القفز في العدم

الناس مثل أعواد الكبريت تحترق من أجل سيجارة.

إلى اسكندر حبش

***

قبعتان لعميل مزدوج

تلك الدائرة كانت فؤاد

السهم

كنت تصيب دائماً

بالإشارة إلى

الأرقام التي تطوّقها كسِوار

لكن العمر مجرّد

لحظة عالقة بين أسنان مشط

مثل قملة تغادر الرأس.

هل هذا ما يقلقك يا إسكندر؟

**

أم الوَعل الواقف

أمام باب الكلمات

يناطح ظلَّه ويحدّق

في جبل الحزن الذي يرتجف

مثل باقة زهور

ذابلة على الرصيف

لا غاية أخرى من التسلّق

سوى القفز في العدم

هل تعرف لماذا؟

**

يصارع الليل

حاملاً مقلاع التأمل

المصاعد تنغلق، تصعد، تهبط وتفتح أبوابها على الجحيم

يقف مثل ملاك يحرس ظلَّه

بسطة السجائر على مدخل روحه ينهشها اللصوص

وهو يدخّن أصابع الليل العظيمة.

**

أيتها العتمة المتوهّجة

يا موجة الروح

تنمو في جسده الطحالب

وتغزوه الكائنات

لتشبع نزواتها المارقة

على مائدة

غادرها التلاميذ، تاركين معلّمهم

وحيداً على خشبة.

**

السكارى

يشيّعون تموز تحت المطر

ويتناوبون إلى الجدار

للتبوّل الضروري على هذا العالم.

أحدهم يحفر في كتاب

يدفن مسدساً

ليغتال نفسه في اليوم التالي.

وآخر يقفز ليقبض

على نجمة الصباح

في قبضته سكين الفرح

يقبّل كل من يصادفه

ليفوز بالحب.

لكن الناس مثل أعواد الكبريت

التي تحترق من أجل سيجارة.

**

والدّمى

تتجوّل على الأرصفة

معلّقة بخيوط

ترفعها إلى حد التأرجح

بين اجتياز الطريق أو السقوط في منتصف الفكرة.

تصفّق بأكفّها

كأنها تحاول سحق البعوض

قبل أن يقرص الراوي

الذي لا يستطيع الإمساك بالخيوط

وحكّ أذنه في الوقت نفسه.

المأساة والمهزلة

قبعتان لعميل مزدوج.

**

سِوار النار

في معصم المدينة

عقد حلقاته جنيّات

يتسلّقن عنقها الشهيّ

ليتدلّين على أطراف أقراطها

اللامعة كالبرق

أو كلَكمة من قبضة

أصابت العين تماماً.

هذا الورم الملوّن

وجه مهرّج

لا يستطيع إضحاك أحد.

قالتها عناية:

"لا أحد يضيع في بيروت".

كلّ واحد منّا يعرف

متراسه...

الحرب تقف خلف الباب

كامرأة

لا تعرف عن الحب شيئاً.

**

كلّ شيء في اثنين

النظرات المتراكمة، كالأحذية في المتاجر

الأصوات المكتومة، تنتظر الليل

لتنفجر القصائد في الشوارع كالألعاب النارية

احتفالاً بالأحياء والموتى.

لكن هناك دائماً شيء بين اثنين:

نحن، الذين كأنهم أيضاً.

اخترنا لك