مواد مُخدّرة في الطحين.. المساعدات القاتلة تفجّر الغضب الشعبي في غزة
أعلن المكتب الإعلامي في غزة عن العثور على حبوب مخدّرة داخل أكياس طحين من المساعدات الإنسانية، ما فجّر موجة غضب واتهامات باستخدام الغذاء كسلاح ناعم لتدمير المجتمع.
-
مواد مُخدّرة في الطحين.. المساعدات القاتلة تفجّر الغضب الشعبي في غزة
في سابقة خطيرة تعمّق منسوب الشك في نوايا الاحتلال، وتفتح الباب أمام تساؤلات أخلاقية وأمنية حسّاسة، أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة عن عثور عدد من المواطنين على حبوب مخدّرة من نوع "أوكسيكودون"(Oxycodone) داخل أكياس الطحين المقدّمة ضمن المساعدات الإنسانية، والتي تُوزَّع عبر ما بات يُعرف محلياً باسم "مراكز مصائد الموت" في جنوب ووسط القطاع.
وبينما يعاني أكثر من 2 مليون فلسطيني في غزة من الحصار والجوع وانهيار المنظومة الصحية والاجتماعية بسبب الحرب المتواصلة منذ أكثر من 9 أشهر، فتح هذا الحدث الباب على مصراعيه أمام اتهامات باستخدام المساعدات كسلاح ناعم لتهشيم المجتمع من الداخل، عبر نشر الإدمان وتفكيك ما تبقى من الصمود الشعبي.
بحسب الروايات المتطابقة التي وثّقها المكتب الإعلامي، فقد أبلغ مواطنون من مخيمات دير البلح والبريج عن عثورهم على كبسولات وأقراص دوائية داخل أكياس طحين أميركية المنشأ، فيما أظهرت الصور المتداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي نوع الحبوب الذي يستخدم عادةً كمخدر قوي لتسكين الآلام، وقد يؤدي إلى الإدمان الشديد عند استخدامه من دون وصفة أو رقابة طبية. وأشار المكتب في بيانه إلى احتمالية مزج هذه المواد داخل الطحين نفسه بشكل مطحون غير مرئي، ما يزيد من خطورتها ويجعل اكتشافها شبه مستحيل في بعض الحالات.
هذا الكشف أثار عاصفة من الغضب الشعبي عبر منصات التواصل الاجتماعي، إذ رأى كثيرون أن ما جرى "جريمة مزدوجة" بحق شعب يعاني أصلاً من المجاعة ونقص المواد الأساسية، بينما تتدفق إليه مساعدات ملوثة بالمخدرات بدل الغذاء. آخرون اعتبروا الأمر محاولة ممنهجة لتفكيك المجتمع الغزي، وبثّ سموم السيطرة والإفساد وسط بيئة شابة محطّمة نفسياً وجسدياً.
ويُعد هذا العقار من أقوى أنواع المسكنات الأفيونية، ويُستخدم لتخفيف الآلام الشديدة والمزمنة مثل آلام السرطان أو ما بعد العمليات الجراحية الكبرى؛ ومع ذلك، فإن تركيز 80 مليغرام يُعتبر شديد القوة ولا يُعطى إلا للمرضى الذين تعوّد جسمهم على الأفيونات بجرعات أقل، لتجنب خطر التسمم أو الوفاة، وفق ما وصفه ناشطون.
لم تمرّ واقعة العثور على أقراص مخدّرة داخل أكياس طحين المساعدات الأميركية مرور الكرام على سكان قطاع غزة، الذين يعيشون تحت سيف المجاعة والحصار. فما إن انتشرت صور الأقراص التي وُجدت داخل أكياس الطحين في مناطق مختلفة من القطاع، حتى تفجّر الغضب الشعبي عبر منصات التواصل الاجتماعي، وتدفقت تعليقات المواطنين والنشطاء والمدونين محمّلة برسائل الاتهام والتساؤلات.
رأى مواطنون أن ما جرى لا يمكن اعتباره حادثاً عارضاً أو خطأ تعبئة، بل هو "جريمة ناعمة" موجهة بدقة إلى مجتمع يعاني من الإنهاك والتجويع. كتب أحد المغردين أن "أثناء فتح أحد أكياس الطحين المسروقة التي تُباع في الأسواق، عُثر على أقراص Oxycodone 80mg المخدّرة، مغلّفة بالقصدير، هذا النوع يُستخدم فقط تحت إشراف طبي صارم لعلاج مرضى السرطان والآلام المزمنة، فكيف وصل إلى غذاء الجائعين؟ من الجهة التي تُهرّب هذه المواد إلى أفواه الفقراء؟".
فيما اتهم آخر، يُعرّف نفسه كـ"مدوّن طبي"، جهات دولية بمحاولة تفكيك النسيج المجتمعي من الداخل، وكتب أن "حبوب الأوكسيكودون بتركيز 80 ملغ تُعد من أقوى الأفيونات الصناعية، وتُعطى فقط لمرضى اعتادوا على جرعات سابقة أخف، لخطورة أعراضها الجانبية التي قد تصل إلى الوفاة"، مؤكداً أن وجودها داخل الطحين يهدد بـ"كارثة صحية جماعية".
واتسعت رقعة الغضب لتشمل البعد الأخلاقي والسياسي، حيث قال أحد الناشطين الإعلاميين إن "ما يحدث تجاوز حتى منطق الحرب، الكيان المجرم لم يكتفِ بقتل الجوعى بالقنص عند بوابات مراكز التوزيع، بل ثبت أنه يخلط الطحين بمواد مخدّرة تُضعف الجسد وتُدمّر الوعي". وأضاف: "هذه ليست مساعدات، بل أدوات تفكيك بطيئة لمجتمع محاصر".
وتحت وسم "الطحين المسموم"، كتب مدون فلسطيني: "حتى الخبز لم ينجُ من الموت. أي شياطين هؤلاء؟ إبادة تُنفذ بكل الوسائل: بالصواريخ، وبالطحين، وبالمساعدات. الكاميرات تصورهم كأنهم إنسانيون، وفي المقابل، السمّ يُهرّب في أرغفة الخبز، والرصاص يفتح في طوابير الانتظار".
ووصف ناشط آخر مراكز التوزيع التي يديرها الجيش الأميركي أو تمر عبره، بأنها "مصائد موت يومية"، قائلاً: "مواقع توزيع الشركة الأميركية تحوّلت إلى ساحات إبادة جديدة، الطحين الذي يُفترض أن يكون رمزاً للحياة، بات يحمل بداخله أداة للفناء... غزة تُطحن بمخالب المجاعة والدواء المسموم، والعالم يكتفي بالمشاهدة".
في ظل هذه الروايات المتواترة والمشاهد الصادمة، تتصاعد الدعوات في أوساط الصحافيين والحقوقيين والناشطين لفتح تحقيق دولي مستقل، لمعرفة مصدر هذه الأقراص، والمسؤول عن تسريبها إلى داخل الطحين. إنها ليست مجرد واقعة، بل قضية رأي عام تُعيد طرح أسئلة كبرى: من يراقب المساعدات؟ من يضمن سلامتها؟ ومن يُحاسب على تسليم شعبٍ جائع أكياساً قد تحمل داخلها الموت بدل الخبز؟