"وول ستريت جورنال": فلسطينيو غزة يواجهون خياراً صعباً.. إما الموت قتلاً أو الموت جوعاً
أدت سلسلة من حوادث إطلاق النار إلى تحويل رحلة عبور مناطق القتال إلى مواقع المساعدات الغذائية المدعومة من الولايات المتحدة و"إسرائيل" إلى رحلة مميتة.
-
حشدٌ فلسطيني يتجمّع في موقع أقامته مؤسسة غزة الإنسانية.
صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية تنشر تقريراً يتناول التكلفة البشرية الباهظة لنظام توزيع المساعدات الجديد في غزة، الذي فرضته "إسرائيل" والولايات المتحدة.
أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية:
بالنسبة للكثيرين في غزة، يُعدّ هذا خياراً يومياً مؤلماً. هل يُخاطرون برحلة عبر مناطق القتال لزيارة أحد مراكز توزيع المساعدات الأربعة العاملة في القطاع، والتي غالباً ما تشهد فوضى وعنفاً؟ أم يُحاولون البقاء 24 ساعة أخرى، أو أكثر، من دون طعام؟
انطلق أسامة، ابن محمود الطريفي، البالغ من العمر 22 عاماً، إلى مركز تابع لمؤسسة غزة الإنسانية بالقرب من معبر نتساريم، وهي منطقة تخضع لدوريات إسرائيلية تقسم غزة. قال الطريفي إنّ عائلته لم تتناول وجبة مُشبعة منذ أسابيع، وكان أسامة يُريد الحصول على أرز أو فاصوليا مجففة أو غيرها من المؤن.
لم يعد أبداً. قال الطريفي إنّ أسامة أصيب برصاصة في صدره في 24 حزيران/يونيو، بعد أن أطلقت القوات الإسرائيلية النار على حشد كبير. قال: "تلقينا اتصالاً من أحد أصدقائه يُخبرنا أن ابني جريح". أُبلغ الطريفي أنّ أسامة توفي في طريقه إلى المستشفى.
ومنذ أن بدأت منظمة الهلال الأحمر الفلسطيني، بدعم من "إسرائيل" والولايات المتحدة، في توصيل المساعدات أواخر أيار/مايو، قُتل مئات الفلسطينيين وجُرح آلاف آخرون أثناء محاولتهم الحصول على الطعام من المستودعات القليلة العاملة، وفقاً للسلطات الصحية الفلسطينية.
كثيرون، مثل أسامة، شبابٌ مستعدون لتحدي حشود الناس المتدافعة ومواجهة مخاطر جمة. فإضافة إلى المخاطر التي تشكلها القوات الإسرائيلية، تهاجم عصابات اللصوص المسلحة بالسكاكين وغيرها من الأسلحة من يتمكن من الحصول على صناديق المساعدات.
يعيش طريفي وعائلته الممتدة في غرفة واحدة مكتظة وسط غزة. قبل أن تُقرر "إسرائيل" إيصال جميع المساعدات الإنسانية تقريباً إلى غزة عبر صندوق الإغاثة الإنسانية العالمي، كان طريفي قادراً على الحصول على مواد غذائية كالحمص وزيت الطهي والعدس من وكالات الأمم المتحدة التي تمتلك مستودعات قريبة من منزله.
يقع أقرب موقع لصندوق الإغاثة الإنسانية العالمي على بُعد ميل تقريباً. انطلق أسامة مع أصدقائه في الصباح الباكر، على أمل الحصول على صندوق طعام، تُوزعه مؤسسة الإغاثة الإنسانية العالمية على كل شخص. وللوصول إلى هناك، كان على أسامة عبور ممر نتساريم العسكري، وهو منطقة محظورة على الفلسطينيين في معظم الأوقات.
قال الطريفي: "بعد ما حدث لابني، لم يعد أحد من العائلة يستلم المساعدات. لقد أصبحت مصيدة موت للشباب".
اقرأ أيضاً: "Grayzone": لقطات تكشف عن مرتزقة أميركيين يقتلون طالبي المساعدات في غزة
استمر الوضع على هذا النحو منذ أواخر أيار/مايو، بعد أن رفعت "إسرائيل" جزئياً حصاراً دام قرابة ثلاثة أشهر على دخول المساعدات والسلع التجارية إلى قطاع غزة.
يقول وسطاء عرب إنّ كيفية توزيع المساعدات في غزة تُعدّ إحدى النقاط الشائكة الرئيسية في المحادثات الجارية للتوصل إلى وقف إطلاق نار جديد. تريد حماس أن تتدفق المساعدات عبر المنظمات الإنسانية ونظام الأمم المتحدة السابق، مجادلةً بأن هذه هي الطريقة الوحيدة للحصول على الكميات اللازمة.
انتقدت حركة حماس بشدة نظام منظمة الهلال الأحمر الفلسطيني (GHF) ووصفته بالخطير، وحذرت الفلسطينيين من التعاون معه.
انتقدت أكثر من 20 دولة والأمم المتحدة الخطة المدعومة من "إسرائيل" والولايات المتحدة، لأنها تُعرّض المدنيين لخطر لا داعي له، ورفضت منظمات الإغاثة التعاون معها. ولا تزال المساعدات تصل إلى غزة عبر الأمم المتحدة، ولكن بكميات أقل بكثير.
زار ساهر الصباغ، البالغ من العمر 22 عاماً، موقعاً لمنظمة الهلال الأحمر الفلسطيني في رفح جنوب قطاع غزة بانتظام. وقال إنه شهد مشاهد فوضوية في كل مرة تقريباً. وأضاف أنه في إحدى المرات، شاهد حشداً يتدافع أمام مصابين بجروح خطيرة من جراء إطلاق النار لينضموا إلى طابور الطعام.
قال الصباغ: "رأيت رجلاً بجانبي يحتضر. لم يكن أحد ينتبه إليه، ولم يقم أحد بإبعاده أو يسأله عن حاله. وعندما عدنا من نقطة الإغاثة، رأيناه لا يزال في المكان نفسه ".
قال الصباغ إنه قام بهذه الرحلة مع إخوته الثلاثة، وعاد كلٌّ منهم حاملاً حوالى كيلوغرامين من الدقيق، وبعض المعكرونة، وبعض زيت الطهي. ورغم المخاطر، عاد بمفرده بعد أسبوعين بعد نفاد طعام العائلة.
قال: "كان عليّ أن أخاطر لأبقى على قيد الحياة". عاد ومعه كيلوغرامان آخران من الدقيق، وعلبة فاصوليا، وبعض المواد الأخرى. وأضاف: "إذا نفد هذا، سنعود إلى المجاعة".
نقلته إلى العربية: بتول دياب.