دبرزيت.. مدينة البحيرات السبع وجوهرة السياحة في إثيوبيا

تُعرف دبرزيت أو "بيشوفتو" بمدينة البحيرات السبع، وجهة سياحية مميزة قرب أديس أبابا تجمع بين الطبيعة الخضراء، المشاريع السياحية الحديثة، والأساطير التاريخية. وتتميز بكونها مركزاً للتجارة، الزراعة، والبحث العلمي، ما يجعلها مدينة سياحية وثقافية بامتياز.

0:00
  • دبرزيت.. مدينة البحيرات السبع وجوهرة السياحة في إثيوبيا
    دبرزيت.. مدينة البحيرات السبع وجوهرة السياحة في إثيوبيا

تُعَدّ مدينة دبرزيت، الواقعة شرق العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، ببحيراتها السبع، من المدن السياحية البارزة في البلاد. فهي وجهة مفضلة للسياح الأجانب والزوار المحليين على حد سواء، إذ تمثل المحطة الأولى للقادمين إلى إثيوبيا نظراً لقربها من العاصمة وسهولة الوصول إليها. كما يقصدها السكان المحليون في أيام العطل والأعياد المختلفة، لما توفره من جمال طبيعي وهدوء يميزها عن غيرها. 

يُضفي مناخها الدافئ وهدوؤها أجواءً مثالية للزائرين، خاصة أنها أكثر دفئاً من العاصمة أديس أبابا. يضاف إلى ذلك طبيعتها الغنية بالخضرة الدائمة، وتعدد منابع المياه فيها، وانتشار الزهور الطبيعية ذات الأشكال المتنوعة.

ويطلق عليها السكان المحليون اسم بيشوفتو (Bishoftu) بلغة الأورومو، وهم السكان الأصليون للمنطقة. تقع المدينة على بعد 43 كيلومتراً جنوب شرقي العاصمة أديس أبابا، وتتبع إدارياً لإقليم أوروميا، أكبر أقاليم إثيوبيا. وتتميز بمناخ دافئ مع هطول أمطار متقطعة طوال العام.

تشتهر دبرزيت بوجود سبع بحيرات داخلها، لا يُعرف تاريخ تكوّنها على وجه التحديد. وهي موزعة على مسافات متفاوتة بين التلال الخضراء المحيطة بالمدينة. وتحمل هذه البحيرات أسماء: بيشوفتو، وكروفتو، واليكلاكتا، وبابوقايا، وجودا، وهورا، وريزورت. مياهها عذبة، ويؤكد أهالي المنطقة أن لا حدود لعمقها، إذ يُشاع أن مياهها جميعاً تلتقي في باطن الأرض برغم المسافات التي تفصل بينها. ويقدّر بعضهم عمقها بما يصل إلى 85 متراً.

مشاريع سياحية

عملت الحكومة الإثيوبية، بالتعاون مع القطاع الخاص، على إقامة مشاريع سياحية متكاملة، تضمنت منتجعات وفنادق فاخرة تستهدف الأفراد والشركات والجهات الباحثة عن الهدوء لعقد اجتماعاتها أو إنجاز أعمالها، إلى جانب ملاهٍ للأطفال والأسر.

بعض البحيرات، مثل بيشوفتو، غنية بالأسماك الصغيرة والمتوسطة، ما يجعلها مقصداً للصيادين الذين يمدون مطاعم المنطقة بالأسماك الطازجة. وتُقدَّم هذه الوجبات كجزء من التجربة السياحية الفريدة. وتضفي الطيور البرية، مثل البط والوز وطيور "أبو مركوب" ذات المناقير الطويلة، حيوية على المشهد الطبيعي وهي تتنقل بين مياه البحيرات.

وتُعدّ بحيرتا بيشوفتو وكروفتو الأكثر شهرة بين البحيرات السبع، إذ حظيتا باستثمارات حكومية وخاصة ضخمة جعلت منهما منتجعات سياحية بارزة. ويشير الأهالي إلى أن بعض الأثرياء وزعماء دول أفريقية يمتلكون فللاً ومنتجعات خاصة على ضفافهما، كما أن وزراء العهد الإمبراطوري السابق امتلكوا مساكن ومنتجعات هناك قبل أن تُصادر منهم في عهد منغستو هيلا مريام.

وتضم المنتجعات المحيطة بالبحيرات حدائق مصممة بعناية عالية، تعكسها مياه البحيرات الساكنة. كما تحتوي على مطاعم ومقاهٍ متنوعة، وفنادق راقية، وغرف استجمام، وقاعات اجتماعات، فضلاً عن مرافق حديثة تُلبّي مختلف احتياجات الزوار، وتجمع بين الطابع العصري والتقليدي.

أساطير من بحيرة هورا

بحيرة هورا، وهي إحدى البحيرات السبع في دبرزيت، تتميز بمياهها الزرقاء الهادئة التي ارتبطت بعدد من القصص والأساطير التي يتناقلها الأهالي. يقول فضلو ورقي أباتي (65 عاماً)، وهو من سكان دبرزيت، إن للبحيرة تاريخاً غريباً ارتبط بالإمبراطور هيلا سيلاسي، الذي كان يقيم على شاطئها احتفالات وطقوساً غامضة انطلاقاً من كنيسة هورا.

ويوضح أن قساوسة الإمبراطور وكهنته المقربين كانوا يقنعونه بذبح الخراف والأبقار السوداء في مناسبات محددة، وإلقاء لحومها في مياه البحيرة درءاً للمصائب أو تقرباً إلى قوى غيبية يربطها الأهالي بالشيطان. كما كان يتم سكب زجاجات خمر باهظة الثمن في مياهها كجزء من تلك الطقوس.

حكم هيلا سيلاسي إثيوبيا بين عامي 1930 و1974، وكان ملكاً مهاباً عمل على توسيع نفوذ الكنيسة الأرثوذكسية على حساب المسلمين الذين تعرضوا للاضطهاد خلال فترة حكمه. وبعد الانقلاب العسكري بقيادة منغستو هيلا مريام، عُزل الإمبراطور وقُتل ودُفن في حمام القصر الرئاسي. وبعد سقوط النظام الشيوعي، أعاد النظام الفيدرالي بقيادة ملس زيناوي الاعتبار للإمبراطور، ونُقلت رفاته إلى المقبرة الملكية في أديس أبابا.

وبرغم انتهاء تلك الطقوس بنهاية عهد هيلا سيلاسي، ما زالت بحيرة هورا وكنيستها القريبة منها موقعاً لاحتفالات قومية الأورومو في مهرجان "أريتشا"، الذي يُقام سنوياً في تشرين الأول/أكتوبر احتفاءً بنهاية موسم الأمطار.

دبرزيت وممر التجارة

تُمثل دبرزيت بداية الطريق إلى مدينة نزريت (الميناء البري لإثيوبيا) الذي يربط أديس أبابا بميناء جيبوتي على البحر الأحمر، وهو من أهم الممرات البحرية الاستراتيجية. ويُعد الطريق الرابط بين أديس أبابا ونزريت، مروراً بدبرزيت، شرياناً تجارياً رئيسياً لنقل البضائع.

هناك طريقان أساسيان: الطريق القديم الذي يمر عبر كاليتي وأكاكي ودكم، والمعروف بوجود عدد من المصانع والمخازن، والطريق السريع الجديد الذي يقصر المسافة بين أديس أبابا ونزريت عبر دبرزيت. وكلاهما يُستخدم بكثافة من قبل الشاحنات والسيارات التجارية.

وتُعتبر دبرزيت محطة استراحة للسائقين والمسافرين، لما توفره من خدمات سياحية وتجارية. وتضمّ المدينة أحياء عدة مثل بهروا، دبوقايا، بيش، كروفتو، وريزورت، واليكلاكتا، ومنهاريا، إلى جانب وسط المدينة الذي يجمع بين الطابع التقليدي والحديث.

تتنوع وسائل النقل داخل المدينة بين الحافلات الصغيرة وسيارات الأجرة والعربات التقليدية التي تُعرف باسم "القاري" والمشابهة للحنطور. أما "الباجاج" الهندية ذات العجلات الثلاث، فهي وسيلة النقل الأكثر شيوعاً، لما توفره من سهولة في التنقل داخل الشوارع والأزقة.

زهور الطرقات

تتميز دبرزيت ببيئة زراعية خصبة جعلتها مقصداً للعلماء والباحثين. فهي تحتضن مركز البحوث الزراعية التابع للدولة، الذي يضطلع بدور أساسي في تطوير البذور ومكافحة الآفات الزراعية، بالتعاون مع جامعة أديس أبابا.

ويُلاحظ في المدينة التنوع الكبير لأنواع الزهور ونباتات الزينة، التي تنتشر في الطرقات والمنازل. وقد تحوّلت تجارة الزهور إلى نشاط اقتصادي مزدهر، يمدّ العاصمة أديس أبابا والمدن الأخرى بما تحتاجه من نباتات وزهور.

اخترنا لك