"المونيتور": نفوذ نتنياهو على ترامب يتضاءل مع تقدم المحادثات مع إيران
يتزايد الخوف في "إسرائيل" من أنّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو غير قادر على تشكيل المحادثات النووية بين واشنطن وطهران.
-
"المونيتور": نفوذ نتنياهو على ترامب يتضاءل مع تقدّم المحادثات مع إيران
موقع "المونيتور" الأميركي ينشر مقالاً يتناول العلاقة والأهداف المعقّدة بين "إسرائيل" والولايات المتحدة في ظلّ احتمالات التوصّل إلى اتفاق نووي جديد بين واشنطن وطهران.
وينقل كاتب المقال الإسرائيلي بين كاسبيت، حالة عدم يقين استراتيجية لدى "إسرائيل" في ظلّ تغيّر الديناميكيات بين طهران وواشنطن، وشعور نتنياهو بأنه لم يعد يملك زمام التأثير كما كان.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرّف:
يبدو أنّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قد استسلم لتزايد احتمالات التوصّل إلى اتفاق نووي أميركي-إيراني. ومن المتوقّع أن تُدرج المحادثات الإيرانية الأميركية الجارية، والتي ستُعقد جولتها الثالثة يوم السبت في عُمان.
لا يملك نتنياهو ومساعدوه الكثير ليفعلوه للاستعداد لمزاج ترامب المتقلّب وغير المتوقّع، كما أدرك رئيس الوزراء الإسرائيلي في وقت سابق من هذا الشهر في المكتب البيضاوي عندما أعلن مضيفه عن المحادثات المباشرة المقبلة مع إيران.
ومن الواضح أنّ ترامب ليس عرضة لقدرة نتنياهو على التلاعب برؤساء الولايات المتحدة وإحباط أيّ اتفاق مع إيران. بل على العكس، يبدو الرئيس الأميركي أكثر قدرة من نتنياهو على وضع جدول الأعمال وفقاً لشروطه.
أدّى تسريب صحيفة نيويورك تايمز الأسبوع الماضي بشأن رفض ترامب الموافقة على ضربة إسرائيلية على المنشآت النووية الإيرانية خلال الأسابيع المقبلة إلى تفاقم انعدام ثقة "إسرائيل" بواشنطن. ووفقاً لتقارير إعلامية مختلفة، ورغم الخلافات العميقة بين المفاوضين الأميركيين والإيرانيين، فقد توصّل الجانبان أيضاً إلى اتفاق واسع النطاق حول قضايا مختلفة.
وقال مصدر دبلوماسي إسرائيلي، تحدّث إلى "المونيتور" شريطة عدم الكشف عن هويته: "يعلم رئيس الوزراء في قرارة نفسه أنه لن يكون هناك اتفاق على غرار الاتفاق الليبي". وكان المصدر يشير إلى تصريح نتنياهو في المكتب البيضاوي بأن "إسرائيل" لن تقبل اتفاقاً أميركياً إيرانياً إلا إذا فككّ بالكامل البنية التحتية النووية الإيرانية، كما فعلت ليبيا تحت إشراف أميركي قبل نحو 20 عاماً. وأضاف أن إدارة ترامب لن تنال مثل هذه التنازلات من إيران.
ينطبق الأمر نفسه على المحادثات المتعثّرة التي تتوسّط فيها الولايات المتحدة وقطر ومصر بين "إسرائيل" وحماس. فبينما زعمت "إسرائيل" أنها على تنسيق كامل مع إدارة ترامب بشأن هذه المحادثات، إلا أنها فوجئت مراراً وتكراراً بمواقف البيت الأبيض، كما حدث عندما أجرى المبعوث الرئاسي آدم بوهلر محادثات مباشرة مع حماس في أوائل آذار/مارس.
انتقد بعض المقرّبين من نتنياهو مبعوثه الخاص إلى البيت الأبيض، وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، بسبب الخلافات بين الإدارة والحكومة الإسرائيلية. وفي باريس الأسبوع الماضي، أفادت التقارير أنّ ديرمر ومدير الموساد ديفيد بارنيا عقدا اجتماعاً غير مُعلن مع ويتكوف.
وقال مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى لموقع "المونيتور" شريطة عدم الكشف عن هويته: "على الرغم من عظمة التوقّعات، إلا أنّ خيبة الأمل كبيرة". يتمتع ديرمر بعلاقات وثيقة مع الجمهوريين، وكان شخصيةً دائمةً في البيت الأبيض خلال ولاية ترامب الأولى. وأضاف المصدر أنّ هذا الوضع قد تغيّر منذ عودة ترامب إلى منصبه، متهماً ديرمر بمحاولة الحيلولة دون تقارب الرئيس مع بعض مساعديه. قال المصدر إنّ ديرمر "راهن على الأشخاص الخطأ"، مضيفاً أنه لن يكون مفاجئاً أن يكون الفيتو الأميركي على الضربة الإسرائيلية على إيران "رداً على نشاط رون ديرمر في هذا المجال".
يبدو أنّ ويتكوف وآدم بوهلر، المبعوث الخاص لشؤون الأسرى، والمانحة الجمهورية الكبيرة ميريام أديلسون يتمتعون بنفوذ أكبر على الرئيس من ديرمر، ولا أحد منهم من كبار معجبي نتنياهو.
الوضع الراهن للمفاوضات مع إيران
رفضت إيران علناً التخلّي عن تخصيب اليورانيوم تماماً، ووفقاً للتقارير الصادرة عن الجولتين السابقتين من المحادثات، قد يُسمح لإيران بالاحتفاظ ببرنامج نووي للأغراض السلمية، تديره دولة ثالثة. وهذا خبر سيّئ لـ "إسرائيل".
صرّح مسؤول دبلوماسي إسرائيلي رفيع المستوى لموقع "المونيتور" شريطة عدم الكشف عن هويته، بأنّ هذا الوضع "يختلف عن ولاية ترامب السابقة، عندما كانت الإدارة مليئة بالعناصر الجمهورية اليمينية المتشدّدة التي أدركت تماماً أهمية البرنامج النووي الإيراني وعملت جنباً إلى جنب مع إسرائيل". ومن دون ذكر أيّ أسماء، كان المسؤول الدبلوماسي الإسرائيلي يشير بوضوح إلى سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي ووزير الخارجية مايك بومبيو، اللذين كانت مواقفهما متوافقة مع موقف نتنياهو بشأن الخطر الذي تشكّله إيران.
وأضاف المسؤول الدبلوماسي الإسرائيلي الرفيع: "ترامب الآن محاط بأشخاص أقلّ أيديولوجية وخبرة بكثير، مثل مستشار الأمن القومي ووزير الدفاع والوسيطين ويتكوف وبوهلر، وهم موالون للرئيس وأقلّ اهتماماً بالأمن القومي لإسرائيل أو المنطقة".
تبدو مخاوف "إسرائيل" مبرّرة. وصرّح رامي إيغرا، المسؤول السابق في الموساد، لموقع "المونيتور": "عندما تكون لدى الطرفين مصلحة في التوصّل إلى اتفاق، فسيفعلان ذلك". وأضاف: "ترامب يريد جائزة نوبل للسلام، وإيران بحاجة إلى إعادة بناء اقتصادها، لذا فإنّ فرص التوصّل إلى اتفاق جيدة. لا تستغربوا إذا انتهى الأمر أيضاً بصفقة أسلحة كبيرة بين واشنطن وطهران".
أعدّ وزير الخارجية الإيراني عباس عراقتشي خطاباً أمام مؤتمر كارنيغي الدولي للسياسة النووية يوم الاثنين، لكن كارنيجي ألغاه بسبب رفض عراقتشي الردّ على أسئلة المشاركين في المؤتمر. وفي النصّ الذي نشرته طهران لاحقاً، قالت إيران إنها تخطّط لبناء 19 مفاعلاً نووياً لأغراض مدنيّة في جميع أنحاء البلاد. الشركات الأميركية مدعوة للتنافس في مناقصة تُقدّر قيمتها بعشرات المليارات من الدولارات.
قال المسؤول الدبلوماسي الإسرائيلي الرفيع: "الإيرانيون عباقرة". النصّ "يُغري الأميركيين بشدّة: سيشاهد ترامب هذه الصفقات التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات وسيجد صعوبة في كبح جماح نفسه".
يُدرك نتنياهو أنّ الصبر ليس من نقاط قوة ترامب، ويأمل بوضوح أن يُنفد الإيرانيون صبره، مما يُمهّد الطريق لعملية عسكرية إسرائيلية أميركية. تخشى إيران بالتأكيد أن تُشكّل "إسرائيل" تحالفاً لنسف المحادثات من خلال إثارة الصراع بين الطرفين.
نقلته إلى العربية: بتول دياب.