"ذا إنترسبت": القوات الأميركية لن تغادر سوريا

قال ترامب إنّ سوريا تستحق "بداية جديدة"، لكن القوات الأميركية لن تغادر. ولا يزال أكثر من 1000 جندي أميركي موجودين على الأرض.

0:00
  • ترامب يلتقي بالشرع في السعودية
    ترامب يلتقي بالشرع في السعودية

موقع "ذا إنترسبت" الأميركي ينشر مقالاً يعرض تحولاً معقداً في السياسة الأميركية تجاه سوريا، يجمع بين إشارات إلى الانفتاح الدبلوماسي عبر رفع العقوبات، واستمرار النفوذ العسكري الأميركي في ظل شكوك وانتقادات حول جدوى هذا الوجود.

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:

أعلن الرئيس دونالد ترامب، خلال خطاب ألقاه يوم الثلاثاء في المملكة العربية السعودية، أنّ إدارته تعتزم رفع عقوبات واسعة النطاق عن سوريا.

وقال ترامب: "في سوريا، التي شهدت الكثير من البؤس والموت، هناك حكومة جديدة نأمل أن تنجح في تحقيق الاستقرار في البلاد والحفاظ على السلام". وأضاف: "سآمر برفع العقوبات عن سوريا لمنحها فرصةً لتحقيق العظمة". وأكد ترامب أنّ سوريا تستحق "بداية جديدة".

ومع ذلك، لا تشمل هذه البداية الجديدة إنهاء الاحتلال الأميركي للأراضي السورية، وفقاً للبنتاغون. ويتمركز حالياً حوالي ألف جندي أميركي في البلاد.

يعمل الجيش الأميركي في سوريا منذ سنوات عديدة كجزء من جهوده العسكرية المعقدة والمشوشة في المنطقة. ظاهرياً، تُوجد القواعد الأميركية لتنفيذ "مهام مكافحة داعش"، لكن الخبراء يقولون إنها تُستخدم أيضاً كأداة ردع ضد إيران. وقد تعرضت هذه القواعد لهجمات متكررة في السنوات الأخيرة، كما استُهدفت بالسرقات من قبل الميليشيات والعصابات الإجرامية.

في أواخر العام الماضي، أُطيح بحكومة بشار الأسد بعد هجوم سريع شنته قوات المتمردين بقيادة الرئيس السوري المؤقت الحالي، أحمد الشرع. وفي الشهر الماضي، ظهرت تقارير تفيد بأنّ الولايات المتحدة تُغلق ثلاثة من قواعدها العسكرية الثمانية الصغيرة في سوريا.

ويقول الخبراء إنّ انسحاب القوات الأميركية من عدد قليل من القواعد في سوريا أصبح الآن أمراً مُستحقاً منذ فترة طويلة، وهو ضروري لإحداث تغيير حقيقي في الاستراتيجية والسياسة المتبعة في المنطقة.

قالت روزماري كيلانيك، مديرة برنامج الشرق الأوسط في "أولويات الدفاع"، وهي مؤسسة بحثية تدعو إلى سياسة خارجية أميركية أكثر تحفظاً: "رفع العقوبات عن سوريا خطوة إيجابية، لكن العقوبات ليست السياسة الوحيدة المتبقية من عهد الأسد التي ينبغي على الولايات المتحدة إعادة النظر فيها".

وأضافت: "لا يزال أكثر من ألف جندي أميركي عالقين في سوريا دون مهمة واضحة أو جدول زمني للعودة. إنهم إرث من الحرب ضد تنظيم داعش، لكن هذا التنظيم هُزم وخسر جميع أراضيه قبل أكثر من خمس سنوات، وحان الوقت لعودة هؤلاء الجنود إلى ديارهم".

وعندما سُئل متحدث باسم البنتاغون عما إذا كانت الولايات المتحدة تخطط لسحب قواتها من سوريا، أشار موقع "ذا إنترسبت" إلى بيان صدر في نيسان/أبريل الماضي، أعلن فيه أنّ "التواجد الأميركي في سوريا" سينخفض ​​"إلى أقل من ألف جندي أميركي في الأشهر المقبلة"، لكنه لن يتوقف تماماً.

وجاء في البيان: "تواصل وزارة الدفاع الحفاظ على قدر كبير من القدرات في المنطقة، والقدرة على إجراء تعديلات ديناميكية على وضع القوات بناءً على تطور الأوضاع الأمنية على الأرض".

يوم الأربعاء، تحدث ترامب لمدة نصف ساعة تقريباً مع الشرع، الذي وصفه بأنه "شاب وجذاب". كما أشار ترامب إلى "الماضي القوي" للرئيس السوري، ووصفه بأنه "مقاتل". يُذكر أن الشرع مُصنّف إرهابياً من قِبل الحكومة الأميركية.

كما شجع ترامب الشرع على "إبلاغ جميع الإرهابيين الأجانب بمغادرة سوريا"، ومساعدة الولايات المتحدة في منع عودة ظهور داعش، والتوقيع على اتفاقيات التطبيع مع "إسرائيل"، من بين توصيات أخرى، وفقاً لبيان صادر عن السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض كارولين ليفيت على موقع "X".

لطالما كان الخوف من عودة ظهور "داعش" الحجّة الراسخة لإبقاء القوات الأميركية في سوريا. وأشار كيلانيك إلى التاريخ الحديث لأفغانستان كحجة ضد الادعاءات بأنّ الولايات المتحدة بحاجة إلى قوات برية لمواجهة أي عودة لداعش.

قال كيلانيك لموقع "The Intercept": "كانت الحجة الرئيسية ضد انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان هي أننا سنشهد عودة ظهور الإرهاب من تنظيم القاعدة أو داعش. لكن الولايات المتحدة لم تكن مستهدفة بالإرهاب من أفغانستان".

إلا أنّ الولايات المتحدة كشفت عن مؤامرات لتنظيم داعش، الذي ينشط في أفغانستان وباكستان، وفي إيران وروسيا، وحذّرت تلك الدول مسبقاً. ولا يزال بإمكاننا رصد ما يجري بفضل قدرات استخباراتية ومراقبة واستطلاعية متطورة للغاية من دون الحاجة إلى قوات برية.

كشف تحقيق حديث أجراه موقع "ذا إنترسبت" أنّ القوات الأميركية في الشرق الأوسط تعرّضت لهجماتٍ ما يقارب 400 مرة، على الأقل، منذ اندلاع الحرب بين في غزة، وفقاً لأرقامٍ صادرة عن مكتب وزير الدفاع والقيادة المركزية. ويعادل هذا هجمةً واحدةً تقريباً كل يومٍ ونصف، في المتوسط.

تشمل الضربات مزيجاً من طائرات مسيرة هجومية أحادية الاتجاه، وصواريخ، وقذائف هاون، وصواريخ باليستية أُطلقت على قواعد ثابتة وسفن حربية أميركية في جميع أنحاء المنطقة. وتصاعدت هذه الجماعات هجماتها على أهداف أميركية في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، رداً على الحرب الإسرائيلية على غزة التي تدعمها الولايات المتحدة.

ووفقاً للمتحدثة باسم البنتاغون، باتريشيا كروزبرغر، فقد "وقع نحو 200" من هذه الهجمات على قواعد أميركية. ووقع نحو 50% منها في سوريا.

وقال كيلانيك: "إن وجود هذه القوات في سوريا يعرضها لخطر الانتقام". "يبدو الأمر كما لو أننا نمنحهم رهائن ليأخذوهم إذا رأوا ذلك مناسباً، من دون وجود سبب مقنع لوجود هذه القوات هناك".

نقلته إلى العربية: بتول دياب.