"حرب الـ12 يوماً" على إيران: ما الذي دار في "الكابينت"؟

بروتوكولات "حرب الـ12 يوماً" تكشف كيف اتخذت "إسرائيل" قرار مهاجمة إيران تحت غطاء أميركي، وسط خداع واسع وضربات دقيقة، من دون تحقيق إسقاط النظام أو إنهاء البرنامج النووي.

  • "حرب الـ12 يوماً" على إيران: ما الذي دار في "الكابينت"؟

في أيلول/سبتمبر 2025، أخرجت "إسرائيل" إلى العلن واحدة من أكثر الوثائق حساسية في تاريخ الكيان: بروتوكولات جلسات المجلس الوزاري المصغّر للشؤون الأمنية والسياسية "الكابينت"، التي سبقت ورافقت الحرب على إيران.

وثائقي "12 يوماً في حزيران" الذي عرضته "القناة 13" قدّم للجمهور الإسرائيلي رواية موسّعة عن العدوان على إيران وبرنامجها النووي. وكشفت المحاضر المسرّبة هواجس القيادة، وحدود قوتها، وقناعة راسخة بأنّ "إسرائيل" لا يمكنها التحرّك من دون الولايات المتحدة.

بنى رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، طوال سنوات حكمه، حياته السياسية على "الخطر الإيراني"، قبل "طوفان الأقصى" عام 2023 وبعده. وفي المداولات التي سبقت العدوان، تبلورت قناعة لدى نتنياهو وفريقه بأنّ طهران تقترب من العتبة النووية وأنّ "نافذة العمل" تضيق.

في الجلسة الحاسمة يوم 12 حزيران/يونيو 2025، قبل أربع ساعات من انطلاق الطائرات، افتتح نتنياهو النقاش في السرداب السري المعروف باسم "هيلا" تحت جبال القدس، عارضاً أسباب ضرورة التحرّك. قدّم الحرب باعتبارها معركة وجودية مزدوجة: تهديد نووي متراكم، وبرنامج صاروخي باليستي يقترب من إنتاج 300 صاروخ شهرياً. وقال بحسب المحضر المسرّب: "نحن في لحظة تاريخية. إذا لم نوقفهم، بعد سنوات سيصلون إلى عشرات آلاف الكيلوغرامات من المواد المتفجّرة.. إذا لم نعمل فلن يبقى لنا وجود".

منذ البداية، لم يكتفِ بهدف "إرجاع البرنامج إلى الوراء"، بل أعلن أنّ "النظام يجب أن يسقط"، واعداً الوزراء بأنّ الحرب ستغيّر البيئة الاستراتيجية. وختم قائلاً: "ليكن الله في عوننا".

قدّم نتنياهو العملية كجزء من تنسيق مباشر مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ونائبه جي دي فانس، ووزير الدفاع بيت هيغسيث، ورئيس الأركان الأميركي، ومدير "السي آي إيه"، إضافة إلى المبعوث ستيف ويتكوف.

قبل إقرار الهجوم، نقل رئيس مجلس الأمن القومي وقتذاك تساحي هنغبي تفاصيل لقاء نتنياهو بترامب فور تنصيبه. وبحسب هنغبي، وافق نتنياهو للرئيس الأميركي على خيار تفاوضي قد يفكّك البرنامج النووي، لكنه أبلغه أنّ "الإيرانيين ملوك الاحتيال". وقال: "إذا استطعت تحقيق الأهداف دبلوماسياً ممتاز، وإذا لم يحدث فسأمضي قدماً".

أصرّت واشنطن على مهلة 60 يوماً لطهران. وخلال ذلك، حاول نتنياهو إقناع البيت الأبيض بأنّ إيران "تراوغ".

الخداع العملياتي والإعلامي

ناقش "الكابينت" كيفية خداع إيران. فسرّب مكتب نتنياهو خبراً عن لقاء مزعوم بين الموساد ومفاوضين أميركيين لإيهام الإيرانيين بأنّ الأمور تسير نحو حلّ. كما أُعلن عن جلسة وهمية للـ"كابينت" لبحث ملف الأسرى، فيما كان القرار الحقيقي هو إطلاق الحرب.

على الأرض، نُقلت عائلات الوزراء إلى مواقع محصّنة بذريعة "تهديدات أمنية". وفي الجو، نفّذ سلاح الجو سلسلة تحرّكات روتينية لإغراق الرادارات الإيرانية بإشارات مضلّلة.

الاستهداف الكبير: "الزفاف الأحمر"

بحسب العقيد "أ"، رصدت "إسرائيل" تحرّك رئيس قوة الجو–فضاء الإيرانية، الجنرال أمير حاجي زاده، إلى مقر قيادة سرّي. أجّلت "إسرائيل" الضربة نصف ساعة كي يصل إلى الهدف. عندما حاول مغادرة الموقع ظنّاً أن ما يجري مجرّد مناورة إسرائيلية، نفّذت الطائرات حركة خداع أجبرته على البقاء، وهي المهلة الكافية لوصول القنابل. تمّت تصفية حاجي زاده وكامل قيادة الذراع الجو–فضاء في لحظات.

بالتوازي، نُفّذت عملية "نارنيا" لتصفية "خبراء المحتوى النووي" في شقق ومكاتب محدّدة بدقة متناهية.

ضرب الدفاعات والشلل القيادي

مع الفجر، دُمّرت بطاريات "أس–300" ومراكز إنتاج الصواريخ. وتأخّر الردّ الإيراني عدة ساعات ثم ليوم كامل، ما فسّره هنغبي بـ"الشلل القيادي" نتيجة استهداف سلسلة القيادة والسيطرة.

التقديرات تحدّثت عن احتمال إطلاق 1900 صاروخ خلال شهر، لكنّ الأرقام النهائية كانت نحو 530 صاروخاً و30 قتيلاً إسرائيلياً، مع دمار كبير في أحياء، أبرزها حادثة بات يام.

أشارت البروتوكولات إلى وجود قوات كوماندوس إسرائيلية في "عمق الشرق الأوسط" لدعم العمليات الجوية. وتعمّدت القيادة ترك الصياغة مبهمة، فيما تحدّث رئيس الأركان عن "تكامل بين القوات الجوية والقوات الخاصة" منح "الجيش" حرية حركة حاسمة.

فوردو واللحظة الأميركية

بقيت منشأة فوردو عصيّة على الضربات الإسرائيلية. وقدّمت التقديرات بأنّ إيران تنتظر ضربة أميركية على فوردو أو حتى على المرشد. وبعد تسعة أيام، أبلغ ترامب نتنياهو بأنّ سلاح الجو الأميركي سيشارك بقاذفات "بي–2" وقنابل خارقة للتحصينات في ضرب فوردو ونطنز وأصفهان.

عند هذه اللحظة، تحوّلت الحرب إلى عملية مشتركة إسرائيلية–أميركية. وانقسم "الكابينت" بين دعاة التوسّع لضرب النظام وبين الداعين لإغلاق سريع للحملة. لكنّ قرار ترامب بفرض وقف إطلاق النار بعد 12 يوماً حسم المسار.

انتهت الحرب من دون إسقاط النظام الإيراني أو القضاء على البرنامج النووي بالكامل، لكنّ القيادة الإسرائيلية قدّمتها للجمهور باعتبارها "إزالة تهديد وجودي مؤقت"، مع إدراك أنّ المواجهة المقبلة ليست سوى مسألة وقت.

اقرأ أيضاً: الحرب على إيران - الرهان الخائب.. هل انكسرت "مطرقة منتصف الليل"؟

"إسرائيل" تشن عدواناً على الجمهورية الإسلامية في إيران فجر الجمعة 13 حزيران/يونيو يستهدف منشآت نووية وقادة عسكريين، إيران ترد بإطلاق مئات المسيرات والصواريخ التي تستهدف مطارات الاحتلال ومنشآته العسكرية.

اخترنا لك