فلسطين والجزائر.. وجهان لعملة الشرف الإنساني

أصحاب الأرض في فلسطين المحتلة يموتون بسبب تمسّكهم بوطنهم، والمخزي ما يقترحه صانعو الحروب ومموّلوها من خيارات التهجير أو القتل.

  • الجزائر لن تتأخر عن نصرة الشعوب المظلومة.
    الجزائر لن تتأخّر عن نصرة الشعوب المظلومة.

تراجعت الأدوار الإنسانية لغالبية المتهافتين وراء المصالح وحساباتها الملتوية لدرجة الصمت التامّ تجاه ما يحدث في غزة من إبادة جماعية وتقتيل بشع لا يمكن وصفه أو توصيفه إلّا بأفلام رعب هوليودية، فأين هي الأدوار الإنسانية؟

ومتى ستتحمّل المؤسسات الدولية مسؤولياتها الأخلاقية وتبعاتها القانونية؟ ومن سيرافع عن شعب يباد في غزة ببرودة أعصاب عنصرية زجّت بالعالم في ظلمات الهمجية التي لم يسبق وأن عاشها إلّا مع "دولة" الكيان الغاصب المتمرّد على أبسط الحقوق المحفوظة للبشر أينما كان وأينما حلّ أو ارتحل؟

والمؤسف هنا أنّ أصحاب الأرض في فلسطين المحتلة يموتون بسبب تمسّكهم بوطنهم، والمخزي أيضاً ما يقترحه صانعو الحروب ومموّلوها من خيارات التهجير أو القتل، وبين هذا وذاك واقع التجويع بالحصار الممزوج بمختلف ألوان التعذيب الممارس باستمرار، والقهر بوتيرة تصاعدية عنوانها من لم يمت بالقصف والرصاص والدهس والردم تحت الأنقاض ونقص الدواء والغذاء ستغتال إنسانيته وكلّ ما يحس به تجاه البشر عامّة، لأنّ منطق  التخلّي التامّ عن واجب الإنسانية سيجعل العالم في تحوّل غير مسبوق نحو تطرّف خطير مدعومٍ بسياسات الكيان ومُؤَطرٍ بنخبة مجرمة تعبث بالعالم من دون حسيب ولا رقيب.

إنها نكبة حقيقية ستقود العالم برمّته نحو الانفصام التامّ في اعتبارات التعايش الطبيعي، ونحو تلف مؤكّد وحتمي في موازين التعامل الإنساني، الذي ستلغيه هذه الحرب الهمجية، التي لا ميزان فيها للقوة ولا مبرّر لاستمرارها، لأنها حرب من طرف واحد متعالٍ ومتجبّرٍ فوق كلّ القوانين الوضعية والسماوية، وضدّ شعب مسالم متمسّك بأرضه يرفض الاستسلام مهما كان عنوانه.

وهنا سيسجّل التاريخ استماتة فلسطين وشعبها في التضحية والصمود في وجه المحتل، كما سيكتب التاريخ في صفحاته كلّ موقف مشرّف لصالح الإنسانية، خاصة ما بني على صدق وثبات المبادئ وبعزم أصوات الحق، التي ستعلو ولن يعلى عليها، وذلك باستكمال حلقات الشرف في ظلّ صمت الغالبية، وباستحضار خصلات الشجاعة في زمن الجبن والخذلان، هذه الشجاعة التي بانت براية عالية رفرفت بها الدبلوماسية الجزائرية بسمو في سماء الإنسانية.

إنها الجزائر بدبلوماسيّتها الحكيمة والمتوازنة والمستمدّة من قيم كفاحها المستميت ضدّ العنصرية الاستدمارية مهما اختلفت الظروف والأزمنة، وفي ذلك تطابق بين فلسطين الصامدة جنباً إلى جنب مع الجزائر الشامخة التي لن تتأخّر في نصرة الشعوب المظلومة بمواقفها المعلنة والمسجّلة دولياً وإقليمياً، وهي لا تفاوض في الحقّ، ولا تساوم في المواقف ولا تتاجر بالقضايا.