سكان غزة يسابقون الزمن للحفاظ على تراثهم الثقافي بعد الحرب

عمال في غزة بإشراف جهات رسمية تعمل على محاولة استخراج ما تبقى من الآثار من المواقع المتضررة بفعل العدوان الإسرائيلي.

  • فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة في المسجد العمري بعد القصف الإسرائيلي في 21 تشرين الثاني/نوفمبر  2025 (رويترز)
    فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة في المسجد العمري بعد القصف الإسرائيلي في 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2025 (رويترز)

إضافة إلى استشهاد أكثر من 70 ألفاً وإصابة عدد هائل من الأشخاص، وتشريد مئات الآلاف ودمار مناطق بأكملها، أسفرت حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة عن تضرر وتدمير عدد كبير من المواقع والمعالم التاريخية والتراثية.

هكذ باشر العمال في غزة بالعمل باستخدام الجواريف، في محاولة لاستخراج ما تبقى من آثار الماضي القليلة.

ومن بين هذه المواقع المسجد العمري الكبير في مدينة غزة القديمة، وهو أهم موقع ثقافي دمرته "إسرائيل" مدعية استخدامه من قبل المقاومة الفلسطينية.

وقال حمودة الدهدار، وهو مهندس معماري وخبير تراث في مركز حفظ التراث بمدينة بيت لحم في الضفة الغربية، ويعمل الآن داخل غزة في محاولة لإنقاذ المواقع المتضررة من الحرب، إنه إذا كانت "إسرائيل" تعتقد أن تدمير هذه المباني يمكن أن يمحو التاريخ الفلسطيني "فهي مخطئة".

وأضاف لوكالة "رويترز" في غزة أن "هذه المباني تمثل الذاكرة الجماعية لأمة قديمة"، وأنها بمثابة "الذاكرة التي يتعين الحفاظ عليها وتوحيد الجهود لحمايتها"،

ووفق "رويتز" فإن "الموقع، الذي تشير حكايا تقليدية إلى أنه المكان الذي هدم فيه شمشون معبداً على خاطفيه، كان يضم أيضاً كنيسة بيزنطية قبل دخول الإسلام على يد الخليفة عمر بن الخطاب في القرن السابع إلى منطقة البحر المتوسط وتحويل الموقع إلى مسجد".

وأضافت أنه "على مدى القرون اللاحقة، تعرض لتعديلات كثيرة للغاية على أيدي المماليك والصليبيين والعثمانيين، كما اشتهر في العصور الوسطى باعتباره أعجوبة معمارية في المنطقة".

وكانت مئذنته المعلم الأبرز في أفق غزة. وكان المصلون يحتشدون في باحاته تحت الأسقف ذات القباب وفوق الأرض المرصوفة بالبلاط الحجري المصقول، وينسابون بعد الصلاة مارين أمام واجهته الفخمة وعبر بواباته إلى شوارع السوق المحيطة بالمدينة القديمة.

وكان سوق القيصرية القريب للذهب يعج بالمتاجر التي اشتهر أصحابها وجيرانها بسرد حكايات خالدة عن مجوهرات زفاف العشاق والحموات الغيورات. لم يبق من هذا كله شيء يذكر.

وتضرر أيضاً قصر الباشا، وهو معلم تاريخي يعود إلى القرن الــ 13 ويضم متحفاً اختفت كنوزه الآن.

وقال الدهدار إنه عند الحديث عن التراث والثقافة فإنه لا يقتصر على مبنى قديم أو أحجار عتيقة مضيفاً أن "كل حجر يروي قصة".

أما جهاد ياسين، وكيل وزارة السياحة والآثار الفلسطينية، فقال إن المسؤولين الفلسطينيين ومنظمة "اليونيسكو" يعدون خطة من 3 مراحل لإعادة ترميم المواقع التاريخية بتكاليف أولية تقدر 133 مليون دولار.

وستكون الأولوية القصوى هي التدخل السريع لدعم الهياكل المعرضة للانهيار. لكن هناك نقصاً في الأسمنت الأبيض والجبس. وقال إن الموارد في غزة محدودة وأسعار مواد الحفر والترميم ارتفعت بشكل كبير.

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.

اخترنا لك