"المونيتور: هل ستسفر الغارات على قطر عن نتائج عكسية على "إسرائيل"؟
كان قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بضرب قيادة حماس مخاطرة كبيرة.
موقع "المونيتور" الأميركي ينشر مقالاً يقدم تحليلاً استقصائياً للهجوم الإسرائيلي على قطر، مع التركيز على الدوافع الداخلية لـ"إسرائيل"، الانقسام داخل المؤسسة الأمنية، ودور الإدارة الأميركية، وعواقب الضربة على العلاقات الإقليمية واستقرار الوساطة في غزة.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:
استهدفت الطائرات المقاتلة الإسرائيلية التي أسقطت 10 ذخائر دقيقة على فيلا في الدوحة بعد ظهر يوم الثلاثاء اجتماعاً لقيادة حماس لمناقشة ما وصفه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأنه إنذاره الأخير للحركة لتحرير الرهائن الإسرائيليين في غزة والدخول في مفاوضات لإنهاء حرب غزة.
أعلنت حماس أسماء خمسة من أعضائها الذين قُتلوا في الضربة، لكنها قالت إن القيادة العليا للحركة نجت. لا تزال "إسرائيل" تعمل على تحديد ما إذا كانت شخصيات بارزة مثل خليل الحية، زعيم الحركة المنفي في غزة والمفاوض الرئيس، قد قُتل أيضاً.
قطر أدانت العملية باعتبارها انتهاكاً لسيادتها
تستضيف قطر قيادة حماس منذ عام 2012 بناءً على طلب الولايات المتحدة. كما موّلت الحركة وسكان غزة الفقراء بناءً على طلب "إسرائيل". منذ 7 أكتوبر، عملت قطر كوسيط مع مصر والولايات المتحدة.
صدمت الغارة الإسرائيلية على بُعد 800 1 كيلومتر (200 1 ميل) من حدودها المنطقة. وصرح أحد كبار مساعدي رئيس الوزراء لموقع "المونيتور" شريطة عدم الكشف عن هويته: "لمدة عام ونصف، ناقش نتنياهو إذا ما كان الوقت قد حان لمهاجمة قطر والقضاء على كبار مسؤولي حماس هناك. لكنه لم يمتلك الشجاعة للقيام بذلك حتى الآن". وأشار المسؤول إلى أنّ مقتل ستة إسرائيليين يوم الاثنين في هجوم إرهابي في تل أبيب تبنته حماس، إضافة إلى مقتل أربعة جنود إسرائيليين يوم الأحد في هجوم على غزة، ربما كانا السبب في قرار نتنياهو.
وصرح مساعد آخر لنتنياهو لموقع "المونيتور" أنّ وجود وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر في واشنطن هذا الأسبوع ساعد في اتخاذ القرار. وأضاف، طالباً عدم الكشف عن هويته: "إن وجود ديرمر هناك سمح لنتنياهو بالمخاطرة وإصدار الأمر بتنفيذ الهجوم. أمور كهذه لا يمكن تفسيرها عبر الهاتف، ولدى ديرمر نفوذ على ترامب وجماعته".
ترامب مستاء
صرّح ترامب يوم الثلاثاء بأنه أُبلغ بالضربة الإسرائيلية المُخطط لها من قِبل الجيش الأميركي. ويُثير استياؤه المُعلن من هذه الخطوة وإصراره على عدم تدخّل الولايات المتحدة قلقاً بالغاً في "إسرائيل". كما أصدر نتنياهو بياناً عقب الضربة مباشرة، مُعلناً المسؤولية الكاملة عن القرار وتنفيذه.
لكن "إسرائيل" قلقة أيضاً من بيان للمتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، مفاده أنّ الجيش الأميركي أبلغ الإدارة الأميركية بالغارات، وأنّ واشنطن أبلغت قطر. ولا تزال "إسرائيل" تُحاول تحديد إذا ما كانت قطر قد تلقت التحذير قبل الضربات، وكان بإمكانها تحذير حماس.
وقال مسؤول أمني إسرائيلي كبير لموقع "المونيتور"، شريطة عدم الكشف عن هويته: "إذا حدث هذا، فهذا يعني أنّ التزام الولايات المتحدة تجاه قطر أكبر من التزامها تجاهنا". لطالما كانت قطر مركزاً لوجستياً وقيادياً للقيادة المركزية الأميركية في الشرق الأوسط.
وأضاف المسؤول الأمني الإسرائيلي الكبير لموقع المونيتور أنّ قرار استهداف قيادة حماس اتُخذ قبل نحو شهر. مع ذلك، كان التوقيت محل خلاف، حيث حذّر البعض في الجيش من أنّ استهداف الحركة أثناء دراستها لمقترح ترامب كان استفزازاً لا داعي له.
وقال مصدر سياسي إسرائيلي، طلب عدم الكشف عن هويته: "من الواضح أن ترامب يعشق النجاح والنصر. لكنه بدأ يُظهر استياءه بمجرد إعلان حماس عدم تصفية كبار قادة الحركة". كما أنّ بقاءهم سيُقلق نتنياهو بشدة.
ووفقاً لهذا المصدر، كان نتنياهو يأمل في أن يُحقق له قتل قيادة حماس النصر على الحركة التي وعد بها الإسرائيليين، وأن يمنحه مساحة للموافقة على مطالب حماس بإنهاء الحرب. لكنه ربما اعتقد أيضاً أن الهجوم سيُساعده في الدفاع عن نفسه من الاتهامات الموجهة إليه بخيانة "إسرائيل" من خلال التقرب من قطر في السنوات الأخيرة للحفاظ على الوضع الراهن. وتُجري الشرطة الإسرائيلية وجهاز الأمن الداخلي (الشاباك) تحقيقات في شكوك حول نفوذ قطري على "إسرائيل" من خلال دفع أموال لمساعدي نتنياهو المقربين.
بذل نتنياهو جهوداً حثيثة لتبرئة ترامب والجيش الأميركي من مسؤولية غارة الدوحة. ويبدو أنّ "إسرائيل" لم تُبلغ الأميركيين بالعملية إلا بعد أن اكتشف الرادار الأميركي الطائرات المقاتلة الإسرائيلية الخمس عشرة وطائرات الدعم المتجهة شرقاً.
ولعل نتنياهو كان يأمل أن يتفاعل ترامب بإيجابية، كما فعل مع قرار "إسرائيل" قصف المنشآت النووية الإيرانية في حزيران/يونيو، حيث أشاد بتنفيذها المعقد وأمر بشن ضربة أميركية حاسمة على المنشأة النووية المدفونة في فوردو. وأشاد ترامب بنفسه كبطل حرب، مدعياً أنّ العملية دمرت البرنامج النووي الإيراني.
ونظراً لكون قطر حليفاً رئيساً للولايات المتحدة، واحتمال فشل الغارة الجوية في تحقيق هدفها، فإن ترامب ينأى بنفسه بوضوح عن الخطوة الإسرائيلية. وكتب على موقع "تروث سوشيال": "كنت مستاءً للغاية حيال ذلك... حيال الطريقة التي سارت بها الأمور".
من جانبهم، يبدو أنّ القطريين يشعرون بالخيانة، بينما تشعر "إسرائيل" بالقلق من رد دبلوماسي محتمل. قال مصدر دبلوماسي شرق أوسطي لموقع "المونيتور" شريطة عدم الكشف عن هويته: "من المرجح أن تكشف قطر الآن جميع الطلبات المتكررة التي تلقتها من إسرائيل على مر السنين: تمويل حماس واستضافة كبار مسؤوليها والتوسط معها". وأضاف: "قد يكشف القطريون ازدواجية نتنياهو في استخدام قطر".
ووفقاً للمسؤول الأمني الإسرائيلي الكبير، عارض رئيس الموساد، ديفيد برنياع، الهجوم "في الوقت الحالي". كما رأى قائد الجيش، الفريق إيال زامير، الذي هدد علناً قبل أسبوعين "بمهاجمة قادة حماس في الخارج"، أنه من الأفضل استنفاد اقتراح ترامب وانتظار رفض حماس الرسمي قبل الهجوم. كما اعترض اللواء نيتسان ألون، الذي كان سابقاً أحد أبرز المفاوضين الإسرائيليين مع حماس، على الخطة ولم يُدعَ للمشاركة في المناقشات. وقال المصدر إن مجموعة وزراء الحكومة المعروفة باسم المجلس الوزاري الأمني المصغر لم تجتمع.
من الواضح أن نتنياهو وديرمر قررا المراهنة منفردين، وربما يكونان قد خسرا.
نقلته إلى العربية: زينب منعم.