بين إيران الحضارة والجمهورية و"إسرائيل" الاحتلال والعدوان.. كيف كان المشهد؟
رغم العدوان الإسرائيلي ومحاولات تأليب الشارع، أظهر الإيرانيون دعماً واسعاً للنظام، في مشهد صمود شعبي وردٍّ حضاري وعسكري يواجه الخطر ويعد بالثأر.
-
بين إيران الحضارة والجمهورية و"إسرائيل" الاحتلال والعدوان.. كيف كان المشهد؟
مع بدء العدوان الإسرائيلي على إيران، توجّه رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، إلى الشعب الإيراني، قائلاً: "المعركة ليست ضدكم، بل ضد نظام يظلمكم ويضعفكم"، مضيفاً أنّ هذه العملية "تهدف إلى إزالة "التهديد النووي والباليستي الذي يشكله النظام الإيراني".
وقد شكّل هذا التصريح، بكل صراحةٍ ووضوح، المخطط الإسرائيلي - الأميركي - الغربي، الذي يطمح نتنياهو وحلفائه تحقيقه من خلال هذا العدوان، والمتمثل بإسقاط النظام، عبر تأليب الشعب الإيراني على رأس النظام ومؤسسات الدولة وركائنها، بالإضافة إلى تدمير مقدّرات البلاد وبنيتها التحتية، وإنجازاتها في المجال النووي والعسكري.
لكن، وعلى عكس ما يحاول الإعلام الغربي الترويج له الآن، وخلال السنوات الماضية، عن "سخط شعبي على النظام"، فإنّ الردّ على هذا المخطط جاء من الميدان، حيث تجمّع الإيرانيون في الساحات والمدن المختلفة، وخاصةً في العاصمة طهران، وهتفوا دعماً للنظام، نافضين عنهم ركام العدوان الذي باغتهم ليلاً، غير مكترثين بالصواريخ التي تمرّ من فوقهم، ورافعين أعلام الجمهورية الإسلامية، وقائد ثورتها، السيد علي خامنئي، وصور الشهداء القادة الذين اغتالتهم "إسرائيل".
خروج حشود من المواطنين إلى الشارع في العاصمة الإيرانية #طهران، مردّدين هتافات من بينها "الموت لـ "إسرائيل"".#الميادين #إيران pic.twitter.com/zu5CpI3vLq
— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) June 13, 2025
"الانتقام لا غير"، "اليوم نحن خلف القيادة، ولن نسمح بسقوط العلم الإيراني"، "الموت لإسرائيل"، "الموت لأميركا"، تمثل جزءاً من العبارات التي رددها عدد كبير من الإيرانيين من مختلف الساحات، في مشاهد موثّقة بالصوت والصورة، وفي تحدٍ ومواجهةٍ واضحتين، ومطالبة بالرد القوي والساحق على كل من يريد أن يعبث ببلادهم، حتى لو أدى ذلك إلى الحرب.
"اليوم نحن خلف القيادة، ولن نسمح بسقوط العلم الإيراني."
— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) June 14, 2025
أحد المواطنين الإيرانيين لـ #الميادين #الوعد_الصادق_٣ @TarrafBissan pic.twitter.com/fdMUZOYBQP
تظاهرات في إيران دعماً للنظام وللمطالبة برداً قوي وساحق على الكيان الاحتلال الإسرائيلي#إيران pic.twitter.com/qOyVNYbw7Y
— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) June 13, 2025
كذلك، خرج أهالي ياسوج ومشهد وقم في تظاهرات داعمة للبلاد، ومنددّة بالعدوان الإسرائيلي، فيما كان لافتاً رفع الراية الحمراء في مسجد جمكران، وهي راية الأخذ بالثأر.
تظاهرات أهالي ياسوج ومشهد وقم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي#إيران #الميادين pic.twitter.com/nx7iXP0zL4
— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) June 13, 2025
"العين بالعين"
وفي هذا السياق، نقلت وكالة "أسوشيتد برس"، عن أحد المواطنين قوله: "سنلاحقهم ونعاقبهم.. العين بالعين"، متسائلاً: "قتلت إسرائيل قادتنا، فماذا ينتظرون في المقابل؟ قبلة؟"
كما قالت مواطنة إيرانية أخرى: "يجب على أحدهم أن يوقف الإسرائيليين، فهم يعتقدون أنهم يستطيعون فعل ما يريدون في أي وقت"، لكن "أيران أثبتت أنّهم مخطئون".
كما قال أحد المواطنين على حسابه في منصّة "إكس": "ظنّوا أنّ الإيرانيين سيحتجّون على الحكومة بضربهم ببعض الصواريخ والقنابل، وأعدّوا أنفسهم للمجيء والحكم، لكننا لسنا مشرّدين مثلكم، نُدفن بشرف في وطننا، لكننا لا نبيع أرضنا"، في إشارة إلى المستوطنين الإسرائيليين.
خداییش این چهارپایان سطلی و برعندازهای گوسفند فکر کردند مردم با چند تا موشک و بمب می ریزند بیرون و علیه حکومت تظاهرات می کنند و خودشان را آماده کردند بیایند حکومت کنند.
— 🇮🇷چو ایران نباشد تن من مباد🇮🇷 (@Iran_e_aziz) June 14, 2025
ما مثل شماها بیوطن نیستیم. ما با افتخار در وطن به خاک سپرده می شویم ولی خاکمان را نمی فروشیم. pic.twitter.com/YmexEmB9a0
ومن الميدان إلى المباريات الرياضية، حيث أدّى المنتخب الإيراني للكرة الطائرة التحية العسكرية خلال الردّ الإيراني على العدوان الإسرائيلي.
فيديو | بالتزامن مع الردّ الإيراني على العدوان الإسرائيلي، أدّى المنتخب الإيراني للكرة الطائرة التحية العسكرية#إيران #فلسطين_المحتلة pic.twitter.com/WdJkdwJT8m
— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) June 14, 2025
جداريات تتوعّد "إسرائيل" بالرد
وبالتزامن مع ذلك، انتشرت جداريات في شوارع طهران، تتوعّد "إسرائيل" بالرد القادم. ومن بين هذه الجداريات لوحةٌ مُعلق على جانب مبنى، كُتب عليها باللغتين الفارسية والعبرية: "ابحثوا عن ملاجئ بين الأنقاض".
-
جدارية معادية لـ"إسرائيل" مكتوب عليها "ابحثوا عن مأوى تحت الأنقاض" معلقة على مبنى في ساحة فلسطين في طهران - 14 حزيران/يونيو 2025 (أ ف ب)
كما انتشرت صور لجدارية أخرى وقد كُتب عليها، باللغتين الفارسية والعبرية أيضاً: "إنّا سنفاجئهم في منتصف الليل، سنهجم عليهم كالنسور، النسور السريعة التي لا تفرق بين الليل والنهار"، في توعّد للرد والانتقام من كيان الاحتلال.
-
جدارية في طهران كُتب عليها: "إنّا سنفاجئهم في منتصف الليل، سنهجم عليهم كالنسور، النسور السريعة التي لا تفرق بين الليل والنهار" - 14 حزيران/يونيو 2025
ويُذكر هنا أنّ الإيرانيين دائماً ما يوجّهون رسائل للداخل والخارج، ويعبّرون عن توجهاتهم وآرائهم، عبر جداريات ضخمة في الشوارع والساحات، وهي خطوة تكتسب أهمية، في الأحداث المستجدة، مثل العدوان الإسرائيلي على البلاد، حيث لجأ الإيرانيون فوراً إلى تصميم هذه الجداريات للتوعدّ بالرد والانتقام من "إسرائيل"، والدفاع عن أرضهم.
"إسرائيل" مقابل إيران: خوف ورعب وترقب
لكن في مقابل مشاهد الصمود والدعم للبلاد ونظامها وسيادتها ومقدّراتها وكرامتها، التي جاءت من إيران، انتشرت مشاهد الخوف والقلق من الداخل الإسرائيلي.
فمع الصواريخ الإيرانية التي هزّت "تل أبيب" ومستوطنات إسرائيلية أخرى، ودويّ صفارات الإنذار طوال الليلة الماضية، هرع المستوطنون إلى الملاجئ والأماكن المحصّنة، فيما الحديث في الإعلام الإسرائيلي كان عن مشاهد صعبة وقاسية وغير مسبوقة من الدمار والقتلى والجرحى.
"كان الانفجار هائلاً... لحظات مرعبة بالفعل"
— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) June 14, 2025
ردود فعل المستوطنين بعد استهداف #إيران "تل أبيب" بأربع دفعات من الصواريخ#الميادين #الوعد_الصادق_3 pic.twitter.com/MCPzb5ZiMl
فبطبيعة الحال، لا يُقارن الصمود الإيراني النابع من شعب متأصّل ومتجّذرٍ في بلاد ذات حضارة عريقة، وجغرافيا ممتدة، وثقافة غنيّة، بكيانٍ غاصب ودخيل طرأ على المنطقة بدعم أميركي وغربي، مؤلف من مجموعة مستوطنين ليس لهم بفلسطين المحتلة أي صلة أو جذور، تسرق حضارة وثقافة المنطقة وينسبونها إليهم، وتعيش على القتل والتدمير والإبادة، للحفاظ على وجودههم في أرضٍ ليست لهم، ولن تكون.
إيران الحضارة والدولة والجمهورية
تُعرف إيران بتاريخها الغني في الفلسفة، والعلوم، والفنون، وقد احتفظت بهويتها الثقافية رغم التحديات، وهي تقع في قلب منطقة غرب آسيا، وتتمتع بموقع استراتيجي مهم جداً، ممّا يجعلها لاعباً رئيسياً في السياسة الإقليمية والدولية، الأمر الذي يدفعها نحو الدفاع عن أمنها القومي المرتبط ارتباطاً وثيقاً بالاستقرار الإقليمي، خاصةً في مواجهة التحديات من مثل "إسرائيل" والولايات المتحدة.
وهي في سبيل ذلك، وعلى الرغم من العقوبات القاسية والظالمة والمتصاعدة، المفروضة عليها منذ نحو 46 عاماً، استطاعت أن تطور قدراتها النووية والعسكرية والطبية والتكنولوجية، وأن تقف، بقدراتها هذه، وبصواريخها المصنّعة محلياً، في وجه السياسات الغربية والمخططات الاستعمارية في المنطقة.
يعي الشعب الإيراني، حتى جزء من المعارضين منهم للنظام، هذا الواقع المليء بالتحديات والمخاطر التي تواجه البلاد وإنجازاتها التي راكمتها على مدى سنين، والتي تشكّل ركناً أساسياً من قوة الدولة وتأثيرها في المنطقة، لذلك، ظهر جلياً كيف أنّ الرأي الشعبي العام في إيران تجاه "إسرائيل" يتّسم بالعداء السياسي والثقافي للاحتلال الإسرائيلي، مع دعم واسع للقضية الفلسطينية واستعداد لمواجهة عسكرية متى لزم الأمر من دون مساومة، للدفاع عن إيران الحضارة والدولة والجمهورية.
بينما في المقابل، يُدرك مستوطنو كيان الاحتلال أنّ وجود كيانهم قائم على التوسع الاستيطاني، والحروب والقتل والإبادة، ونشر الخراب والفوضى في المنطقة، وهو ما يفتقر لأي إنجاز أو تاريخ يمكن الدفاع عنه أو التمسك به.