مستقبلاً متجذراً فيما يسميه "اتفاقيات كورش"، وهو إحياءٌ لـ"الصداقة القديمة" بين الشعبين الفارسي واليهودي، وهي رؤيةٌ تعززها إيماءاتٌ شخصيةٌ قوية، مثل زواج ابنته مؤخراً من رجل أعمالٍ يهوديٍّ أميركيٍّ.

لكن هذه الرؤية، مهما بدت مقنعة في واشنطن والقدس، تكاد تكون منفصلة كلياً عن الواقع الإيراني.

بالنسبة إلى عديد من النقاد، حتى داخل المعارضة، تُعدّ هذه الرسالة استراتيجية مدروسة لإعادة تأهيل صورة النظام الملكي وترسيخ مكانة بهلوي كخليفة وحيد قابل للاستمرار.

لا تُعدّ اجتماعاته رفيعة المستوى مع قادة أجانب - ولا سيما في "إسرائيل" - ودعواته للدعم الغربي بمنزلة حنكة سياسية من أجل ديمقراطية مستقبلية، بل جهوداً لتأمين الدعم الأجنبي لعودته إلى السلطة.

لم يُطح النظام الملكي الذي تُلمّح "إسرائيل" إلى إحيائه عام 1979 فحسب، بل رُفض بشدة من قِبل تحالف قوي من الإسلاميين واليساريين والقوميين المتحدين ضد قمع الشاه. هذا الإرث من الرفض الشعبي يُضعف بشدة من جاذبية رضا بهلوي اليوم.

في حين تُصوّر مقالات الرأي في وسائل الإعلام الإسرائيلية الخيار أمام إيران على أنه بين الفوضى وعودة النظام الملكي، لا يحظى بهلوي بدعم ملموس يُذكر داخل بلد يرى  كثيرون فيه حركته "انتهازية" و"منفصلة عن الشعب الإيراني".

إنّ الأمل الإسرائيلي في أن تُهيئ الغارات الجوية والاغتيالات الظروف المناسبة للشعب الإيراني "للانتفاض"، كما صرّح نتنياهو، ليس مجرد أمل خيالي، بل هو أمر خطير أيضاً.

إنّ الوهم القائل بأنّ نظاماً خليفةً في طهران سيكون صديقاً بطبيعته لـ"إسرائيل" يتجاهل شكوكاً عميقة الجذور، راسخةً عبر عقود من الصراع والدعاية والعداء، والتي تُرسّخ الآن بالتدخل الأجنبي العلني.

الحرب على إيران لا تستطيع استحضار إيران جديدة وصديقة من الرماد، ولا سيّما من خلال دعم خليفةٍ من سلالةٍ ساقطةٍ رفضها الإيرانيون منذ زمنٍ طويل.

نقلته إلى العربية: بتول دياب.

"إسرائيل" تشن عدواناً على الجمهورية الإسلامية في إيران فجر الجمعة 13 حزيران/يونيو يستهدف منشآت نووية وقادة عسكريين، إيران ترد بإطلاق مئات المسيرات والصواريخ التي تستهدف مطارات الاحتلال ومنشآته العسكرية.