"نيويورك تايمز": كانت الهند البديل الاقتصادي للصين.. لكن ترامب أنهى ذلك
لقد أدى انحراف السياسة إلى اهتزاز التحالف الاقتصادي بين الهند والولايات المتحدة ضد الصين، الأمر الذي لم يترك للهند خياراً سوى التفكير في عكس استراتيجيتها.
-
"نيويورك تايمز": كانت الهند البديل الاقتصادي للصين.. لكن ترامب أنهى ذلك
صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية تنشر مقالاً يتناول التحوّل في العلاقات الاقتصادية بين الهند والولايات المتحدة في مواجهة الصين، مع التركيز على تداعيات الرسوم الجمركية المرتفعة (50%) التي فرضها ترامب على الواردات الهندية، والتي أضعفت التحالف التجاري الذي كان يُفترض أن يشكّل جبهة ضد بكين.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:
أدى اختلال في السياسة إلى اهتزاز التحالف الاقتصادي الهندي-الأميركي ضد الصين، ما لم يترك للهند خياراً سوى إعادة النظر في استراتيجيتها.
كانت الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس ترامب، والتي بلغت 50%، بمنزلة إعلان حرب اقتصادية على الهند، إذ قوّضت الاستثمارات الضخمة التي قامت بها الشركات الأميركية للتحوط من اعتمادها على الصين.
لقد تبددت جهود الهند الدؤوبة لتقديم نفسها للعالم كأفضل بديل للمصانع الصينية، وهو ما تبنّاه كبار رجال الأعمال والممولون كجزء من استراتيجية "الصين زائداً واحداً".
والآن، وبعد أقل من أسبوع على دخول الرسوم الجمركية حيز التنفيذ الكامل، لا يزال المسؤولون وقادة الأعمال في نيودلهي، إلى جانب شركائهم الأميركيين، يحاولون فهم المشهد الذي تغيّر فجأة.
وكان مدى تغير الأمور واضحاً من زيارة رئيس الوزراء ناريندرا مودي للصين خلال عطلة نهاية الأسبوع للقاء شي جين بينغ، الزعيم الصيني الأعلى. وقد شهدت العلاقات التجارية والسياسية بين الهند والصين توتّراً حاداً في بعض الأحيان، وكانت هذه أول زيارة لمودي إلى هناك منذ سبع سنوات.
كان نهج "الصين زائداً واحداً" حاسماً لطموحات الهند الناشئة في أن تصبح قوة صناعية كبرى. وقد رأت الهند أن نمو قطاع التصنيع، وخاصة في القطاعات الراقية مثل التكنولوجيا، يعالج مشاكل مزمنة مثل بطالة الشباب. أما الآن، فإن اتباع هذا المسار من دون دعم واشنطن، وربما في ظل تنسيق أوثق مع الصين، يُنذر بأن يكون أكثر صعوبة.
لقد تسببت التعرفات الجمركية التي فرضها ترامب بالفعل في اضطراب سلاسل التوريد، وأصبحت الهند أقل جاذبية للمستوردين الأميركيين. ويمكن للشركات أن تلجأ إلى دول أخرى للحصول على تعرفات جمركية أقل، مثل فيتنام أو المكسيك. إلا أن حكماً قضائياً أميركياً صدر يوم الجمعة وأبطل التعرفات الجمركية، ولكنه أبقاها سارية في انتظار استئناف ترامب، لم يُسهم في رأب الصدع بين البلدين.
كتب أربعة اقتصاديين هنود، من بينهم كبير المستشارين الاقتصاديين السابقين لمودي، في صحيفة هندية الأسبوع الماضي: "ستقلّل صدمة ترامب من نمو صادرات الصناعات التحويلية، وستقضي حتى على البراعم الخضراء القليلة للاستثمار الخاص المرتبط باستراتيجية 'الصين زائداً واحداً'".
لا تزال الهند تطمح لأن تصبح من بين أكبر ثلاثة اقتصادات في العالم. وهي حالياً في المركز الخامس، وفي طريقها لتجاوز اليابان قريباً. إذا لم تُساعدها الولايات المتحدة، أو ما هو أسوأ من ذلك، إذا اعترضت طريقها، فلن يكون أمام الهند خيار سوى التقرب من بكين، حتى مع تمسكها بهدفها في أن تصبح منافساً صناعياً أقوى لجارتها العملاقة.
وقال سانتوش باي، من شركة دينتونز لينك ليغال للمحاماة في نيودلهي، ساخراً: "الصين زائداً واحداً، من دون الصين، أمر بالغ الصعوبة". ويُعد باي قريباً من مركز الثقل، إذ أسس مكتباً لتقديم الاستشارات القانونية للشركات من الدول الثلاث، وأضاف: "عليهم أن يتكيفوا مع اعتبار الصين جزءاً من سلسلة التوريد".
لكن العلاقات الهندية-الصينية معقدة للغاية. لدى الدولتين جيوش مصطفة بعضها ضد بعض على طول حدودهما المتنازع عليها في جبال الهيمالايا. وقد بلغت التوغلات الحدودية، التي استمرت عقداً من الزمن، ذروتها في يونيو/حزيران 2020 بقتال بالأيدي أسفر عن مقتل 24 جندياً على الأقل. لكن الصراع الاقتصادي كان يغلي بالفعل تحت السطح.
في بداية جائحة "كوفيد-19"، ومع التراجع الحاد في سوق الأسهم الهندية، شعرت الهند بالقلق عندما اكتشفت أن البنك المركزي الصيني استحوذ بهدوء على 1% من أحد أكبر البنوك الخاصة في الهند. ردت الهند بمنع العديد من أشكال الاستثمار من الصين، وفي النهاية طردت معظم رأس المال الاستثماري الصيني من الشركات التقنية الناشئة، وحظرت أكثر من 200 تطبيق صيني، بما في ذلك تيك توك.
تمتلك الصين ترسانة أكبر من الأسلحة الاقتصادية، فقد قيدت وصول الهند إلى المعادن النادرة وعشرات التقنيات الأخرى التي تحتاجها لتشغيل مصانعها.
وقال باي: "خلال السنوات الخمس الماضية، ومع حالة الجمود، قامت الصين تدريجياً بتسليح كل شيء". وأحصى 134 فئة صناعية تسيطر عليها الصين، ما خلق نقاط ضعف كبيرة لدى الهند.
لكن استخدام ترامب للسياسة الاقتصادية كسلاح وجّه ضربة أشد وطأة للشركات الهندية. وأعرب رجال الأعمال في مراد آباد، مركز الحرف اليدوية والصناعات الخفيفة على بُعد أقل من 160 كيلومتراً من نيودلهي، عن شعورهم بالخيانة.
حتى قبل زيارة مودي الدبلوماسية، كانت الهند والصين تناقشان استئناف الرحلات الجوية المباشرة بين البلدين وفتح مراكز تجارية على طول الحدود. ولم يُسفر الاجتماع في تيانجين، الصين، يوم الأحد، عن أي اتفاقيات مشتركة، لكن وزارة الخارجية الهندية قالت إنّ مودي وشي وضعا خططاً "لتوسيع العلاقات التجارية والاستثمارية الثنائية".
تتطلع الصين إلى الاستثمار في الهند، والآن، وعلى الرغم من مخاوف الأمن القومي، ستكون الهند أكثر تطلعاً إلى تدفق جديد من العملات الأجنبية مع تفكك تجارتها في السلع مع الولايات المتحدة، والتي تبلغ قيمتها 129 مليار دولار.
نقله إلى العربية: الميادين نت.