الضغوط الأميركية على إيران: مسارات ثلاثة متوازية
بالرغم من أن الرئيس ترامب فاجأ نتنياهو بالتفاوض مع إيران، إلا أن الأميركيين يستفيدون من التهديدات الإسرائيلية بضربة للمنشآت النووية الإيرانية، كيف؟
-
المسار الأميركي: ضغوط قصوى وتهديدات، وحوافز مشروطة.
أعلن وزير خارجية سلطنة عمان، بدر بن حمد البوسعيدي أن الجولة الخامسة من المحادثات الإيرانية الأميركية ستُعقد في روما يوم الجمعة 23 أيار/ مايو الجاري. وفي الوقت نفسه، أفادت شبكة "سي.إن.إن" الأميركية، نقلاً عن مسؤولين أميركيين مُطلعين، بأن معلومات استخبارية جديدة حصلت عليها الولايات المتحدة تشير إلى أن "إسرائيل" تُجهّز لضرب منشآت نووية إيرانية.
وبالرغم من أن الشبكة نقلت عن المسؤولين أن مثل هذه الضربة ستكون خروجًا صارخًا عن سياسة الرئيس دونالد ترامب، إلا أن التطورات المتسارعة في التفاوض حول الملف النووي الإيراني، تشي أن الأميركيين يستخدمون مسارات ثلاثة للضغط على إيران في مفاوضاتها النووية، وذلك عبر ما يلي:
1- المسار الأميركي: ضغوط قصوى وتهديدات، وحوافز مشروطة
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد وصوله إلى البيت الأبيض، إعادة تفعيل الضغوط القصوى على إيران لدفعها إلى تقديم تنازلات في ملفها النووي وعلى طاولة التفاوض.
وبالرغم من تصريحات ترامب المتكررة عن اعتقاده بإمكانية عقد اتفاق جيد مع إيران، إلا أنه هدد بعواقب وخيمة وباستخدام الخيار العسكري في حال لم تمتثل إيران للشروط، أو في حال وصول المفاوضات إلى حائط مسدود. وفي الوقت الذي تجري فيه دورات من التفاوض بين الطرفين، تقوم- بالتوازي- وزارة الخزانة الأميركية بفرض عقوبات جديدة تستهدف صادرات النفط والقطاع المالي الإيراني، بهدف تجفيف مصادر دخل طهران، كما أعلن ترامب، الذي أدان قيام الإدارة السابقة بالإفراج عن أموال إيرانية مجمدة.
2- المسار الإسرائيلي: تهديد عسكري
بالرغم من أن الرئيس ترامب فاجأ نتنياهو بالتفاوض مع إيران، إلا أن الأميركيين يستفيدون من التهديدات الإسرائيلية بضربة للمنشآت النووية الإيرانية.
قال ترامب إنه لا يحبذ العمل العسكري في هذه الفترة، لكنه أشار الى أنه لم يمنع الإسرائيليين كلياً من القيام بعمل عسكري ضد إيران، وأشار إلى أنهم سيقومون بذلك بمفردهم الآن، لكنه هدد في حال انهارت المفاوضات فإن الأميركيين سيشتركون مع الإسرائيليين في تلك الضربات.
3- المسار الأوروبي: التهديد بآلية "الزناد بلاس"
ظهر مصطلح "Snapback Plus" في سياق التهديدات التي أطلقتها الدول الأوروبية الثلاث، فرنسا، وألمانيا، والمملكة المتحدة (E3) والتي أشاروا فيها الى أنهم يريدون التفاوض مع إيران، والتوصل معها إلى اتفاق، وإلا فإنهم لن يقوموا بإعادة فرض العقوبات الأممية على إيران من خلال آلية "الزناد" فحسب، بل أيضًا بفرض عقوبات إضافية على إيران.
ما هي آلية "الزناد"؟
هي بند في قرار مجلس الأمن رقم 2231 الذي صادق على الاتفاق النووي (JCPOA)، يتيح لأي دولة مشاركة في الاتفاق إعادة فرض العقوبات الأممية السابقة على إيران إذا رأت أنها غير ملتزمة بالاتفاق.
بمجرد تفعيل هذه الآلية، تُعاد جميع العقوبات التي رُفعت بموجب الاتفاق، بما في ذلك تلك المتعلقة بالبرنامج النووي، وتطوير الصواريخ البالستية. ومن الجدير بالذكر أن هذه الآلية تنتهي في 18 تشرين الأول/ أكتوبر 2025.
وخلال جولة المفاوضات التي عُقدت في 16 أيار/مايو الحالي في إسطنبول، هددت الدول الأوروبية بتفعيل آلية الزناد وتشديد العقوبات، وأنها ستفعّل آلية الزناد "Snapback" ضد إيران، وأنها ستفرض حتى ما هو أبعد من ذلك من عقوبات واسعة النطاق على طهران، وضرورة إدراج بند بعنوان "زناد بلس" ضمن نص الاتفاق الذي يجري التفاوض بشأنه بين إيران والأميركيين.
وهكذا، يستفيد الأميركيون من المسارات الثلاثة المتوازية في الضغط على إيران. فـ "إسرائيل" تريد أن تكبّل إيران بشروط صعبة وتجردها من جميع مصادر قوتها، والدول الأوروبية تستخدم التهديد بآلية "الزناد بلاس" من أجل تحقيق أمرين: الضغط على إيران ودفعها إلى تقديم تنازلات كبيرة للأميركيين، وفي الوقت نفسه تثبيت دورها في العملية التفاوضية، خصوصًا مع قيام ترامب بإقصاء الأوروبيين من المفاوضات مع إيران ومن تصوراته للحل في أوكرانيا.
وبالنظر إلى ما تقوم به الدول الأوروبية و "إسرائيل"، فإن الأخيرة تلعب دور الداعم و "المكمل" للدور الأميركي وتعزيز موقف واشنطن التفاوضي من خلال التهديد أو إضافة تداعيات قانونية متعددة الأطراف، وبالتالي يعمل الأميركيون والأوروبيون عبر قنوات متوازية، لكن ذات أجندة مشتركة لممارسة الضغوط القصوى على إيران.