دم صنعاء يلتقي في مجرى دم غزة: شهادات من رفاق الضحايا في اليمن
تشن الولايات المتحدة عدوانًا على العاصمة صنعاء والمحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة في صنعاء منذ تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، نتيجة لموقفها المساند للشعب الفلسطيني في غزة.
-
دم صنعاء يلتقي في مجرى دم غزة: شهادات من رفاق الضحايا في اليمن
عندما طلبت عائلة خليل من الطفل إبراهيم خليل، البالغ من العمر 16 عامًا، الذهاب إلى المخبز لشراء الخبز لوجبة العشاء، لم تكن تعلم أن هذا سيكون طلبها الأخير من الطفل الذي استقل دراجته النارية لإحضار الخبز فاستقبلته صواريخ العدوان الأميركي على بوابة المخبز، لتحوله إلى كتلة من الفحم.
يقول صديقه أنور الكينعي: "تركني إبراهيم وذهب لشراء الخبز من مخبز الجرادي، وبعد دقائق قليلة سمعت الانفجار وذهبت إلى هناك فوجدته يحترق فوق دراجته النارية".
الطفل إبراهيم واحد من بين 18 مواطنًا يمنيًا استشهدوا إثر قصف العدوان الأميركي لسوق فروة في العاصمة اليمنية صنعاء يوم الأحد 20 نيسان/أبريل، وأصيب 32 مدنيًا بجروح من درجات مختلفة، بعضهم لا يزال في وضع حرج.
وتشن الولايات المتحدة الأميركية عدوانًا على العاصمة صنعاء والمحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة في صنعاء منذ تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، نتيجة لموقفها المساند للشعب الفلسطيني في غزة الذي يواجه حرب إبادة من قبل العدوان الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر 2023.
جميع الضحايا من المدنيين
ما زال مشهد جسد الطفل إبراهيم وهو يحترق على دراجته النارية ماثلًا لا يغادر مخيلة صديقه الكينعي، الذي يقول: "قمنا بإخماد النيران التي كانت تشتعل في جميع أجزاء جسمه، في محاولة لإنقاذه، لكنه كان قد مات، فبالإضافة إلى النيران كانت هناك بعض الشظايا مغروسة في جسده، وبرغم ذلك تم إسعافه إلى المستشفى، لكنه كان قد تُوفّي بالفعل في حينه".
كان الطفل إبراهيم خليل يخطط للسفر إلى الصين بعد حصوله على الثانوية لإكمال دراسته الجامعية، وفقًا لحديث عمه أحمد خليل للميادين نت. وأضاف: "كان إبراهيم يمتاز بخلق رفيع، وكل أصدقائه يحبونه لما يتمتع به من روح المبادرة ومساعدة الآخرين".
جميع ضحايا قصف العدوان الأميركي لسوق فروة المزدحم من روّاد السوق وأصحاب المحلات التجارية، كما لحقت أضرار كبيرة بمنازل وممتلكات الأهالي، وفقًا لأحد أهالي المنطقة، الذي أوضح بقوله: "لقد تدمرت العشرات من المحلات بشكل كامل وتضررت أخرى بمستويات متفاوتة وبحسب قربها من موقع القصف".
رفيقان في المدرسة والحي
كانا ينتظران نتيجة الاختبارات المدرسية، للانتقال إلى الصف السابع الأساسي، في مدرستهما "الصحابي فروة بن مسيك المرادي" في العاصمة صنعاء، غير أن القاذفات الأميركية لم تمهلهما لمعرفة نتيجة الامتحانات.
زكريا فاهم البدوي، ورفيقه زكريا محمود سالم خميس، البالغا 11 عامًا، رفيقان في المدرسة والحي، كان خميس في طريقه إلى البقالة بينما البدوي عائدًا من المخبز، عندما قصف طيران العدوان الأميركي سوق فروة ليحرق أجسادهم الغضة ويضع حدًا لحياتهم وأحلامهم.
لم يستطع أحد من أهاليهم الحديث، ما زال الجميع مصدومين من هول الحادثة البشعة. لكن الطفل محمد الرجوي، أحد أصدقاء البدوي وخميس، الذي كان قريبًا من موقع الانفجار وشهد تحطم النوافذ، ما زال يبكي رحيل صديقيه حتى اللحظة.
يقول في حديثه للميادين نت: "صوت الانفجار كان مرعبًا جدًا، فقد كان قريبًا جدًا من موقع الصاروخ وشاهدت تحطم نوافذ المنازل. كنت أعتقد أن الأمر قد مر بسلام، لكن ما إن عرفت أن من بين الضحايا صديقيَّ زكريا البدوي وزكريا خميس، بكيت بحرقة، ولا زلت أبكي كلما أتذكر أنهما غادرا ولن نجتمع مرة ثانية في المدرسة ولن نلعب مرة أخرى مع بعضنا البعض".
وعلى مقربة من مخبز الجرادي الذي سقط أربعة من عماله شهداء بالقصف الأميركي، كان يمر الشاب ذياب الحماطي، البالغ من العمر 23 عامًا، بأمان. نشأ الحماطي يتيمًا، وكان طالبًا متفوقًا يخطط لدراسة الهندسة التقنية وإنشاء مشروع صغير يعيل أسرته، قبل أن يضع العدوان الأميركي حدًا لحياته في غارته الإجرامية على سوق فروة.
يقول صديقه عمارعبد الرحمن مطهر: "ذياب يتيم الأب وأصغر إخوانه، كان يحلم بدراسة هندسة الاتصالات وقد فتح شبكة إنترنت (واي فاي) في الحارة لتغطية مصروفاته ومصروفات والدته. كان محبوبًا من كل من يعرفه لاعتماده على نفسه واعتزازه بكرامته".
بالرغم من تدمير العدوان الإسرائيلي الأميركي البنى التحتية واستهداف المدنيين، إلا أن ذلك لن يثني الشعب اليمني عن الاستمرار في دعم ومساندة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، الذي يواجه بكل صبر واحتساب عملية الإبادة الجماعية التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023 وحتى اليوم.