"WSJ": هل يختفي سحر "ديزني" في ظل سيطرة الذكاء الاصطناعي؟

إنّ المخاطرة عالية بشكل خاص بالنسبة للاستوديو، الذي أصبح محاصراً بين كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي في عملية صناعة الأفلام وكيفية حماية شخصياته الشهيرة ضده.

0:00
  • "WSJ": هل يختفي سحر "ديزني" في ظل سيطرة الذكاء الاصطناعي؟

صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية تنشر تقريراً يتناول كيف تحاول شركة "ديزني" استكشاف واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في صناعة الأفلام، وما يرافق ذلك من تحديات قانونية وإبداعية وتسويقية.

أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية بتصرف:

عندما بدأت شركة "ديزني" العمل على نسخة جديدة من الرسوم المتحركة الناجحة "موانا"، بدأ المسؤولون التنفيذيون في التفكير في ما إذا كان عليهم استنساخ نجمها، دواين جونسون. 

كان الممثل يُعيد تجسيد دوره في الفيلم بشخصية "ماوي"، وهو إله نصف ضخم ذو صدر عريض، ولكن في أيام معينة في موقع التصوير، كان لدى "ديزني" خطة جاهزة لن تتطلب وجود جونسون هناك على الإطلاق. وبموجب الخطة التي وضعتها، سيعمل ابن عم جونسون القوي تانواي ريد، الذي يبلغ طوله 190.50 سم ويزن 113 كلغ تقريباً، كشبيه بدنيّ لعدد صغير من اللقطات. وتقوم شركة الذكاء الاصطناعي "ميتافيزيك" (Metaphysic) بإنشاء نسخ مزيفة من وجه جونسون يمكن وضعها فوق أداء ريد في اللقطات، "نسخة رقمية مزدوجة" تسمح لجونسون فعلياً بالوجود في مكانين في وقت واحد. 

وما حدث بعد ذلك كان دليلاً على أنّ ثورة الذكاء الاصطناعي التي كثيراً ما تمت مناقشتها، والتي كانت موضع خوف شديد في هوليوود، لن تكون مجرد سيطرة روبوتات بين ليلة وضحاها. 

وافق جونسون على الخطة، إلا أنّ استخدام التكنولوجيا الجديدة جعل محامي "ديزني" يناقشون التفاصيل حول كيفية نشرها، وما هي الاحتياطات الأمنية التي من شأنها حماية البيانات ومجموعة من المخاوف الأخرى. كما أعربوا عن قلقهم من أن الاستوديو لن يتمكن في النهاية من المطالبة بملكية كل عنصر من عناصر الفيلم في حال قامت شركة الذكاء الاصطناعي بإنشاء أجزاء منه، وفق ما ذكر أشخاص شاركوا في المفاوضات.

لقد أمضت شركتا "ديزني" و"ميتافيزيك" 18 شهراً في التفاوض بشكل متقطع حول شروط العقد والعمل على النسخة الرقمية. إلا أنه لن يتم عرض أيٌ من اللقطات في الفيلم النهائي عند إصداره الصيف المقبل.

إنَّ دواين جونسون المُزيَّف ليس سوى جزءٍ من زلزال تكنولوجيّ أوسع نطاقاً يضرب هوليوود. وتبذل الاستوديوهات جهوداً حثيثة لمعرفة كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي في صناعة الأفلام، وكيفية حماية نفسها منه في الوقت عينه. وفي حين يرى المديرون التنفيذيون مستقبلاً حيث تعمل التكنولوجيا على استقطاع عشرات الملايين من الدولارات من ميزانية الفيلم، فإنهم يتعاملون مع حاضر مليء بالالتباس القانوني وردود الفعل السلبية من المعجبين والحذر تجاه تبني الأدوات التي يراها البعض في وادي السيليكون بمنزلة بديل لهم في المئة عام القادمة.

وتقوم أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة (The Academy of Motion Picture Arts and Sciences) باستطلاع آراء أعضائها حول كيفية استخدامهم لهذه التقنية. في حين يقوم مديرو الاستوديوهات بإيقاف جهودهم لإجراء تجارب خوفاً من إثارة غضب نقابات صناعة الترفيه عشية التفاوض بشأن عقود جديدة. ولا يوجد استوديو يمكنه أن يكسب أو يخسر أكثر من "ديزني"، موطن "دونالد داك" و"بل" و"باز لايت يير" و"ستيتش" وغيرهم من الشخصيات، والذي أنتج بعضاً من أكثر الأعمال الإبداعية قيمة وحماية في العالم على مدى القرن الماضي.

وتُظهِر المقابلات التي أُجريت مع أكثر من 20 موظفاً وشريكاً حالياً وسابقاً شركة ترفيه عملاقة ممزقة بين حتمية تقدم الذكاء الاصطناعي والمخاوف بشأن كيفية استخدامه. إلا أنّ التقدم كان بطيئاً في بعض الأحيان بسبب البيروقراطية والقلق بشأن العقد الاجتماعي للشركة مع معجبيها، ناهيك بعقدها القانوني مع النقابات التي تمثل الممثلين والكُتّاب وغيرهم من الشركاء الإبداعيين.

وتضمّنت الخطوات المبكرة للشركة مناقشات حول إضافة ميزات داخل خدمة البث "Disney+" لتمكين المشتركين من إنشاء مقاطع خاصة بهم من عروض "ديزني" والسماح للاعبين بالتفاعل مع شخصية "دارث فيدر" التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي في لعبة "فورتنايت" (Fortnite). وقد استحوذت "ديزني" على حصة بقيمة 1.5 مليار دولار في شركة "إيبك غيمز" (Epic Games)، مالكة لعبة "فورتنايت"، العام الماضي. إلا أنّ محاولاتها لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الأفلام باءت بالفشل.

في المقابل، تظل الفرق القانونية لشركة "ديزني" حريصة على حماية شخصيات الاستوديو وتحذر من أي تحركات داخلية أو خارجية قد تضر بعلامتها التجارية. وقد تمت مقاضاة أحد مزودي الذكاء الاصطناعي في حزيران/ يونيو. ويتعين على موظفي "ديزني" الراغبين في إدخال معلومات الشركة في أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدية لأعمال الشركة، الحصول أولاً على موافقة لجنة الذكاء الاصطناعي. (خلال الأشهر القليلة الماضية، خفّضت الشركة أوقات الاستجابة لمثل هذه الطلبات إلى 48 ساعة، وفقاً لشخص مطلع على الوضع).

بالنسبة إلى شركة "ديزني"، تُعدّ حماية شخصياتها وقصصها، مع تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي الجديدة، أمراً بالغ الأهمية. وفي مقابلة له، قال هوراسيو غوتيريز، رئيس الشؤون القانونية في الشركة: "نحن هنا منذ 100 عام، ونعتزم البقاء خلال الأعوام المئة القادمة. وسيكون الذكاء الاصطناعي تحولياً، ولن يكون بالضرورة فوضوياً".  

وهذا أحد التحديات التي تواجه الرئيس التنفيذي بوب إيغر، الذي من المتوقع أن يُعيّن خليفة له في مطلع عام 2026 بعد قرابة 20 عاماً من تولّيه الرئاسة. وهو يتعرض لضغوط هائلة لخفض التكاليف في ظل انخفاض إقبال الجمهور على دور السينما وتزايد إلغاء اشتراكات القنوات الفضائية. وقد اضطر مؤخراً إلى صد الانتقادات التي تعرّضت لها شركته بسبب التحديات الإبداعية التي واجهتها وتركيزها بشكل كبير على إعادة استخدام الممتلكات القديمة. 

وقد كانت المخاوف بشأن الدعاية السيئة أحد الأسباب الرئيسة التي دفعت شركة "ديزني" إلى إلغاء خطة استخدام الذكاء الاصطناعي في فيلم "ترون: آريس" (Tron: Ares)، المقرر عرضه في تشرين الأول/أكتوبر والذي يحكي قصة جندي تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي ويدخل العالم الحقيقي.

وبما أنّ الفيلم يدور حول الذكاء الاصطناعي، فقد طرح المسؤولون التنفيذيون فكرة دمج الذكاء الاصطناعي فعلياً في إحدى الشخصيات في تكملة فيلم "ترون" (Tron) الناجح الذي عُرض في الثمانينيات كاستراتيجية تسويقية مثيرة، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر. وسيقوم الكاتب بتوفير السياق الخاص بالشخصية المتحركة، وهي شخصية مساعدة للدور الرئيس الذي يلعبه جيف بريدجز واسمه " Bit"، لبرنامج الذكاء الاصطناعي التوليدي. وبعد ذلك على الشاشة، سيستجيب برنامج الذكاء الاصطناعي، الذي يؤدي صوته أحد الممثلين، عن الأسئلة بينما تدور الكاميرات.

ولكن في ظلّ وجود مفاوضات مع النقابات التي تمثل الكتّاب والممثلين بشأن العقود، رفضت "ديزني" الفكرة، وتمّ إبلاغ المسؤولين التنفيذيين في الداخل أنّ الشركة لا تستطيع المخاطرة بالدعاية السيئة.

والتقى إيغر وغوتيريز مع مسؤولين من البيت الأبيض في الأشهر الأخيرة لمناقشة المخاوف بشأن نماذج الذكاء الاصطناعي التي تنتهك الملكية الفكرية للشركة واستخدام شخصيات الاستوديو بطرق غير لائقة، وفقاً لأشخاص مطلعين على المناقشات.

وتواجه شركة ديزني شركات مثل "OpenAI" و"Google"، والتي تزعم أنّ القدرة على الوصول إلى المواد المحمية بحقوق الطبع والنشر أثناء تدريب نماذجها أمر بالغ الأهمية للتنافس في سباق الذكاء الاصطناعي.

في شهر حزيران/يونيو، اتخذت شركة ديزني ويونيفرسال التابعة لكومكاست الخطوة الأكثر صرامة حتى الآن نحو حماية أعمالهما الإبداعية، حيث رفعتا دعوى قضائية ضد مزود الذكاء الاصطناعي Midjourney بتهمة القيام بنسخ من ممتلكاتهما المحمية بحقوق الطبع والنشر.

يرى منافسو ديزني أن هذه الدعوى القضائية تُعدّ أقوى جهد حتى الآن لوضع إطار قانوني لقضايا الذكاء الاصطناعي. ويشير بعض الموظفين السابقين وشركاء العمل، ممن ينافسون ديزني بشدة في استخدام شخصياتها، مازحين إلى الشركة بأنها "أكبر شركة محاماة في كاليفورنيا".

الذكاء الاصطناعي هو ساحة معركة جديدة لشركة ترفيه قضت العقد الماضي في التغلب على المنافسة من وادي السيليكون في شكل منافسين في مجال البث مثل "Apple" و "Amazon"، والجذب الجاذب للعيون نحو "YouTube" التابع لـ "Google". 

نقلته إلى العربية: زينب منعم.