"الأيقونة": المرأة الأسطورة

لأنها الاستثناء في حياتها والرائدة في مجتمعها، ولأنها القدوة الصالحة لمن عايشها، ولأنها الأم والمربية والمجاهدة منذ الطفولة حتى آخر العمر، لأنها الحاجة أم عماد، كان هذا الكتيّب "الأيقونة" القليل بعدد صفحاته والكبير بما احتواه من سيرة عظيمة من عظماء أمتي.

  • كتاب: الأيقونة - سيرة أم عماد مغنية
    كتاب: الأيقونة - سيرة أم عماد مغنية

"الحاجة أم عماد مغنية" وفخامة الاسم تكفي، فهي التي عبرتْ ضفاف العتمة إلى ضوءِ الله، وكتبتْ في سفرِ الأرضِ أنَّ الصبرَ طريق الأنبياء، وأنَّ قلبَ الأم إذا آمنَ، غلَبَ الجيوشَ مجداً ونوراً وانتصارات، فكانت آمنة، اسماً على مسمّى.

أم عماد هي نموذج للمرأة التي لم ترضَ بواقع الذلّ والحرمان والظلم، فثارت على ظلم المعتدي وجبروته، متحدّية كلّ الظروف ومحطّمة كلّ العوائق والحواجز التقليدية من اجتماعية وعائلية ومادية وأياً كان هذا الظرف، في زمن قلَّ فيه الناصر والمعين، وكثرت فيه التحدّيات والمؤامرات والخذلان. عملت من دون كلل أو ملل تحت مظلة الإسلام المحمدي الأصيل ولهدف أسمى من كلّ الغايات والأهداف الدنيوية، سعت إلى رضى الله سبحانه وتقرّباً إليه في كلّ حركة وفي كلّ كلمة وفي كلّ إشارة منها كانت ترى الله.

لأنها الاستثناء في حياتها والرائدة في مجتمعها، ولأنها القدوة الصالحة لمن عايشها، ولأنها الأم والمربية والمجاهدة منذ الطفولة حتى آخر العمر، لأنها الحاجة أم عماد، كان هذا الكتيّب "الأيقونة" القليل بعدد صفحاته والكبير بما احتواه من سيرة عظيمة من عظماء أمتي.

تقول صاحبة كتاب "الأيقونة" غادة شمس الدين: كان لي شرف مرافقتها في فترة امتدت قرابة العشر سنوات منذ استشهاد القائد الفذ الحاج عماد وإلى آخر أيام حياتها. كانت في تلك الأيام النجم الساطع الذي ينير درب التائهين في زمن الظلم والجور، والبلسم لآلام الجرحى، وفسحة الأمل لعوائل الشهداء الأبرار، هكذا عرفتها وهكذا أحببت أن يعلم العالم بأسره عن هذه المرأة المبدعة والرائعة والصابرة المحتسبة.

وتضيف: أردت من كتابي هذا نبراساً لكلّ امرأة وابنة، ولكلّ مظلوم رجل أو امرأة أن يأخذ العبرة والدروس من سيرتها المشرقة بكلّ أنواع القيم الإنسانية. علماً أنّ كلّ ما ورد في الكتاب، كنت أتلقّفه من أحاديثها بشكل مباشر أو من مشاهداتي لها شخصياً أثناء زياراتنا في لجنة المؤازرة لعوائل الشهداء.

الحاجة أم عماد، منذ نشأتها لم تكن شخصية عادية، كانت آمنة سلامة ابنة تلك العائلة الجنوبية الملتزمة دينياً والمتجذّرة في تراب الوطن. سعت عائلتها لتحسين وضعها الاجتماعي، فكانت السند ولم تكن عالة عليها، فعملت الابنة الطموح في أشرف وأقدس وأعظم المهن إنسانية، فراحت تبلسم جراح المرضى وتداوي آلامهم بلمسة الحب والحنان والعطف كممرضة في إحدى مستشفيات العاصمة بيروت "المقاصد". ثم أصبحت أميرة بيتها بعد زواجها بالشاب فايز مغنية، فتربّعت على عرش الأمومة بكلّ ما للكلمة من معنى، فأضحت الأم الحنون والمربية والمرشدة والموجّهة والمجاهدة والصابرة والمشاركة لزوجها وأبنائها الخمسة في كلّ تفاصيل حياتهم. تعلّمت مهنة الخياطة لتكون داعماً وسنداً لزوجها أولاً، ولتجعل منها سبيلاً لمساعدة بنات وسيدات مجتمعها لاحقاً. ربّت أبناءها على القيم الإسلامية بعد أن اشتغلت على تثقيف نفسها من خلال المحاضرات والجلسات العلمية والفقهية لعلماء عصرها المتميّزين. لم تكتفِ أو ترضَ بما حصّلته من علم وثقافة، بل أرادت أن تنشره في بيئتها ومجتمعها التائه في مجاهل الغرب المتجرّد من كلّ القيم الأخلاقية.

هذه المرأة الأسطورة قدّمت للعالم قائداً عظيماً هزّ أركان القوى العظمى، ولم يكن هذا كلّه من فراغ. لهذا كلّه، كان هذا الكتاب موجّهاً لكلّ مظلوم ليثور على الظلم بكلّ ما أوتي من إمكانات، وأن لا يرضى ويستكين ولا يستهين بما منحه الله من قدرات مكنونة في داخله، عليه أن ينفض عنها غبار الوهن والكسل.

 

اخترنا لك