زراعة القنب الهندي في لبنان، بين التشريع، والفائدة الطبية، والنهضة الاقتصادية
يُشكّل تشريع زراعة القنّب الهندي خطوة نوعية لتوفير بدائل اقتصادية مشروعة للمزارعين في المناطق التي كانت تعاني من الفقر والبطالة، ولا سيما في البقاع.
-
يشهد العالم تحولًا جذريًا في مقاربة زراعة القنّب الهندي.
يشهد العالم تحولًا جذريًا في مقاربة زراعة القنّب الهندي، حيث انتقلت هذه النبتة من خانة المحرمات القانونية إلى مصدر اقتصادي وطبي واعد. في نيسان 2020، أقرّ المجلس النيابي اللبناني قانون تشريع زراعة القنّب الهندي للأغراض الطبية والصناعية، فاتحًا بذلك بابًا جديدًا للفرص التنموية في المناطق الزراعية المهمّشة، ولا سيما في البقاع.
لأسباب تدخل في الصناعات الطبية ضمن أطر قانونية صارمة، نجحت التجارب العالمية في تشريع القنّب في دول مثل كندا، وهولندا، وألمانيا، وأوروغواي، وسويسرا. في كندا، يسهم القطاع بمليارات الدولارات سنويًا ويوفر آلاف الوظائف، بينما تعتمد ألمانيا عليه في التخفيف من آلام الأمراض المزمنة مثل التصلب اللويحي والسرطان.
كما تشير دراسات نشرتها WHO إلى الفوائد الطبية الناتجة عن الاستفادة من القنّب، إضافة إلى المجلة الأميركية للطب التي تؤكد أن القنّب يحتوي على مركّبات فعّالة أبرزها الكانابيديول (CBD) والتيتراهيدروكانابينول (THC)، ولها استخدامات في:
- تخفيف آلام السرطان.
- علاج الصرع.
- معالجة الأرق والقلق.
- التخفيف من أعراض الشلل والرعاش.
كما أن الإمكانات الاقتصادية في لبنان بحسب دراسة أعدّتها شركة ماكنزي بطلب من الحكومة اللبنانية عام 2018، قدرت العائد السنوي الممكن من زراعة القنّب الهندي بما يفوق مليار دولار، ويمكن أن يسهم في إعادة تحريك الدورة الاقتصادية عبر:
- توفير آلاف فرص العمل للمزارعين والعمال في مجال الزراعة، والتصنيع، والتسويق.
- جذب استثمارات خارجية في قطاع الصناعات الدوائية والتجميلية.
- رفع الصادرات عبر تصدير المواد المستخلصة إلى الأسواق الأوروبية والعالمية.
على صعيد التنظيم والرقابة ينص القانون اللبناني على إنشاء هيئة ناظمة للقطاع تحت إشراف وزارات الصحة، والزراعة، والداخلية، لضمان:
- منح التراخيص للمزارعين والشركات وفق ضوابط محددة.
- متابعة سلسلة الإنتاج والتوزيع.
- فرض رقابة دقيقة لمنع تسرب المنتج إلى السوق غير الشرعية.
لذلك يُشكّل تشريع زراعة القنّب الهندي خطوة نوعية لتوفير بدائل اقتصادية مشروعة للمزارعين في المناطق التي كانت تعاني من الفقر والبطالة، ولا سيما في البقاع، ويقلّص من الاعتماد على الزراعة غير الشرعية التي لطالما كانت عرضة للملاحقة.
ونتيجة الدراسات التي أعدتها لجان مختصة في وزارة الزراعة اللبنانية بالتعاون مع منظمات دولية في عهد وزير الزراعة السابق الدكتور عباس الحاج حسن، جرى التثبيت بأن تشريع زراعة القنب الهندي في لبنان ليس مجرد خيار اقتصادي، بل هو خطوة إصلاحية متقدمة نحو نموذج زراعي حديث ومتعدد الأبعاد، عبر الاستفادة من التجارب الدولية وتطبيق الحوكمة الرشيدة. الخلاصة التي أصبحت ثابتة هي أنه يمكن للبنان أن يتحوّل من دولة تعاني العجز الزراعي إلى دولة تصدّر الدواء والمنتجات الطبية، وتوفّر حياة كريمة لآلاف العائلات.