أدوية شائعة تتفاعل مع القهوة لا تتناولها.. ما هي؟

فنجان القهوة الصباحي غير مؤذٍ، لكنه قد يتفاعل مع خمسة أدوية شائعة فيضعف من فاعليتها أو يفاقم آثارها الجانبية على الصحة.. ما هي؟

  • أدوية شائعة تتفاعل مع القهوة لا تتناولها.. ما هي؟
    أدوية شائعة تتفاعل مع القهوة لا تتناولها.. ما هي؟

قد يبدو تناول فنجان القهوة صباحاً بريئاً، لكنه يتفاعل مع أدوية شائعة فتُضعف مفعولها أو تضاعف آثارها الجانبية، من علاجات الغدة الدرقية وهشاشة العظام إلى مضادات الاكتئاب وأدوية القلب. ويحذّر الخبراء بتجنّب شربها قريباً من موعد تناول الدواء، ومراقبة تأثيرها في جسدك لتفادي خطر التداخلات الدوائية.

بالنسبة إلى كثر، لا يبدأ اليوم فعلياً قبل احتساء فنجان القهوة الأول. فهي مشروب مريح ومنشّط، ويُعدّ من أكثر المشروبات استهلاكاً في العالم. لكن على الرغم من أنها تبدو غير مؤذية، فإنّ قهوتكم الصباحية يمكن أن تتفاعل مع بعض الأدوية فتضعف مفعولها أو تزيد خطر آثارها الجانبية.

فمن أقراص نزلات البرد إلى مضادات الاكتئاب، يتجاوز تأثير الكافيين على الجسم مجرّد دفعة سريعة من الطاقة. أما الشاي فصحيح أنه يحوي أيضاً الكافيين، ولكن بنسبة أقل بكثير من القهوة، ولا يبدو أنه يؤثّر في الجسم بالطريقة نفسها.

إليكم ما ينبغي معرفته عن كيفية تداخل القهوة مع أدويتكم، وما يمكنك فعله لتجنّب الأخطار.

أدوية الزكام والإنفلونزا

الكافيين مادة منبّهة، مما يعني أنه يسرّع نشاط الجهاز العصبي المركزي. وينطبق ذلك أيضاً على المادة المزيلة للاحتقان وتسمّى "سودوإيفيدرين" Pseudoephedrine، الموجودة في أدوية الزكام والإنفلونزا مثل "سودافيد" Sudafed. عند تناولهما معاً، تتضاعف التأثيرات المنبّهة في الجسم، مما يؤدي إلى عدة أعراض من بينها الرعشة وعدم القدرة على الاسترخاء أو التململ والصداع وتسارع ضربات القلب، إضافة إلى الأرق.

تحتوي الكثير من أدوية البرد أصلاً على كافيين مضاف، مما يزيد هذه الأخطار. وتشير بعض الدراسات إلى أنّ الجمع بين الكافيين و"سودوإيفيدرين" قد يرفع مستوى السكر في الدم ودرجة حرارة الجسم، وهو أمر مهم لمن يعانون داء السكري.

وتشكّل التأثيرات المنشّطة مصدر قلق أيضاً عند الجمع بين أدوية "اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه" ADHD  مثل "الأمفيتامينات" amphetamines، أو أدوية الربو مثل "الثيوفيلين" Theophylline، الذي يشترك مع الكافيين في تركيبته الكيماوية. واستخدامهما معاً يزيد خطر تسارع ضربات القلب واضطرابات النوم.

اقرأ أيضاً: تعرّف إلى أضرار القهوة: حقائق صادمة عن مشروبك الصباحي

أدوية الغدة الدرقية

يُعدّ ليفوثيروكسين (بديل اصطناعي للهرمون الطبيعي الذي تنتجه الغدة الدرقية)، العلاج الرئيس لقصور الغدة الدرقية، وهو حساس جداً لتوقيت تناوله وقهوتك الصباحية قد تعوق امتصاصه.

فقد أظهرت الدراسات أنّ شرب القهوة بعد تناول الدواء بفترة قصيرة يمكن أن يقلل امتصاصه بما يصل إلى 50 في المئة، وذلك لأنّ الكافيين يسرّع حركة الأمعاء (أي سرعة مرور الطعام والفضلات عبر الجهاز الهضمي)، مقللاً الوقت المتاح لامتصاص الدواء.

كذلك قد يرتبط الكافيين بجزيئات الدواء الموجودة في المعدة، مما يجعل امتصاصها أصعب على الجسم. ونتيجة لذلك، تقلّ كمية الدواء التي تصل إلى مجرى الدم، أي أنّ فاعليته تنخفض. يلاحظ هذا التأثير غالباً مع الأقراص الدوائية أكثر منه مع الأنواع السائلة من "ليفوثيروكسين".

إذا تعرقل امتصاص الدواء، فقد تعود أعراض قصور الغدة الدرقية مثل التعب وزيادة الوزن والإمساك، حتى مع تناول الدواء بانتظام وبالجرعة الصحيحة.

وينطبق مبدأ التوقيت نفسه على فئة من أدوية هشاشة العظام تسمّى "بيسفوسفونات" Bisphosphonates، مثل "أليندرونات" Alendronate و"الريزدرونات" Risedronate، إذ لا بدّ من أخذها على معدة فارغة والانتظار 30 إلى 60 دقيقة قبل تناول أي طعام أو شراب لضمان امتصاصها الكامل.

مضادات الاكتئاب ومضادات الذهان

فيما يتعلّق بأدوية الصحة النفسية والعقلية، فإنّ تفاعلاتها مع الكافيين تحمل تأثيرات أكثر تعقيداً مقارنة مع غيرها من الأدوية.

"مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية" SSRIs، من قبيل "السيرترالين" Sertraline و"السيتالوبرام" Citalopram تبقى من أكثر مضادات الاكتئاب شيوعاً، وتستخدم لعلاج الاكتئاب والقلق وغيرهما من اضطرابات نفسية (من طريق زيادة مستويات هرمون السعادة "السيروتونين" في الدماغ).

وتشير دراسات مخبرية إلى أنّ في مقدور الكافيين الارتباط بهذه الأدوية في المعدة - على (المستوى الجزيئي)، مما يقلّص من نسبة امتصاصها ويضعف فاعليتها العلاجية.

أما "مضادات الاكتئاب الثلاثية الحلقات" Tricyclic antidepressantأو اختصاراً TCAs (التي تزيد تأثير "السيروتونين" و"النورادرينالين"، علماً أنّ الأخير يسهم في استنفار الدماغ والجسم للعمل)، مثل "الأميتريبتيلين" Amitriptyline و"الإيميبرامين" Imipramine، فتندرج ضمن الجيل الأقدم من مضادات الاكتئاب، وتعمل من خلال التأثير في مستويات الناقلات العصبية في الدماغ. وعلى رغم فاعليتها المعروفة، أصبح استخدامها اليوم أقل شيوعاً مقارنة مع الأدوية الأحدث مثل "مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية"، نظراً إلى احتمال تسبّبها بآثار جانبية أكبر وارتفاع الخطر الناجم عن تناول جرعات زائدة.

تحدث عملية تفكيك "مضادات الاكتئاب الثلاثية الحلقات" (TCAs) في الكبد بواسطة "سي واي بي1 أي 2" (CYP1A2)، علماً أنه الإنزيم المسؤول أيضاً عن الأيض أو استقلاب الكافيين - بمعنى تفكيكه في الجسم وتحويله إلى مركبات أخرى قابلة للامتصاص والإخراج-. من ثم، يؤدي التنافس بين الدواء والكافيين على هذا الإنزيم إلى إبطاء تفكّك الدواء، مما يفاقم الآثار الجانبية، أو يؤخّر تخلّص الجسم من الكافيين، فيجعلك ذلك تشعر بالتوتر أو الأرق فترة أطول من المعتاد.

وينطبق التأثير نفسه على "الكلوزابين" Clozapine، أحد الأدوية المضادة للذهان التي يفكّكها الجسم أيضاً (إلى مركبات نشطة أو قابلة للإخراج) بواسطة الإنزيم ذاته. وقد أظهرت إحدى الدراسات أنّ شرب كوبين إلى ثلاثة أكواب من القهوة يرفع مستويات "الكلوزابين" في الدم بنسبة تصل إلى 97 في المئة، مما يزيد من احتمال الشعور بالنعاس والارتباك، أو يفضي في بعض الحالات إلى مضاعفات أكثر خطورة.

مسكّنات الألم

المعلوم أنّ بعض مسكنات الألم المتوافرة من دون وصفة طبية، من قبيل الأقراص التي تحوي "الأسبرين" أو "الباراسيتامول"، تشتمل على مادة الكافيين المضافة. القهوة بدورها تسرّع عملية امتصاص هذه الأدوية من طريق تسريع إفراغ المعدة وزيادة حموضتها، مما يعزّز امتصاص بعض الأدوية مثل الأسبرين.

صحيح أنّ هذا التأثير يسرّع مفعول المسكّنات، ولكنه يفاقم أيضاً خطر ظهور آثار جانبية مثل تهيّج المعدة أو النزف، خصوصاً عند الجمع بين القهوة ومصادر أخرى للكافيين. وعلى رغم عدم تسجيل حالات خطرة حتى الآن، ينصح الخبراء بتوخّي الحذر.

أدوية القلب

يرفع الكافيين من ضغط الدم ومعدل ضربات القلب موقتاً، ويستمر هذا التأثير عادة من ثلاث إلى أربع ساعات بعد تناوله.

بالنسبة إلى الأشخاص الذين يتناولون أدوية لضبط ضغط الدم أو لعلاج اضطرابات نبض القلب (عدم انتظام ضربات القلب)، فربما يبطل الكافيين جزئياً مفعول هذه الأدوية.

ومع ذلك لا يعني هذا التأثير أنّ على مرضى القلب الامتناع تماماً عن شرب القهوة، إنما من المستحسن مراقبة تأثيرها في الأعراض، والتفكير في تقليل الكمية المستهلكة عادة، أو التحوّل إلى شرب القهوة المنزوعة الكافيين إذا لزم الأمر.

كيف نتجنّب الآثار السلبية؟

ربما تكون القهوة طقساً رئيساً في روتينكم اليومي، ولكنها في الوقت نفسه مركّب كيماوي قوي المفعول قادر على التأثير في طريقة تفاعل جسمكم مع الأدوية. لذا، احرصوا على تناول الأدوية في مواعيد منفصلة عن القهوة، واستشيروا طبيبكم أو الصيدلي في شأن أيّ تفاعل محتمل بينها وبين علاجكم.

تناولوا دواء الغدة الدرقية "الليفوثيروكسين" أو أدوية هشاشة العظام "البيسفوسفونات" على معدة فارغة مع الماء، وانتظروا من 30 إلى 60 دقيقة قبل شرب القهوة أو تناول الفطور.

توخّوا الحذر عند استخدام أدوية البرد والإنفلونزا، أو علاجات الربو، أو أدوية اضطراب "فرط النشاط ونقص التركيز" (ADHD)، ذلك أنّ الكافيين قد يزيد من آثارها الجانبية.

إذا كنتم تتناولون مضادات اكتئاب أو مضادات ذهان أو أدوية لضبط ضغط الدم، فناقشوا مع طبيبكم عاداتكم المتعلقة باستهلاك الكافيين.

كذلك ينصح الخبراء بتقليل استهلاك القهوة أو اختيار الأنواع المنزوعة الكافيين إذا لاحظتم أعراضاً مثل التململ أو عدم القدرة على الاسترخاء، أو الأرق، أو تسارع ضربات القلب.

وعموماً، تختلف عملية استقلاب الكافيين من شخص إلى آخر، فبينما لا يتأثر البعض بعد ثلاثة أكواب، تظهر لدى آخرين أعراض جانبية بعد ارتشاف كوب واحد فقط. لذلك راقبوا استجابة جسمكم، وتحدّثوا إلى الصيدلي أو طبيبكم إذا لاحظتم أيّ تغيّر غير طبيعي.

وإذا راودتكم يوماً أيّ شكوك في أنّ قهوتكم الصباحية تؤثّر سلباً في مفعول أدويتكم، استشيروا الصيدلي أو الطبيب. واعلموا أنّ محادثة قصيرة ربما تدرأ عنكم عدة أسابيع من الأعراض الجانبية أو ضعف فاعلية العلاج، لتستمتعوا بقهوتكم وأنتم تنعمون براحة البال.

اقرأ أيضاً: ما هي أعراض زيادة الكافيين في الجسم؟