"الغارديان": وقف النار في غزة.. إنجاز ترامب الدبلوماسي أم فخ شيطاني؟

تحاول الخطة التوفيق بين تهيئة الظروف لوقف إطلاق النار والتفاوض على نهاية دائمة للحرب، لكن لا تزال هناك أسئلة صعبة.

0:00
  • "الغارديان": وقف النار في غزة.. إنجاز ترامب الدبلوماسي أم فخ التفاصيل؟

صحيفة "الغارديان" البريطانية تنشر مقالاً يتناول الجهود التي يبذلها الرئيس الأميركي دونالد ترامب للتوصّل إلى اتفاق سلام أو وقف إطلاق نار دائم بين "إسرائيل" وحماس في غزة، مع التركيز على تعقيدات المفاوضات والدوافع السياسية الكامنة وراءها.

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:

بالنسبة لدونالد ترامب، قد يكون اتفاق السلام، أو حتى وقف إطلاق نار دائم بين "إسرائيل" وحماس، أكبر إنجاز دبلوماسي في رئاسته.

لا تزال تفاصيل وتسلسل اتفاق لإنهاء حرب "إسرائيل" في غزة غامضة، لكنّ بيان الهدف من جانب كلّ من "إسرائيل" وحماس ذو مغزى. بالموافقة على اتفاق بدعم سياسي من الدول العربية والقوى الإقليمية الأخرى، تُعدّ هذه أفضل فرصة لإنهاء الحرب منذ انهيار وقف إطلاق النار في آذار/مارس، مما أعاد غزة إلى حرب طاحنة خلّفت ما يقرب من 68 ألف قتيل، معظمهم من المدنيين.

منذ آذار/مارس، كانت هناك تذمّرات حول اتفاق، لكن لم يقترب أيّ منها من هذا الحدّ. المرحلة الأولى من خطة السلام، كما وصفها ترامب في منشور على موقع "تروث سوشيال" يوم الأربعاء، واضحة: إعادة الأسرى الذين تحتجزهم حماس مقابل انسحاب محدود لـ "الجيش" الإسرائيلي. لكنّ العثور على جميع الأسرى، وإدارة الانسحاب الإسرائيلي، قد يكونان معقّدين.

تماشياً مع لهجة رئاسة ترامب، تُعبّر الآمال عن نفسها بمبالغة، إذ يقول الرئيس: "سيتمّ إطلاق سراح جميع الرهائن قريباً جداً، وستسحب "إسرائيل" قواتها إلى خط مُتفق عليه كخطوات أولى نحو سلام قوي ودائم. ستُعامل جميع الأطراف بإنصاف!".

لا يزال هناك الكثير مما يجب مناقشته. تسعى خطة السلام المكوّنة من 20 نقطة، والتي اقترحتها الإدارة، إلى التوفيق بين تهيئة الظروف لوقف إطلاق النار والتفاوض على نهاية دائمة للحرب؛ ولا تزال الأسئلة الصعبة المتعلقة بمستقبل حماس وما إذا كانت الجماعة المسلحة ستُسلّم سلاحها، إلى جانب رؤية "إسرائيل" لمستقبل غزة، بحاجة إلى نقاش.

ولقد مررنا بهذا من قبل: كانت إدارة ترامب في عجلة من أمرها للتفاوض على إنهاء حرب غزة حتى قبل تنصيبه، وانهار وقف إطلاق النار الذي تمّ التخطيط له على عجل في كانون الثاني/يناير بسبب تسلسل إطلاق سراح الأسرى الذين ما زالوا محتجزين في غزة.

ومع ذلك، فهذه لحظة حاسمة. فبينما كان الرئيس الأميركي يتحدّث في اجتماع مائدة مستديرة مناهض لحركة "أنتيفا" بعد ظهر الأربعاء، تسلّم مذكّرة من وزير الخارجية، ماركو روبيو، جاء فيها: "قريباً جداً. نحتاج إلى موافقتك على منشور على منصة تروث سوشيال حتى تتمكّن من الإعلان عن الاتفاق أولاً".

لم يقل أحد إنّ حرب "إسرائيل" في غزة يجب أن تنتهي باتفاقيات سلام على غرار أوسلو أو مداولات سياسية.

هذه لحظة مختلفة: رئيس أميركي متحيّز ومتقلّب بشكل علني، ومع ذلك، استخدم تقلّباته لإرباك حلفائه وأعدائه. ويُقال أيضاً إنّ ترامب مدفوع برغبة في أن يرى نفسه أول رئيس أميركي يحصل على جائزة نوبل للسلام منذ باراك أوباما.

من المقرّر تسليم هذه الجائزة يوم الجمعة، وقد حرّكت الرغبة في منح الرئيس الأميركي فوزاً اعتبارات سياسية في واشنطن وفي جميع أنحاء الشرق الأوسط.

التوترات المتبقّية واضحة. دعت حماس ترامب والأطراف الأخرى إلى "ضمان التزام حكومة الاحتلال الإسرائيلي الكامل ببنود الاتفاق". ويتمثّل الخوف في أن تستأنف "إسرائيل" هجومها بمجرّد إعادة الأسرى.

وقالت الحركة: "لن نتخلى أبداً عن حقوق شعبنا الوطنية حتى نيل الحرية والاستقلال وتقرير المصير"، في إشارة غير مباشرة إلى الرغبة في إقامة دولة فلسطينية رفضها نتنياهو وتخلّى عنها البيت الأبيض إلى حدّ كبير.

ولدى نتنياهو أيضاً اعتبارات سياسية للتعامل معها. فقد قال يوم الخميس إنه "سيعقد اجتماعاً للحكومة للموافقة على الاتفاق وإعادة جميع رهائننا الأعزاء إلى ديارهم". وعليه أن يتعامل مع ردّ فعل أعضاء حكومته اليمينيين، بمن فيهم وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، اللذين هدّدا بإسقاط الحكومة في حال وقف إطلاق النار.

حاول ترامب التغلّب على هذه الاعتبارات بالقوة الغاشمة، مهدّداً بـ"حرب شعواء" في غزة ضد حماس إذا لم تُلبَّ رغبته في السلام. وعندما أعرب نتنياهو عن شكوكه بشأن الاتفاق، أفاد موقع "أكسيوس" أنه قال للزعيم الإسرائيلي: "لا أعرف لماذا أنت دائماً متشائم للغاية... هذا فوز. استغلّه".

يُقال إنّ الرئيس الأميركي يخطّط للسفر إلى المنطقة في نهاية هذا الأسبوع لتوقيع الاتفاق. هذه هي لحظته، وقد يتطلّب الأمر منه استخدام كلّ نفوذه وشخصيته لمنع انهيار آخر للمحادثات والعودة إلى القتال، فيما قد يُمثّل هزيمة دبلوماسية لإدارته.

نقله إلى العربية: بتول دياب.

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.