"نيويورك تايمز": اضطرابات ترامب توحِّد قادة دول ضد النظام الذي تقوده الولايات المتحدة
يجتمع عشرون زعيماً، من بينهم قادة من روسيا وإيران والهند، في منتدى تنظمه بكين في إطار مساعيها لإبراز نفسها كقوة موازنة موثوقة للولايات المتحدة.
-
شي ومودي وبوتين
صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية تنشر مقالاً يتناول قمة منظمة شنغهاي للتعاون التي استضافتها الصين بمشاركة أكثر من 20 زعيماً أجنبياً، بينهم قادة روسيا والهند وإيران.
يناقش النص اجتماع القادة في إطار منظمة شنغهاي للتعاون، باعتبارها منصة لإعادة تشكيل النظام الدولي، وتقريب الدول المتضررة من السياسات الأميركية، مع السعي إلى موازنة المصالح الأمنية والاقتصادية.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:
استقبل الزعيم الصيني شي جين بينغ مجموعة كبيرة من الشخصيات الأجنبية البارزة في الصين لحضور اجتماعات يأمل أن توحد القوى الإقليمية في مظالمها المشتركة تجاه النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة وسياسات الرئيس دونالد ترامب.
يشارك فلاديمير بوتين من روسيا، وألكسندر لوكاشينكو من بيلاروسيا، وناريندرا مودي من الهند من بين 20 زعيماً أجنبياً يحضرون قمة منظمة شنغهاي للتعاون التي تستمر يومين، والتي بدأت يوم أمس الأحد في المدينة الساحلية على بُعد 90 ميلاً جنوب شرق بكين.
يُعد المنتدى جزءاً أساسياً من حملة الصين لإظهار نفسها كشريك موثوق به وقوة موازنة لعدم القدرة على التنبؤ بخطوات الولايات المتحدة في عالم متعدد الأقطاب بشكل متزايد. ويُعد حضور مودي على وجه الخصوص، وهي زيارته الأولى للبلاد منذ سبع سنوات، علامة فارقة في محاولة بكين لإصلاح العلاقات مع شريك لأميركا مؤثّر، تم عزله بسبب رسوم ترامب الجمركية.
في الوقت الحالي، يبدو أنّ المجموعة المكونة من 26 دولة "متحدة في المقام الأول في شعورها بالظلم تجاه الولايات المتحدة بدلاً من الشعور بالهدف المشترك"، كما قالت كارلا فريمان، مديرة معهد السياسة الخارجية في كلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جونز هوبكنز. وأضافت: "هذه دول كبيرة لها أجنداتها الخاصة".
في خطابه الافتتاحي يوم الإثنين، انتقد شي سياسات ترامب ضمنياً، من دون تسميته أو ذكر الولايات المتحدة، وحثّ الدول المجتمعة على إيجاد أرضية مشتركة و"معارضة الهيمنة وسياسات القوة".
كما اقترح شي تعميق العلاقات الاقتصادية للاستفادة من "السوق الضخمة" للمجموعة، بما في ذلك إنشاء بنك تنمية تابع لمنظمة شنغهاي للتعاون. وقال إنّ الصين استثمرت بالفعل 84 مليار دولار في الدول الأعضاء، وستقدم 1.4 مليار دولار أخرى كقروض على مدى السنوات الثلاث المقبلة.
لكن الاحتفالات لا تقتصر على المظهر فحسب، بل تشمل أيضاً الصفقات. سيبقى العديد من كبار الشخصيات لحضور عرض عسكري ضخم في بكين هذا الأسبوع احتفالاً بالذكرى الثمانين للنصر في الحرب العالمية الثانية. ومن المتوقع أن ينضم الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، رغم عدم حضوره في تيانجين، إلى بوتين وشي على المنصة المطلة على ميدان تيانانمن لحضور عرض يوم الأربعاء.
تأسست منظمة شنغهاي للتعاون عام 2001 على يد الصين وروسيا للتعاون في مواجهة تهديدات المتشددين في آسيا الوسطى، وقد اتسع نطاقها الاقتصادي والأمني في السنوات الأخيرة. وبجذبها قادة من مختلف أنحاء آسيا، أصبحت اجتماعاتها السنوية منصةً مهمةً لبكين وموسكو لإعادة صياغة المعايير الدولية بشكل مشترك.
وعلى الرغم من الانقسامات العميقة بين أعضائها، أسهمت سياسات ترامب غير المتوقعة في تشكيل "تحالف من الدول المتشابهة في التفكير ضد الولايات المتحدة"، كما يقول كلاوس سونغ، المحلل في معهد ميركاتور لدراسات الصين، وهو مركز أبحاث مقره برلين.
إلى جانب مجموعة "بريكس" الاقتصادية التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا ودولاً أخرى، أصبحت منظمة شنغهاي للتعاون محوراً أساسياً في رسالة بكين بأن "الغرب ليس القوة المهيمنة أو الحل الوحيد"، كما قال سونغ، معتبراً أنّها :رسالة سياسية بامتياز". وحتى لو لم يُحقق اجتماع تيانجين الكثير، يرى محللون أنّ مجرد الحضور قد يكون ذا قيمة للحكومات والقادة مثل بوتين والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان لإظهار أنهم ليسوا معزولين رغم العقوبات الغربية.
وتعهد شي يوم السبت بدعم ميانمار "لتوحيد جميع القوى السياسية المحلية قدر الإمكان واستعادة الاستقرار" في اجتماع مع مين أونغ هلاينغ، قائد الجيش في البلاد.
وقال تشو يونغبياو، الباحث في العلاقات الدولية بجامعة لانتشو شمال غرب الصين، إن المنتدى لم يُنشأ لمعارضة واشنطن، لكن سياسات ترامب التجارية والخارجية أسهمت في عدم الاستقرار العالمي الذي يدفع المجموعة إلى التقارب.
قال تشو: "هناك حالة من عدم الاستقرار الملحوظ في المنطقة وعلى الصعيد الدولي، سواء تعلق الأمر بالصراع الروسي الأوكراني أم بالوضع في الشرق الأوسط. جميع الدول تقريباً لديها الآن مخاوف أمنية متزايدة".
توسّع التكتل من ست دول في البداية إلى عشر دول كاملة العضوية. بدأ التوسع بدول على حدود الصين حيث انضمت الهند وباكستان عام 2017، لكنه امتدّ منذ ذلك الحين غرباً: أصبحت بيلاروسيا عضواً كامل العضوية العام الماضي. تركيا ومصر والمملكة العربية السعودية من بين 14 شريكاً في الحوار، بينما تُعدّ منغوليا وأفغانستان مراقبين.
كما تحوّل التركيز من أمن الحدود إلى صفقات اقتصادية أوسع نطاقاً ورؤى لنظام عالمي بديل. اختيرت تيانجين كمدينة مضيفة هذا العام جزئياً لأنها كانت رائدة في ورش عمل لوبان المدعومة من الدولة، والتي أصبحت أداةً للنفوذ الصيني في إطار مبادرة الحزام والطريق التي أطلقها شي جين بينغ بقيمة تريليون دولار للبنية التحتية والاستثمار.
تُحب الصين تأكيد نطاق منظمة شنغهاي للتعاون، فقد أبرزت وسائل الإعلام الرسمية أنّ هذه المنظمة تُمثل حوالى ربع الاقتصاد العالمي و40% من سكان العالم، لكن أعضاءها لا يزالون منقسمين بسبب خصومات طويلة الأمد لم تُحرز المؤتمرات السنوية سوى تقدم ضئيل في حلها.
يوم الأحد، أيّد شي جين بينغ طلبات العضوية الكاملة المقدمة من جارتي جنوب القوقاز، أذربيجان وأرمينيا، اللتين وقّعتا الشهر الماضي في البيت الأبيض إطاراً لتطبيع العلاقات بعد صراع استمر عقوداً.
وترفض بكين نفسها فكرة أن يتطور التجمع إلى كتلة رسمية. بل تُصوّره على أنه يُوسّع النفوذ الدولي للدول غير الغربية.
نقلته إلى العربية: بتول دياب.