عن الانتخابات البلدية في لبنان، حاضنة المقاومة: "سننتخب حتى ولو كان على التراب"
البيئة الحاضنة للمقاومة والثنائي الوطني، مطالبة أكثر من أي وقت مضى، بالمشاركة بفاعلية واندفاع غير مسبوقين، ولا سيّما في القرى والبلدات التي تشهد تحدّياً وجودياً من قبل العدوّ الإسرائيلي.
-
الانتخابات البلدية اللبنانية (أرشيف).
يستعدّ لبنان للانتخابات البلدية المزمع إجراؤها الشهر المقبل، على وقع التطوّرات والأحداث في لبنان والمنطقة، والتي أفرزتها عملية السابع من أكتوبر 2023 من جهة، وفي ظلّ التدخّل المباشر للولايات المتحدة الأميركية المتزايد والمضطرد في كلّ شاردة وواردة في الشؤون اللبنانية من جهة أخرى، حيث لم يعد خافياً على أحد أنّ التدخّل الأميركي لم يعد يقتصر على الاستحقاقات الوطنية الكبرى فحسب، بل تجاوزها ليمتدّ إلى مختلف المجالات والنواحي. وعليه تُصبح الانتخابات البلدية في العيون الأميركية، أكثر من مجرّد استحقاق خاص باللبنانيين إنمائياً ومناطقيّاً، ليلامس صلب اهتمام الدبلوماسية الخارجية الأميركية في لبنان، لعدّة أسباب، منها:
أولاً: إمكانية الاستناد إلى النتائج التي ستفرزها الانتخابات، لفحص طبيعة التغيير ومداه الذي طرأ ـــــ في حال حصوله ـــــ على مزاج حاضنة المقاومة بشكل عامّ، والطائفة الشيعية منها بشكل خاص، لناحية التمسّك بخيارات الثنائي الوطني الداخلية والخارجية، وذلك انطلاقاً من العوامل الآتية:
· تداعيات حرب الإسناد، ولاحقاً، الحرب الأخيرة على لبنان، ربطاً بالأسباب والنتائج والتداعيات.
· كون الانتخابات تحصل للمرة الأولى ـــــ منذ عقود ـــــ في ظل غياب شهيد الأمة السيّد حسن نصر الله وقادة آخرين من الصف الأول في "حزب الله".
· القرار الأميركي بمنع البدء بإعادة الإعمار حتى تنفيذ الإملاءات والشروط الأميركية، وفي مقدّمتها نزع سلاح المقاومة!
· التداعيات السلبية لمنع العدو الإسرائيلي الأهالي من العودة إلى بعض القرى الأمامية إلى قراهم وأرضهم، حتى عودة المستوطنين الى مستوطناتهم في الشمال الفلسطيني المحتل.
ثانياً: اعتبار المدة الزمنية القصيرة نسبياً بين نهاية الحرب الأخيرة على لبنان والانتخابات البلدية، فرصة سانحة لحلفاء أميركا في لبنان، يمكن الرهان عليها لاستكمال ما بدأه العدو الإسرائيلي، من تقويض للمقاومة، سياسياً واجتماعياً، على أساس أنه كلما قصرت هذه المدة، كلما كانت النتائج غير المباشرة، في مصلحة العدو الإسرائيلي.
ثالثاً: الاعتقاد بقوة بإمكانية الرهان على الخلل الحاصل في التوازنات السياسية الداخلية بعد الحرب الأخيرة على لبنان، ما يسمح بإحداث اختراقات نوعية إذا ما تمّت الاستفادة منها، في ظلّ مناخ إقليمي يقوّض نفوذ المنافسين، وبالتالي يساهم بإعطاء قوة دفع أقوى لهذا الفريق على قاعدة "من ليس معنا، فهو مع المقاومة"!
لكن، ومع كلّ ما تقدّم، ليس بالضرورة أن تكون نتائج الانتخابات وفق ما تطمح إليه أميركا وحلفاؤها على الساحة اللبنانية، وستكون أكثر كارثية، إذا أفرزت هذه الانتخابات نتائج معاكسة لتوقّعات وتقديرات المشروع الصهيوـــــ أميركي في لبنان، انطلاقاً مما يلي:
· أنّ المقاومة التي تعرّضت لضربات وخسائر قاسية وموجعة خلال الحرب، لم تنهزم ولم تُسقط الراية، وهي تستكمل ترميم صفوفها والهيكلية التنظيمية بشكل منتظم ومضطرد.
· تلبية بيئة المقاومة لدعوة التشييع الاستثنائي للشهيدين نصر الله والهاشمي، عبّرت عن استعدادها للحضور حيث يجب أن تكون، لتجديد البيعة وإكمال المسير، وأنها على العهد، في غياب السيّد كما كانت عليه في زمن حضوره، وربما أكثر حماسةً للتعبير عن الوفاء بحافزية أعلى.
· مشهدية عودة الأهالي إلى القرى والمناطق الجنوبية منذ اللحظات الأولى لوقف إطلاق النار في السابع والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر 2024، أكثر عزماً وإصراراً وإشهاراً لمواقفهم المؤيّدة للمقاومة والثنائي وخياراته الدفاعية عن الأرض والسيادة والإنسان.
· جميع محاولات إقصاء الثنائي الوطني عن المشهد السياسي، إلى الحدّ الذي يُفقده القدرة على الدفاع عن خياراته السياسة والوطنية من خلال المؤسسات، تمّ إحباطها بفعل القرارات والخيارات التكتيكية والاستراتيجية التي أخذها الثنائي، وفي مقدّمتها المشاركة الإيجابية باستحقاق انتخاب رئيس للجمهورية، والمشاركة الفاعلة في تأليف الحكومة، وإبداء الإيجابية والمرونة للحوار حول استراتيجية دفاعية وطنية.
· أداء البعض في الداخل اللبناني، لناحية التطرّف والعدائية في الخطاب ("القوات اللبنانية"، نموذجاً)، والجنوح بالممارسة تصل إلى حدّ إمكانية الاستقواء بالعدوّ والخارج على شريحة وازنة من اللبنانيين بحجم الثنائي الوطني شعبياً وسياسياً، زاد من منسوب الوعي لدى الحاضنة الشعبية تجاه المخاطر التي تحدق بالمقاومة والثنائي وتالياً لبنان بأسره.
· اعتداءات العدوّ الإسرائيلي وعدوانه اليومي المستمر على لبنان، معطوفاً على الدعم الأميركي اللامحدود، قدّم دليلاً إضافياً أنّ خيارات المقاومة والثنائي في زمن الحرب والسلم، هي الأكثر فاعلية ونجاعة دفاعاً عن الأرض.
وعليه، ستكون البيئة الحاضنة للمقاومة والثنائي الوطني، مطالبة أكثر من أي وقت مضى، بالمشاركة بفاعلية واندفاع غير مسبوقين، ولا سيّما في القرى والبلدات التي تشهد تحدّياً وجودياً من قبل العدوّ الإسرائيلي من جهة، وتحدّياً إقصائياً وإلغائياً داخلياً من جهة أخرى، وذلك من خلال أوسع وأكبر مشاركة وتصويت ممكنة، وفي أيّ بقعة جغرافية، بناية، شقة، أو غرفة، كما قال رئيس المجس النيابي نبيه بري في هذا السياق، وبأنّها ستكون حاضرة في الانتخابات على قاعدة "سننتخب حتى ولو كان على التراب" وهو لزوم ما يلزم.