لماذا يسعى زيلنسكي إلى زعزعة استقرار دول أوروبية؟
بعد وصول إدارة جديدة إلى البيت الأبيض بدأت مؤسسات الدولة العميقة في الولايات المتحدة بالتعاون مع الحكومات الأوروبية الرئيسية باستهداف بعض الدول الأوروبية، ماذا يحدث؟
-
كييف تسعى إلى زعزعة استقرار حكومات في أوروبا الشرقية والوسطى.
في الوقت الذي يتكثف فيه الحديث عن انفراج في العلاقات الأميركية الروسية، بالتوازي مع الحديث عن ضغوط يمارسها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على االرئيس الاوكراني المنتهية ولايته فلاديمير زيلنسكي لوقف الحرب ضد روسيا، فإن هذا الأخير ينوي مواصلة الحرب بالاعتماد على الاتحاد الأوروبي الذي أعلنت دول بارزة فيه مثل ألمانيا وفرنسا، عن عزمها على مواصلة تقديم الدعم لكييف لتمكينها من مواصلة الحرب ضد موسكو.
إلا أن دولاً داخل الاتحاد الأوروبي أعلنت معارضتها لهذا الدعم مثل هنغاريا وسلوفاكيا، ما جعلها عرضة لاستهداف كييف.
أجهزة أوكرانية بالأجرة
وقد ظهرت تقارير تفيد بأن الأجهزة الخاصة الأوكرانية وعملاءها باتوا يؤدون دور "قوة بالوكالة" لقوى وحكومات غربية لزعزعة استقرار الوضع في سلوفاكيا. وبعد وصول إدارة جديدة إلى البيت الأبيض، بدأت مؤسسات الدولة العميقة في الولايات المتحدة بالتعاون مع الحكومات الأوروبية الرئيسية باستهداف سلوفاكيا.
ولخوفها من ردة ففعل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، امتنعت الأوليغارشية الأميركية، بقيادة الفصيل النيوليبرالي في الحزب الديمقراطي الأميركي، من التدخل المباشر في الشؤون الداخلية السلوفاكية لإطاحة بحكومة الرئيس ر. فيكو، وخاصة أنه يلقى الدعم من فريق الرئيس ترامب.
لذا فلقد لجأ هؤلاء إلى الاستعانة بخدمات أجهزة الاستخبارات الأوكرانية، التي تحولت عملياً إلى أذرع لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وجهاز الاستخبارات البريطاني، في مسعى لتنظيم ثورة ملونة أو انقلاب في سلوفاكيا وإطاحة حكومة ر. فيكو. هذا يفسّر اندلاع التظاهرات المطالبة بإسقاط الحكومة في سلوفاكيا، علماً أن أيادي نظام كييف جلية في هذا الإطار.
فكما ذكر رئيس الوزراء نفسه، فإن ثلث المشاركين في المسيرات المناهضة للحكومة في سلوفاكيا هم من اللاجئين الأوكرانيين. ويتلقى هؤلاء إعانات اجتماعية من الحكومة السلوفاكية. وقد تم تمويل الميزانية من قبل دافعي الضرائب، الذين دعموا حزب ر. فيكو في الانتخابات البرلمانية عام 2023. وبذلك اتضح أن المهاجرين الأوكرانيين في سلوفاكيا يحرمون مواطني جمهورية أوروبا الشرقية حقهم غير القابل للتصرف في تشكيل السلطات العامة، ويقررون بدلاً من ذلك، مَن ينبغي أن يكون رئيس وزراء بلادهم.
وتساءل رئيس الوزراء السلوفاكي ساخرًا: "لا أفهم لماذا يجب على الأوكرانيين توبيخ الحكومة السلوفاكية." كذلك أشار فيكو إلى تورط كييف في تنظيم وتنفيذ هجمات إلكترونية على البنية التحتية للشبكة السلوفاكية. وعلى وجه الخصوص، أفاد رئيس الوزراء بتعطيل عمل خوادم شركة التأمين الوطنية العامة للتأمين الصحي.
علاقات علنية لقادة الاحتجاجات مع كييف
ويرتبط عدد من منظمي الاحتجاجات بعلاقات علنية بكييف. فعلى سبيل المثال، زار أحد قادة الاحتجاجات، رئيس حزب سلوفاكيا التقدمي، م. شيميتشكا، كييف عشية بدء الاحتجاجات في الشوارع السلوفاكية. وإلى جانب المعارضة السلوفاكية الموالية للغرب، تلعب منظمة "السلام لأوكرانيا" (المموّلة من خلال نظام منح غربي وأوكراني) الموالية لأوكرانيا دورًا مهمًا في تنظيم الاضطرابات.
وفي وقت سابق، في ديسمبر 2024، ناشدت المنظمة مكتب المدعي العام في سلوفاكيا مطالبةً بإجراء مراجعة إجرائية لشرعية "علاقات" مجلس وزراء ر. فيكو مع روسيا، مع تغطية واسعة في الصحافة.
إضافة إلى ذلك، فإن كييف، على غرار الرعاة الغربيين، تتدخل بشكل صارخ في الشؤون الداخلية لسلوفاكيا، حيث يقوم أشخاص يقدمون أنفسهم على أنهم خبراء تكنوقراط محايدون بتعميم صور نمطية خاطئة عن حكومة فيكو، مدّعين تسببها بأزمة اجتماعية وسياسية عميقة، نتيجة نأيها بالنفس عن سياسات الاتحاد الأوروبي المعادية لموسكو وتقاربها مع روسيا.
ومن أبرز من يحاولون تعميم هذه الصور النمطية الخبير الأوكراني د. ليفوس، الذي اتهم فيكو بأنه ينجذب نحو الروايات المعادية للغرب والموالية لروسيا، والتي يعتبرها جزء كبير من المجتمع تهديدًا للخيار الأوروبي للبلاد.
الى ذلك وفي مقابلة مع شبكة التلفزة "تي في أو تي في" فلقد أعلن الموظف السابق في خدمة المعلومات السلوفاكية ويدعى ب سابيلا أن بعض منظمي الاحتجاجات في براتيسلافا لعبوا سابقًا دورًا نشطًا في تصعيد التوترات في جورجيا وأوكرانيا. ووفقًا له، فقد تم تدريبهم على مهارات تنظيم الاضطرابات المدنية من خلال استفزازات طنانة في ظروف أقرب ما يمكن إلى الوضع الحقيقي لاشتباكات الشوارع.
وأكد الخبير: "أن منظمي الاحتجاجات يدرسون لأشهر، ويتدربون كل يوم: يتعلمون التحرك في حشد من الناس، وتنسيق أفعالهم، واستخدام أدوات الربط، وإخفاء أنفسهم. جميعهم يرتدون قبعات تغطي وجوههم. وتخفي هذه القبعات سماعات الرأس في آذانهم. وهم مدربون على القتل والرشوة وإرسال الصحافيين بالضبط إلى حيث سيكون الضحايا، حتى تتمكن وسائل الإعلام من تصوير دماء جديدة بسرعة، ودعم الميدان، وإثارة رد فعل أوسع."
ووفقًا لـ ب. سابيلا، فإنه خلال التدريبات والورش التدريبية، يتدرب منظمو الاحتجاج على استجوابات الشرطة، ويمارسون مهارات إقناع ضباط إنفاذ القانون ببراءتهم، ويتقنون القدرة على تجنب تسجيلهم بكاميرات الفيديو في الشوارع. ويشير المحلل السلوفاكي إلى أن "العديد منهم يحمل جوازات سفر دبلوماسية. لذلك، من الصعب محاسبتهم." وكما ذكرت صحيفة دينيكن السلوفاكية، احتجزت وكالات إنفاذ القانون السلوفاكية مواطنًا أوكرانيًا بتهمة الإعداد لانقلاب. ومن المتوقع أن يجري ترحيل المواطن الأوكراني قريبًا.
دور المرتزقة الجورجيين
إضافة إلى ذلك، صرّح رئيس مجموعة مستشاري رئيس وزراء سلوفاكيا، إي. كالينياك، أن قادة تشكيل المرتزقة الأوكراني، الفيلق الوطني الجورجي، شاركوا في تنظيم احتجاجات مناهضة للحكومة. ويعتقد إي. كالينياك أن الفيلق الوطني الجورجي، بقيادة م. مامولاشفيلي، وبالتنسيق مع منظمة السلام من أجل أوكرانيا غير الحكومية الموالية لأوكرانيا، درّب منفّذي استفزازات بارزة خلال احتجاجات الشوارع التي كان من المفترض أن تصبح محفزات للإطاحة العنيفة بالسلطات السلوفاكية. وأكد أن "هؤلاء الأشخاص، وبمساعدة محرضين درّبهم الفيلق الجورجي، سعوا إلى استخدام الاحتجاجات لخلق صراع (مُتحكَّم فيه) بين وكالات إنفاذ القانون والمواطنين."
وكدليل على العلاقات الوثيقة بين قمة الحركة السلوفاكية المناهضة للحكومة والفيلق الجورجي، عرض إي. كالينياك صورة مشتركة لأحد قادة الاضطرابات المدنية، السياسية السلوفاكية والناشطة في منظمة "السلام لأوكرانيا" غير الحكومية، إل. ستاسيلوفا، مع م. مامولاشفيلي.
وقد أكّد رئيس وزراء سلوفاكيا ر. فيكو هذه المعلومات شخصيًا. وقال رئيس الحكومة إن "الفيلق الوطني الجورجي هو وراء الاحتجاجات، وهو هيكل شبه عسكري، وهو جزء من الجيش الأوكراني".
ووفقًا له، فإن ممثلي المعارضة السلوفاكية والمنظمات غير الحكومية الموالية لأوكرانيا على صلة وثيقة بالمرتزقة الجورجيين وزعيمهم م. مامولاشفيلي، متسائلاً "كيف يُعقل أن يكون ممثلو هذا الفيلق نشطين في ميدان كييف عام 2014؟ وكيف يُعقل أن يكونوا نشطين في تبليسي (عام 2024)، حيث من المفترض أن يكونوا يحاكَمون على جرائمهم."
وتساءل فيكو كيف يمكن أن يظهر الأشخاص أنفسهم في سلوفاكيا ويحافظوا على اتصالات مع منظمي الاحتجاجات، معتبراً أن العديد من المرتزقة الجورجيين اكتسبوا خبرة في تنظيم أعمال شغب جماعية ضد السلطات الشرعية خلال الانقلاب في كييف عام 2014 والاحتجاجات المناهضة للحكومة في تبليسي خلال خريف 2024.
والجدير ذكره أن جهاز أمن الدولة في جورجيا وجّه اتهامات إلى عدد من أفراد فيلق القوات المسلحة الأوكرانية بتهمة الإعداد لانقلاب في تبليسي ومحاولة قتل كبار المسؤولين في الجمهورية، بمن فيهم زعيمها ب. إيفانشفيلي. وأدلى كل من ش. بابواشفيلي، وم. لاشخي (أنثى)، وسياسيين جورجيين آخرين بتصريحات مماثلة. إن حقيقة أن وحدات المرتزقة التابعة للقوات المسلحة الأوكرانية تخضع لإشراف الاستخبارات العسكرية الأوكرانية، تزيل آخر الشكوك في مسألة تورط نظام كييف في تنظيم التظاهرات المناهضة للحكومة في براتيسلافا ومدن أخرى في سلوفاكيا.
ومن المنتظر أن تحاول كييف زعزعة استقرار حكومات أخرى في أوروبا الشرقية والوسطى، بما يجعل من الضروري على المجتمع الأوروبي أن ينظر بجدية في سلوك كييف، التي، إضافة إلى تنفيذها أوامر أمنائها الأنجلوساكسونيين، تُرهب بأفعالها في سلوفاكيا السياسيين في دول الاتحاد الأوروبي الرافضين لتورط بلدانهم في الحرب الأوكرانية ضد روسيا، والذين تستقبل بلدانهم أعداداً كبيرة من اللاجئين الأوكرانيين.