"يوغا الوجه".. هل هي بديل تجميلي طبيعي للعمليات الجراحية؟

لايزال المجتمع العلمي في مراحله الأولى من البحث حول فعالية تمارين "يوغا الوجه" التي شاعت أخيراً على نطاق واسع لتحسين شباب البشرة من دون عمليات جراحية، وهناك حاجة إلى دراساتٍ أكثر شمولاً لاستخلاص استنتاجات قاطعة بهذا الشأن.

  • هل تجارب
    هل تجارب "يوغا الوجه" أثبتت علمياً؟

تتزايد شهرة ممارسة جادة تُعرف باسم "يوغا الوجه"، في عالم العناية الذاتية الذي يعتمد على سلسلة من الحركات والتعابير المبالغ فيها والمتكرّرة، تهدف إلى تحفيز عضلات الوجه وشدّها، في استبدال رمزي لوضعيات اليوغا التقليدية، بتعابير مثل "وجه البطة"، وغيرها من الحركات الملفتة والمتعددة.

فقد أصبحت "يوغا الوجه" نهجاً طبيعياً وشاملاً للعناية بالوجه، وتقدم عند ممارستها بانتظام، فوائد مثل تحسين شد العضلات ومظهر البشرة. ومع ذلك، فهي ليست بديلاً مباشراً عن الإجراءات التجميلية الأخرى، التي تُقدم نتائج فورية وواضحة في حالات معينة، وفق  الخبراء. 

تكتسب "يوغا الوجه" شعبيتها لكونها:

- خالية من المنتجات التجميلية
- منخفضة التكاليف أو بلا تكاليف
 
تنتشر على منصات التواصل الاجتماعي، مقاطع فيديو وشهادات لمؤثرين ومدرّبين يروّجون لما يصفونه بـ"شد طبيعي للوجه"، حيث يزعم هؤلاء أنّ هذه التمارين قادرة على:

- شدّ ملامح الوجه.
- تنحيفه.
- تقليل الخطوط الدقيقة والتجاعيد.

إلّا أنه رغم محدودية الأدلّة العلمية، يواصل هذا الاتجاه حصد اهتمام متزايد من الراغبين بحلول طبيعية وغير جراحية لمكافحة علامات التقدم في السن.

 
 
 
 
 
View this post on Instagram
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

A post shared by Face Yoga Specialist 💆‍♀️💆‍♀️💦 (@faceyogadop)

لكن.. إلى أي مدى تُعد هذه الفوائد الموعودة مبالغاً فيها حقيقة؟ وإلى أي مدى تدعمها الأدلة العلمية؟

هل تجارب "يوغا الوجه" أُثبتت علمياً؟

يتكوّن الوجه من طبقات من الجلد، والدهون، والعضلات التي تقع فوق عظام الجمجمة. تُوجد تحت الطبقة العليا من الجلد (الأدمة) وسائد دهنية تحت الجلد تستقر فوق العضلات، وفق ما أوضحت الدكتورة أنيتا ريزكو، طبيبة الأمراض الجلدية - أستاذة مساعدة بكلية وايل كورنيل للطب في نيويورك. وهذه العضلات مسؤولة عن تعابير الوجه المختلفة مثل: الابتسام، العبوس، المضغ، و غيرها من التعابير التي نمارسها يومياً على نحو عفوي.

توضح ريزكو أنّ "الدهون والعضلات تعمل معاً لتمنح الوجه امتلاءه الطبيعي. لكن مع التقدّم في العمر، أو في حال عدم استخدام هذه العضلات، كما يحدث عند استخدام البوتوكس، يمكن أن تضعف وتضمُر، ما يؤدي إلى هبوط الوسائد الدهنية التي تستقر فوقها، الأمر الذي يُعطي الوجه مظهراً أكثر ترهلاً أو فيه فراغات".

بدوره يشير الدكتور مراد علام، نائب رئيس قسم الأمراض الجلدية وأستاذ الطب بكلية فاينبرغ في جامعة نورث وسترن بشيكاغو، إلى أنّ "فكرة يوغا الوجه تتمثل بالعمل على مستوى أعمق، بحيث تُحفّز نمو طبقة العضلات الموجودة تحت الدهون"، لافتاً إلى أنه "مع نمو هذه العضلات، يُمكن استعادة شيء من شكل الوجه الطبيعي".

كان الدكتور علام الذي يُمارس الطب كطبيب أمراض جلدية، قد أجرى واحدة من الدراسات القليلة المعروفة لاختبار هذه الفرضية في عام 2018، على مجموعة صغيرة من البالغين في منتصف العمر.

فبعد 20 أسبوعاً من تمارين "يوغا الوجه" اليومية، لمدة 30 دقيقة يومياً، لاحظت لجنة من أطباء الجلد تحسّناً في امتلاء الوجه لدى المشاركين الـ16 الذين أكملوا البرنامج، وفقاً لما ورد في الدراسة.

ولفت علام إلى أنّ "أبرز التغيرات ظهرت في منطقة الوجنتين، وهذا منطقي، لأنّ عضلات الخد تعتبر من أكبر عضلات الوجه، لذلك عند تدريبها، يكون نموها أكثر وضوحاً". 

لكنه استدرك قائلاً: "إنّ صغر حجم العينة وغياب القياسات المباشرة، يتطلبان إجراء دراسات سريرية إضافية لتأكيد هذا التأثير المتعلق بزيادة الحجم، موضحاً أيضاً أنّ إجراء أبحاث طبية لا تتضمن دواءً أو جهازاً طبياً يكون عادةً صعب التمويل".

لذا، هل تُعد "يوغا الوجه" بديلاً فعلياً للإجراءات التجميلية؟ يجيب علام: "ليس تماماً، لأنّ التحسن لم يكن كبيراً بدرجة كافية، كما أنّ الجوانب الأخرى من شيخوخة الوجه لم تُدرس".

ويضيف: "إنها قد تكون مفيدة للأشخاص الذين يرفضون تماماً الإجراءات التجميلية، إما بسبب القلق من المخاطر، أو ارتفاع التكاليف، أو انعدام الراحة".

ما هي فوائد "يوغا الوجه"؟

توصي ريزكو بممارسة تمارين "يوغا الوجه"، وذلك " لتحفيز الدورة الدموية، وتدفق السائل اللمفاوي في الوجه، الأمر الذي قد يساعد على تقليل الانتفاخ، وتحسين مظهر البشرة بشكل عام".

تقول ريزكو إنّ "وجوهنا تحتوي على مئات العقد اللمفاوية التي تستخدم السوائل لتصريف الفضلات ومحاربة العدوى".، مضيفةً أنه "خلال النوم، يمكن أن يتراكم السائل اللمفاوي في الوجه نتيجة الاستلقاء، ما يؤدي إلى مظهر منتفخ عند الاستيقاظ".

وتوضح أنّ "تحريك، وإطالة، وتدليك الوجه لمدة تتراوح بين 10 و15 دقيقة يومياً قد يساعد على تقليل هذا الانتفاخ".

كما تشير أيضاً إلى وجود تقنيات أخرى للغرض ذاته، مثل: حجارة الغوا شا (Gua Sha) الصينية التقليدية التي يُعتقد أنها تساعد على تصريف السائل اللمفاوي وتحسين الدورة الدموية. كما أنّ هذا النوع من التصريف، وفق ريزكو. كما تعتبر أنّ "زيادة تدفق الدم إلى الوجه قد تجعل البشرة تبدو أكثر نضارة وترطيبا أيضاً"، إلّا أنّ "هذا التأثير غالباً ما يكون مؤقتاً".

"يوغا الوجه" ليست مجرد تمرين عضلي أو حيلة تجميلية بيولوجية، بل وسيلة للتواصل الأعمق مع الوجه والشعور بالارتباط الجسدي والذهني به"، وفق أنليز هاغن  مدرّبة يوغا ومؤلّفة كتاب "يوغا الوجه".

في حصص اليوغا التي تقوم بها، تُشجع هاغن المشاركين على:

- رفع زوايا الفم بلطف لتكوين ما تسميه "وجه بوذا المبتسم"، وهو تعبير حيادي ومريح.
- أداء تمرين "زفير الأسد"، والذي يتضمّن: فتح الفم على مصراعيه، مدّ اللسان إلى الخارج، تدوير العينين إلى الخلف، ثم الزفير بقوة، وهو تمرين كلاسيكي في اليوغا يُستخدم لإطلاق التوتر من منطقة الفك والرقبة.

هل يمكن أن تكون "يوغا الوجه" ضارّة للبشرة؟

إنّ تمارين "يوغا الوجه" عادةً غير ضارّة، إذ تنجم التجاعيد، أو خطوط التعبير، أو الكدمات، أو الضرر في الوجه، عن قوة مؤلمة أو عنيفة سببها الشخص لذاته، وهو أمر لا يحدث غالباً في الممارسة السليمة.

بشكل عام، تُعتبر "يوغا الوجه" آمنة ما دامت تُمارس بلطف ووعي، من دون إجهاد مبالغ فيه أو حركات مفرطة القسوة.

لكن، إذا كان الشخص جاداً في تبنّي روتين يومي لـ"يوغا الوجه"، تنصح الدكتورة ريزكو بـ"تجنّب الحركات التي تفرك أو تمدّ المنطقة الحساسة تحت العينين"، حيث أنّ الجلد في هذه المنطقة عادةً ما يكون رقيقاً وأنحف وأكثر حساسية مقارنةً ببقية الوجه.

اقرأ أيضاً: لتحافظ على شبابك الدائم.. اتبع خمس عادات!