الحرب في أوكرانيا: تصعيد متسارع وتوازنات هشة على حافة الانفجار

إذا تمكّنت القنوات الدبلوماسية من ضبط الإيقاع، فقد تبقى الحرب الروسية مع الغرب في أوكرانيا ضمن حدودها الراهنة، وإن كانت كلفة ذلك ستظل عالية على المدنيين والاقتصاد الأوروبي والعالمي.

  • جنود أوكرانيون يطلقون مدفع هاوتزر على هدف روسي في منطقة دونيتسك 20 شباط 2024 (أرشيف)
    جنود أوكرانيون يطلقون مدفع هاوتزر على هدف روسي في منطقة دونيتسك 20 شباط 2024 (أرشيف)

تشهد الساحة الأوكرانية منذ أيام تصعيداً غير مسبوق يعكس انتقال الحرب الروسية-الأوكرانية إلى مرحلة أكثر خطورة، حيث تتقاطع الضربات الميدانية مع رسائل سياسية حادة، فيما يجد حلف الناتو نفسه أمام اختبار دقيق بين دعم حليفه الأوكراني وتجنّب الانزلاق إلى مواجهة مباشرة مع موسكو.

ضربات مكثفة ومعضلة زابوروجيا

خلال الأيام الماضية شنّت روسيا أوسع هجوم بالصواريخ والطائرات المسيّرة منذ أشهر، مستهدفة العاصمة كييف وعدداً من المدن الأوكرانية. الضربات أسفرت عن قتلى وجرحى، وأدخلت البلاد في موجة جديدة من الانقطاعات الكهربائية.

الأخطر أن محطة زابوروجيا النووية – الخاضعة للسيطرة الروسية – تعمل منذ أيام على مولدات الطوارئ، بعد انقطاع خطوط الكهرباء الخارجية بفعل القصف، ما يثير مخاوف من كارثة نووية محتملة إذا استمر الوضع.

الناتو تحت الضغط

التصعيد الروسي لم يقتصر على الداخل الأوكراني. فقد شهدت الأيام الأخيرة خروقات متكررة للمجال الجوي لدول عضو في حلف شمال الأطلسي، أبرزها بولندا وإستونيا ورومانيا، ما دفع وارسو إلى إغلاق مؤقت لأجوائها جنوب شرق البلاد ورفع حالة التأهب. كما تم تسجيل تحليق طائرات مسيرة قرب الدنمارك، ما اعتُبر رسالة روسية مفادها أن الحرب لم تعد حبيسة الحدود الأوكرانية.

"حائط الدرونز" الأوروبي والرد الأميركي

أمام هذا الواقع، يسعى الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو إلى تعزيز دفاعاتهما. وزراء الدفاع الأوروبيون اتفقوا مؤخراً على المضي بمشروع ما يُعرف بـ"حائط الدرونز" على الحدود مع روسيا وأوكرانيا لمواجهة الطائرات المسيرة.

أما الولايات المتحدة فقد وقّعت مع كييف صفقة أسلحة ضخمة تقدّر بنحو 90 مليار دولار تشمل صواريخ متطورة ودعماً للطيران المسيّر، ما يمنح أوكرانيا جرعة قوية من الدعم العسكري على المدى المتوسط.

تحذيرات موسكو: الرد سيكون حاسماً

في المقابل، تواصل روسيا التلويح بالخطوط الحمراء. وزير الخارجية سيرغي لافروف حذّر من أن أي "عدوان" مباشر من الناتو أو الاتحاد الأوروبي سيُواجَه بـ"رد حاسم"، مؤكداً أن بلاده ترى الدعم الغربي المكثف لأوكرانيا بمثابة تهديد مباشر لأمنها القومي. كما تحاول موسكو استثمار ورقة الانتخابات في مولدوفا، متهمة الغرب بالسعي إلى تحويلها إلى منصة للناتو.

مخاطر الانزلاق إلى مواجهة أوسع

ما يزيد الوضع خطورة هو التداخل المتصاعد بين الحرب المباشرة على الأراضي الأوكرانية وتداعياتها على الدول المجاورة. تكرار الخروقات الجوية واستخدام الصواريخ بعيدة المدى والطائرات المسيّرة، قد يجرّ الناتو إلى نشر منظومات دفاعية متقدمة على خطوط التماس، وهو ما تعتبره موسكو استفزازاً مباشراً.

في المحصلة، يقف المشهد على مفترق طرق:

إذا استمر التصعيد العسكري الروسي ورافقه دعم غربي متزايد لأوكرانيا، قد نجد أنفسنا أمام مواجهة إقليمية تتجاوز حدود أوكرانيا.

أما إذا تمكّنت القنوات الدبلوماسية من ضبط الإيقاع، فقد تبقى الحرب ضمن حدودها الراهنة، وإن كانت كلفة ذلك ستظل عالية على المدنيين والاقتصاد الأوروبي والعالمي.

ويبقى السؤال المطروح: هل نحن أمام بداية مرحلة "حرب استنزاف طويلة" بوسائل أكثر دموية وتكنولوجيا متطورة، أم أمام شرارة مواجهة مباشرة بين روسيا وحلف الناتو قد تغيّر معادلات الأمن العالمي برمّته؟

حلف الناتو يحاول التمدد باتجاه الشرق قرب حدود روسيا، عن طريق ضم أوكرانيا، وروسيا الاتحادية ترفض ذلك وتطالب بضمانات أمنية، فتعترف بجمهوريتي لوغانسك ودونيتسك، وتطلق عملية عسكرية في إقليم دونباس، بسبب قصف القوات الأوكرانية المتكرر على الإقليم.

اخترنا لك