تركيا وقطر: تعزيز علاقة إيران بسوريا مصلحة مشتركة

قطر وإيران هما لاعبان رئيسيان في المعادلات السياسية الإقليمية منذ بداية حرب غزة، أما تركيا فهي تسعى لإيجاد نقاط مشتركة مع إيران في سوريا، بعد إسقاط النظام، لما فيه مصلحة الدولتين.

0:00
  • أمير قطر على خط العلاقة بين إيران وسوريا.
    أمير قطر على خط العلاقة بين إيران وسوريا.

تعدّ منطقة شرق الفرات مخزن الحبوب في سوريا، إذ يبلغ إنتاج القمح والشعير والقطن80% من استهلاك سوريا. وبعبارة أخرى، يعتمد الأمن الغذائي والمياه والطاقة في البلاد على هذه المنطقة. أما حقول الكربوهيدرات فهي في العمر والتنك والجفرة وكونيكو وريف دير الزور، وتغذي حقول الغاز "سوفيديا" و"كابسا" و"كونيكو" محطات توليد الطاقة. وتوفر سدود الفرات والطبقة وتشرين، مياه الشرب والري والكهرباء لأكثر من ربع سوريا.

جميعها موجودة تحت سلطة "قوات سوريا الديمقراطية" التي تراهن على عدم تخلي الولايات المتحدة عنها حتى يتشكل النظام الذي تريده في دمشق. من الواضح أن السياسة الأميركية تجاه سوريا لن تعلن إلا بعد اتضاح الوضع في دمشق، لذلك اقتنعت "قسد" بضرورة التراجع أمام السلطة في دمشق، في الوقت الذي تعمل فيه تركيا لتشكيل تحالف رباعي ضد "داعش" مع العراق وسوريا والأردن.

تعمل وزارة الدفاع الأميركية على وضع خطط لسحب القوات الأميركية من سوريا. بعد أن أعرب ترامب وإدارته عن اهتمامهم بسحب القوات الأميركية من سوريا، بدأ البنتاغون إعداد خطط للانسحاب الكامل خلال ثلاثة أشهر أو أقل. تريد واشنطن التعاون مع أي طرف يساهم في محاربة الإرهاب والإشراف على معسكرات "داعش".

تؤمن "قوات سوريا الديمقراطية" هذه المنشآت، لكنها تعتمد على الدعم المالي والعسكري الأميركي والدولي لتشغيلها. ومن دون القوات الأميركية، قد تتخلى "قسد" عن السجون والمعسكرات، لكن القرار الأميركي الأخير فاجأ المسؤولين الكرد.

يعمل الرئيس الشرع على إخراج المقاتلين غير السوريين من صفوف "قوات سوريا الديمقراطية"؛ ووضع "داعش" تحت الحراسة الحكومية، وعودة المؤسسات الحكومية إلى شمال شرقي سوريا.

لم يتم تمثيل الكرد في اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني. منع الشرع الجماعات المسلحة من حضور المؤتمر ما لم تسلم أسلحتها ومخازنها وتندمج في وزارة الدفاع. لذلك، يجب أن تحل "قوات سوريا الديمقراطية" نفسها، وأن ينضم جنودها إلى الجيش بشكل فردي، والتنسيق مع دمشق، في تسهيل عودة النازحين إلى منازلهم، وتشكيل لجان مشتركة لتنفيذ القرارات.

خاضت تركيا أربع عمليات عسكرية في الأراضي السورية (درع الفرات، غصن الزيتون، نبع السلام، ودرع الربيع). وهي وإلى جانب قواعدها العسكرية المنتشرة في أعزاز وعفرين وجرابلس في ريف حلب، ورأس العين وتل أبيض في الرقة، لديها منذ 2017 عدد من نقاط المراقبة العسكرية داخل محافظات إدلب وحماة وحلب في المناطق التي كانت تفصل بين قوات النظام والمعارضة.

ونجحت مؤخراً في السيطرة على مدينة تل رفعت وعدد من القرى التابعة لها، إضافة إلى مدينة منبج بعد انسحاب قوات "قسد" من تلك المناطق. وهي تدعم الشرع في سياسته اتجاه "قسد."

تدرس تركيا بناء قواعد عسكرية في سوريا في إطار خطة تشمل أيضاً توفير أسلحة وتدريباً عسكرياً للجيش السوري، وإنشاء قاعدتين عسكريتين ضمن اتفاقية تعاون دفاعي، نجاحها في ذلك يعتمد على مدى تقبل القوى الإقليمية والدولية لهذا الدور، إضافة إلى إمكانية التوصل إلى تفاهمات مع روسيا والولايات المتحدة. قد تواجه أنقرة تحديات من داخل سوريا، رغم أنها بنت شبكة واسعة من العلاقات داخل الإدارة السورية الجديدة مؤلفة من السوريين الذين عاشوا في تركيا لسنوات طويلة.

لا يقتصر الهدف التركي من التدخل في سوريا على الجانب الأمني فقط، بل يمتد إلى تعزيز النفوذ الإقليمي لتركيا. وكان وزير الخارجية التركي قد أكّد في 13 ديسمبر/كانون الأول الماضي أن بلاده أقنعت روسيا وإيران بعدم التدخل عسكرياً في سوريا خلال هجوم فصائل المعارضة السورية، الأمر الأكثر أهمية قضى بالتحدث إلى الروس والإيرانيين والتأكد من أنهم لن يتدخلوا عسكرياً في المعادلة.

تركيا ووقف الدعم الأميركي عن "قسد" 

اتفقت تركيا والأردن والعراق وسوريا على آلية للتعاون المشترك ضد تنظيم "داعش" على مستوى وزراء الخارجية والدفاع ورؤساء أجهزة المخابرات للتحرك المشترك ضد "داعش"، ترمي أنقرة من خلاله إلى تحقيق هدف آخر يتعلق بوقف الدعم الأميركي لـ"وحدات حماية الشعب الكردية."

تتحرك تركيا في الوقت نفسه لتطويق حزب "العمال الكردستاني" عبر جهود مشتركة مع كل من العراق وسوريا وإيران. وعدّ مراقبون أن أهمية الاقتراح التركي بشأن "التحالف الرباعي" تكمن في الحجة التي تستند إليها أميركا في مواصلة دعم "وحدات حماية الشعب الكردية"، كحليف وثيق في الحرب على "داعش".

وكان وزير الخارجية التركي قد ركز على فكرة "الملكية الإقليمية"، وهي أطروحة مفادها أن دول المنطقة يجب أن تأخذ المشكلات في حيّزها الجغرافي على عاتقها وتعمل على حلها، وبالتالي منع الجهات الفاعلة من خارج المنطقة من التدخل في مشكلاتها، وكان إبراهيم كالين، رئيس المخابرات التركية قد زار إيران والتقى وزير الاستخبارات الإيراني، وأبرز الموضوعات التي بحثها كالين خلال الاجتماعات، "زيادة تبادل المعلومات الاستخبارية ضد التنظيمات الإرهابية، وعدم السماح بوجود المنظمات الإرهابية مثل داعش وحزب العمال الكردستاني، وامتداداته، في المنطقة" وجرى التركيز على أهمية عملية الانتقال في سوريا، وأهمية رفع العقوبات المفروضة على البلاد من أجل تنميتها.

أمير قطر على خط العلاقة بين إيران وسوريا

بعد الرسائل التركية إلى إيران من أجل حلّ المسألة الكردية في سوريا والعراق، تأتي زيارة أمير قطر إلى إيران، من أجل إعادة بناء العلاقة بين إيران وسوريا الجديدة، قطر وإيران هما لاعبان رئيسيان في المعادلات السياسية الإقليمية منذ بداية حرب غزة، أما تركيا فهي تسعى لإيجاد نقاط مشتركة مع إيران في سوريا بعد إسقاط النظام لما فيه مصلحة الدولتين. استطاعت قطر أن تبقى قريبة من إيران في ملف سوريا، بالرغم من نفوذها الكبير في هذا البلد.

ويؤدي أمير قطر دور الوساطة بين إيران وسوريا، ويحمل حلاً لبناء الثقة بين البلدين بهدف إعادة فتح السفارة الإيرانية. قطر تريد لعب دور يتماشى مع تحقيق مصالحها ومصالح حلفائها. ويمكن لإيران، بالاعتماد على علاقاتها القوية مع قطر، فتح الطريق لإعادة العلاقات مع سوريا. زيارة أمير قطر لها أهميتها، فالأمير يعدّ أول رئيس دولة زار سوريا وهنأ الشرع، أما علاقته بإيران فقد تعززت أكثر بفضل الموقف من فلسطين. هدفت الزيارة إلى دعم المشاريع المشتركة والعلاقات الثنائية ومتابعة الاتفاقات بينهما.

تقليص التباعد بين طهران ودمشق لبناء علاقات بعيدة عن التحديات الماضية هدف قطر. وكانت إيران قد أبدت رغبتها في تعزيز علاقة دبلوماسية مع سوريا لما فيه مصلحة البلدين.