مفترق شرم الشيخ، إيران بين المشاركة والمقاطعة

بين المشاركة والمقاطعة، تبقى النتيجة واحدة: إيران حاضرة في المعادلة سواء جلست إلى الطاولة أم لم تجلس، وحضورها القوي إقليمياً هو حقيقة لا يمكن تجاوزها.

  • مفترق شرم الشيخ، إيران بين المشاركة والمقاطعة
    مفترق شرم الشيخ، إيران بين المشاركة والمقاطعة

الدعوة الأميركية الموجهة إلى إيران للمشاركة في قمة شرم الشيخ أثارت جدلاً واسعاً داخل الأروقة السياسية في ظل حساسية اللحظة الإقليمية على خلفية الاتفاق في غزة.

وبين خيار المشاركة أو المقاطعة تتباين الرؤية الإيرانية بين ما يمكن كسبه دبلوماسياً وما قد يفقد سياسياً.

تعد مشاركة إيران في القمة خطوة قد تحمل في طياتها مكاسب سياسية، فهي أولاً تفتح قناة تواصل شبه مباشرة مع الولايات المتحدة بعد سنوات من التوتر وصولاً إلى الحرب الأخيرة التي دامت اثني عشر يوماً وقد تسهم في خفض منسوب التصعيد في ملفات معقدة مثل البرنامج النووي وغيرها من الملفات الإقليمية.

كما أن الحضور يمنح طهران فرصة لتأكيد دورها الإقليمي كلاعب أساسي في ميزان القوى، كما يساعد في تطبيع العلاقات بين طهران والقاهرة بشكل رسمي.

في المقابل، تنطوي المشاركة على جملة من المخاطر والتحديات، إذ قد تفسر الخطوة على أنها شكل من أشكال التطبيع غير المباشر مع واشنطن، ما قد يثير اعتراضات داخلية واسعة في إيران.

كما أن وجود إيران على طاولة واحدة مع دول ترى فيها تهديداً مباشراً قد يضعف موقفها التفاوضي، وفي حال اقتصرت القمة على بيانات شكلية من دون نتائج ملموسة ستبدو المشاركة بلا جدوى وستكون الولايات المتحدة المستفيد الأكبر من حضور إيران في شرم الشيخ.

من جهة أخرى، يمكن أن تشكّل المقاطعة رسالة واضحة على تمسك إيران بموقفها المبدئي الرافض للسياسات الأميركية في المنطقة وتجنبها الدخول في ترتيبات قد تراها منحازة ضد مصالحها.

غير أن لهذا الخيار أيضاً كلفته السياسية فعدم المشاركة يفوت فرصة للتأثير المباشر في النقاشات الإقليمية.

والأهم من ذلك أن غياب إيران عن القمة قد يفسر على أنه ابتعاد عن مسار الأحداث في غزة ويوحي بأن ما قامت به المقاومة كان بمعزل عن دعمها ما قد يضعف صورتها في المنطقة.

ومع ذلك، لا يمكن تجاهل أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يسعى إلى استثمار القمة سياسياً لتقديم صورة انتصار يسوقها داخلياً وخارجياً.

لذلك، فإن المقاطعة تبدو انسجاماً مع نهج إيران الرافض لأي حضور يستخدم لتجميل السياسات الأميركية في المنطقة.

في ضوء هذه المعطيات، يمكن القول إن لكل خيار أبعاده ومكاسبه الخاصة لإيران فالمشاركة تمنحها فرصة لتثبيت حضورها الدولي وتأكيد دورها الإقليمي عبر الحوار بينما تمنحها المقاطعة قوة الموقف واستقلال القرار ورفض الإملاءات الخارجية.

وبين المشاركة والمقاطعة، تبقى النتيجة واحدة: إيران حاضرة في المعادلة سواء جلست إلى الطاولة أم لم تجلس، وحضورها القوي إقليمياً هو حقيقة لا يمكن تجاوزها.

اقرأ أيضاً: مصر تستضيف قمة دولية بشأن غزة غداً بحضور 20 زعيماً بينهم دونالد ترامب

اخترنا لك