"الغارديان": من غزّة إلى أوكرانيا إلى إيران.. كيف تلاشى وعد ترامب كصانع سلام؟

ترامب الذي تعهّد بإنهاء الصراعات العالمية أشرف بدلاً من ذلك على تصعيدها، وأجندته في حالة من الفوضى.

0:00
  • قصف إيراني على
    قصف إيراني على "إسرائيل"

صحيفة "الغارديان" البريطانية تنشر مقالاً يناقش التناقض بين وعود الرئيس الأميركي دونالد ترامب في ولايته الثانية بإنهاء الحروب وتحقيق السلام العالمي، وبين تصاعد الأزمات والصراعات الدولية خلال الأشهر الأولى من عهده.

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:

في خطاب تنصيبه في كانون الثاني/يناير، أعلن دونالد ترامب أنّ إرثه الأكثر فخراً سيكون "صانع السلام، والموحّد"، متعهّداً بأنّ القوة الأميركية ستوقف الحروب جميعها، وتجلب روحاً جديدة من الوحدة إلى عالم كان غاضباً وعنيفاً، ولا يمكن التكهّن بمساره. لكن، بعد 5 أشهر تشهد رئاسة ترامب الثانية الانهيار المذهل لطموحه النبيل. فالرئيس الذي تعهّد بإنهاء الصراعات العالمية، من ضمنها الحرب الأوكرانية التي زعم أنّه سينهيها في أول 24 ساعة له في البيت الأبيض، بينما يتصاعد الصراع بين "إسرائيل" وإيران. ويظهر بوضوح أنّ الجدول الزمني لترامب لإنهاء الحروب منفصل بشكل صارخ عن الواقع، فقد جاءت موجة الضربات الجوية الإسرائيلية بعد ساعات فقط من حثّ ترامب "إسرائيل" على عدم مهاجمة إيران.

وفي أثناء بذل وزير الخارجية ماركو روبيو، جهداً كبيراً لوصف الهجوم الإسرائيلي بأنّه "أحادي الجانب"، مشدّداً على أنّ الولايات المتحدة "لم تشارك في الضربات ضدّ إيران"، إلّا أنّ ترامب أصرّ بعد ذلك على أنّه كان على علم جيد بخطط "إسرائيل"، وحذّر من أنّ المزيد من الهجمات ستكون "أكثر وحشية"، بينما تتلاشى مفاوضات مبعوث ترامب للشرق الأوسط ستيف ويتكوف في عُمان.

كانت أجندة ترامب للسلام المشوّشة بالفعل في حالة من الفوضى قبل وقت طويل من الهجمات الإسرائيلية. وقد انهار وقف إطلاق النار في غزّة الذي ساعدت إدارته في التوسّط فيه في غضون أسابيع، حيث استأنفت "إسرائيل" القصف الكثيف، وفرضت حصاراً كاملاً منذ 3 أشهر على المساعدات الإنسانية إلى القطاع، حيث تجاوز عدد الضحايا الآن 55,000 فلسطيني.

أمّا في أوكرانيا، فالصراع الذي تفاخر ترامب ذات مرة بأنّه سينهيه في أوّل يوم له في منصبه، مضت القوات الروسية في هجوم صيفي، وولجت إلى منطقة دنيبروبتروفسك للمرّة الأولى منذ 3 سنوات وراكمت المزيد من القوات.

في أثناء ذلك، قوبل إعلان ترامب المفاجئ عن وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان بغضب في نيودلهي، حيث نفى المسؤولون مزاعمه بالتوسّط في الصفقة. وبينما اعترف وزير الدفاع بيت هيغسيث للكونغرس بأنّ البنتاغون قد وضع خطط طوارئ للاستيلاء على غرينلاند وبنما عسكرياً، فمن غير الواضح كيف يتناسب الغزو الإقليمي مع تعريف ترامب لصنع السلام.

كذلك ولاية ترامب الرئاسية الأولى لم توقف أيّ حرب، وكادت أن تشعل صراعاً مع إيران، وشهدت "اتفاقيات أبراهام" التي تطبّع العلاقات بين "إسرائيل" ودول لم تكن تقاتلها على أيّ حال.

لقد كان جزء من جذب ترامب للناخبين يتمثّل تحديداً في وعده بتجنّب التورّط في الصراعات الخارجية. وخلال حفل تنصيبه، عبّر أنصاره في المدرّجات عن تقديرهم لضبطه لنشر القوات العسكرية، وتفضيلهم لنهجه "أميركا أوّلاً" الذي يعطي المخاوف الداخلية على المساعدات والتدخّلات الدولية الأفضلية. بينما يرى آخرون، أنّ السلام بالنسبة لترامب لا يعني غياب الصراع، بل بُعد الولايات المتحدة عنه.

هناك تفسير واحد محتمل للتفاؤل بالهجوم الأخير على إيران، بحسب ما أشار مدير الشؤون الإيرانية في "معهد الشرق الأوسط" في واشنطن أليكس فاتانكا، إلى أنّ الهجوم الإسرائيلي قد يكون مقامرة محسوبة لصدمة إيران ودفعها نحو مفاوضات جادّة. وتفترض النظرية أنّ نتنياهو أقنع ترامب بالسماح بضربات محدودة من شأنها الضغط على طهران من دون إحداث تغيير في النظام، باستخدام العمل العسكري بشكل رئيسي لإعادة تشغيل الدبلوماسية المتوقّفة، بينما أشار ترامب أيضاً إلى أنّ الضربة على إيران ربّما حسّنت فرص التوصّل إلى اتفاق نووي.

قال المدير التنفيذي للأمن العالمي في "فلاش بوينت" والضابط السابق في مكتب مدير الاستخبارات الوطنية الأميركية أندرو بورين، "من غير المرجّح أن يعيد هذا إيران إلى طاولة المفاوضات، والأحداث تشير إلى بداية بؤرة توتّر أخرى سريعة الاتّساع في السياق العالمي لحرب باردة هجينة جديدة، ستخاض على الأرض وفي ظلام شبكة الإنترنت".

يعتمد نجاح هذه الاستراتيجية بالكامل على ردّ إيران. فإمّا أن يعود النظام إلى المفاوضات بعد أن هدأت أعصابه، أو أن يتخلّى عن الدبلوماسية كلّياً، ويسعى لامتلاك الأسلحة النووية بقوة أكبر. وتشير المؤشرات الأولية إلى أنّ طهران قد لا تكون في مزاج تصالحي بعد قصف منشآتها ومقتل قادتها.

ولكن، حتّى لو ثبتت صحة القراءات الأكثر تفاؤلاً، فإنّ هذا لا يغيّر الواقع الأوسع، فكلّ صراع كبير ورثه ترامب أو وعد بحلّه قد اشتدّ في عهده، بينما وعده بأن يكون صانع سلام يتلاشى، وبدلاً من ذلك يدير حروباً متعدّدة حيث تنهار مبادراته الدبلوماسية فجأة. فمن غزّة إلى أوكرانيا وإيران، يبدو العالم أكثر تقلّباً وخطورة، ممّا كان عليه قبل 5 أشهر من دخول ترامب إلى البيت الأبيض.

نقله إلى العربية: حسين قطايا.

"إسرائيل" تشن عدواناً على الجمهورية الإسلامية في إيران فجر الجمعة 13 حزيران/يونيو يستهدف منشآت نووية وقادة عسكريين، إيران ترد بإطلاق مئات المسيرات والصواريخ التي تستهدف مطارات الاحتلال ومنشآته العسكرية.