زمن الانهيار الإنساني

لم ينجح الاحتلال في قتل شعب غزة، لكنه أمعن في تدمير مقوّمات حياةٍ كاملة.

  • فلسطيني يحمل رجلاً جريحاً أصيب أثناء محاولته الحصول على المساعدات باتجاه مستشفى في رفح جنوبي قطاع غزة - 16 حزيران/يونيو 2025 (أ ف ب)
    فلسطيني يحمل رجلاً جريحاً أصيب أثناء محاولته الحصول على المساعدات باتجاه مستشفى في رفح جنوبي قطاع غزة - 16 حزيران/يونيو 2025 (أ ف ب)

منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، يشهد الشرق الأوسط حرباً تدميرية مروّعة، تستهدف الوجود والحقّ والتاريخ. دُمّرت مدينة فلسطينية على أرض فلسطين، حيث يعيش أكثر من مليونَين ومئتي ألف إنسان، لا يطلبون سوى الحياة بسلام على ترابهم. لكنّ المشروع الصهيوني قرّر أن يطمس هذا الحقّ، ففرض كيانه بقوّة الحديد والنار، ضارباً عرض الحائط بجميع المواثيق الدولية والقيم التي تدّعي الإنسانية الدفاع عنها.

لم ينجح الاحتلال في قتل شعب غزة، لكنه أمعن في تدمير مقوّمات حياةٍ كاملة، واستهدف بنية المقاومة الفلسطينية التي ما زالت، رغم كلّ شيء، واقفة بأمل لا يُقهر. ولم تكتفِ آلة الحرب الصهيونية بهذا، بل نقلت نارها إلى لبنان، في محاولة لتدمير المقاومة فيه أو إعادة احتلال أرضه، وتحديداً القرى الواقعة جنوب الليطاني. على مدى أكثر من ستين يوماً، تلقّى لبنان أشرس الضربات تحت أنظار عالم صامت، عالمٍ يدّعي حماية حقوق الإنسان، لكنه يصمت حين يُذبح المقاومون ويُحاصر الشرفاء ويُقتل الأطفال والنساء، فقط لأنهم أبناء المقاومة.

رغم ذلك، بقيت المقاومة اللبنانية أمينة لالتزاماتها، حامية للكرامة الوطنية، وملتزمة بالقرار 1701، الذي خرقته "إسرائيل" أكثر من 3500 مرة من دون أيّ مساءلة دولية. فأين القانون؟ وأين العدالة؟ ومن يجرؤ على إلزام هذا الكيان الغاصب بتطبيق قرارات الأمم المتحدة؟

واليوم، وفي ظلّ تصعيد خطير، يعلن هذا الكيان حرباً جديدة ضدّ إيران، تحت ذريعة "البرنامج النووي"، متناسياً ترسانته النووية التي تُدار خارج أيّ رقابة دولية. فمن يُسائل الاحتلال؟ ومن يوقف جنونه الذي يهدّد أمن الشرق الأوسط واقتصاده واستقراره؟ وهل آن الأوان أن يدرك الجميع أنّ مصدر الفوضى والدمار في الشرق هو كيان لا يعرف إلّا الاحتلال والقتل، وأنّ استمرار صمت العالم لن يؤدّي إلّا إلى إعادة اليهود إلى نقطة البدء... إلى خيمة الاجتماع؟