يضم أكبر شحنة خزفيات.. العثور على حطام سفينة بعمر 1500 عام

اكتشاف حطام سفينة تجارية عمرها 1500 عام قبالة سواحل أيوالق بولاية باليكسير غرب البلاد، يضمّ نحو 10 آلاف طبق خزفي بحالته الأصلية، وهي أكبر مجموعة أطباق تاريخية مكتشفة في بحري إيجة والمتوسط.

0:00
  • يضم أكبر شحنة خزفيات.. العثور على حطام سفينة بعمر 1500 عام
     تضمنّت الأبحاث الجارية رسم خرائط تفصيلية للمنطقة باستخدام تكنولوجيا متطورة

في اكتشاف أثري غير مسبوق، عثر علماء أتراك قبالة سواحل منطقة أيوالق بولاية باليكسير التركية (غرب)، على حطام سفينة يعود تاريخها إلى 1500 عام، يضم أكبر مجموعة من الأطباق الأثرية المكتشفة في بحري إيجة والمتوسط.

ويأتي هذا الاكتشاف في إطار أنشطة تجريها مجموعة من علماء الآثار والأكاديميين الأتراك، برئاسة هارون أوزداش، مدير معهد العلوم والتقنيات البحرية بجامعة 9 أيلول التركية (مقرها إزمير).

وتجري هذه الأنشطة ضمن مشروع "التراث الأزرق: الممتلكات التركية من حطام السفن"، الجاري تنفيذه بدعم من رئاسة الجمهورية التركية ووزارة الثقافة والسياحة، لتحديد التراث الثقافي المغمور في السواحل التركية.

كما تضمّنت الأبحاث الجارية رسم خرائط تفصيلية للمنطقة باستخدام تكنولوجيا متطورة.

أطباق خزفية

وخلال عمليات البحث التي استخدمت فيها مركبات روبوتية تحت الماء صمّمها علماء أتراك، تمّ تحديد موقع حطام سفينة يعود تاريخها إلى أواخر القرن الخامس الميلادي، على بُعد 2.5 ميل بحري عن ساحل أيوالق.

وجرت عمليات البحث بتنسيق من نائبة مدير معهد العلوم والتقنيات البحرية في جامعة 9 أيلول التركية، الدكتورة نيلهان قزلداغ.

وبفضل استخدام المركبات الروبوتية المتطوّرة، تمكّن العلماء من تحديد موقع نحو 10 آلاف طبق خزفي داخل الحطام، ما يجعل هذا الاكتشاف الأكبر من نوعه في بحري إيجة والمتوسط.

وأوضح خبراء أنّ الحطام بحالة ممتازة، حيث ظلّ محفوظاً بشكلٍ جيد بفضل موقعه في أعماق البحر، بعيداً عن العوامل البيئية المؤثّرة.

 السفينة كانت متجهة إلى إسطنبول

وقال الدكتور هارون أوزداش، مدير معهد العلوم والتقنيات البحرية في ـ "جامعة 9 أيلول"، إن مشروع "الموروث الأزرق" يركّز هذا العام بشكل خاص على إجراء أبحاث في منطقة شمال بحر إيجة، بهدف إنشاء نظام معلومات جغرافية خاص بالتراث الثقافي البحري المغمور.

وأضاف أن الفريق الذي يترّأسه نفّذ أنشطة مهمة في مجال رسم خرائط صوتية باستخدام تقنية السونار وأجهزة روبوتية متطوّرة.

ولفت أوزداش إلى أن تلك الأنشطة أفضت إلى اكتشاف مؤشرات في قاع البحر على عمق 43 متراً، تشير إلى وجود حطام لسفينة تاريخية.

وتابع: بعد تحديد الموقع، أجرينا مجموعة من أنشطة الغوص باستخدام تقنيات متقدّمة لفحص الحطام.

وعلى خلاف الاكتشافات السابقة التي غالباً ما تضمّنت أمفورات (جرار خزفية)، وجدنا هنا تكدّسات ضخمة من الأطباق، مرتبة في مجموعات مكدّسة داخل بعضها البعض. بناءً على التقديرات الأولية، نعتقد أن السفينة جاءت من شمال أفريقيا أو قبرص، وكانت متجهة إلى إسطنبول قبل أن تغرق نتيجة عاصفة قبالة سواحل أيوالق".

وأضاف أوزداش أن السفينة يبلغ طولها نحو 15 متراً وعرضها 9 أمتار، وأن العلماء المشاركين في البحث عثروا ضمن الحطام على كمية صغيرة من الأمفورات إلى جانب الأطباق.

ونوّه الدكتور هارون أوزداش أن من المعروف تاريخياً، أن السيراميك المُنتج في قبرص وشمال أفريقيا ومصر وسوريا كان يُنقل إلى الأناضول، أو اليونان، أو إيطاليا، مشدّداً على أن مجموعة الأطباق التي عثر عليها ضمن الحطام تعتبر نادرة للغاية.

 ثروة أثرية تُغني المتاحف

وأكد أوزداش أنّ الأطباق المكتشفة تتميّز بتنوّعها الكبير، إذ تنقسم إلى 5 أو 6 أشكال مختلفة، ما يعكس ثراء التجارة البحرية في تلك الحقبة الزمنية.

وتابع قائلاً: "بعد أكثر من 30 عاماً من العمل في البحار التركية، يُعدّ هذا الاكتشاف واحداً من أغنى وأهم الاكتشافات التي حقّقناها".

وذكر أن الدراسات الفوتوغرامترية (تقنية علمية تُستخدم لقياس وتوثيق الأبعاد والمسافات والأشكال)، تشير إلى وجود نحو 10 آلاف طبق في الموقع، ما يجعل هذا الحطام كنزاً أثرياً فريداً وغير مسبوق.

وما يميّز هذا الاكتشاف أيضاً هو محافظة الحطام على حالته الأصلية، من دون أن يتعرّض للنهب أو التدمير، وفق أوزداش.

وأضاف أوزداش أن هذا الاكتشاف يشكّل خطوة مهمة نحو فهم أعمق لتاريخ التجارة البحرية في منطقة البحر المتوسط، لافتاً إلى أنّ حجم الاكتشاف يمكن أن يُغني متحفاً كاملاً بالمقتنيات.

وأشار إلى أن النتائج تمّت مشاركتها مع وزارة الثقافة والسياحة التركية، مع وجود خطط لإجراء مزيد من الدراسات المتخصصة على الحطام بحلول عام 2025.

  • يضم أكبر شحنة خزفيات.. العثور على حطام سفينة بعمر 1500 عام
    يضمّ الكنز أكبر مجموعة من الأطباق الأثرية المكتشفة في بحري إيجة والمتوسط.

كما لفت إلى أن هذا الاكتشاف من شأنه أن يفتح آفاقاً جديدة لدراسة التجارة البحرية القديمة، ويُسهم في تعزيز مكانة تركيا كمركز لدراسة التراث البحري العالمي.

واختتم أوزداش حديثه قائلاً: "هذا الاكتشاف يمثّل دليلاً مادياً قوياً على أهمية تجارة الأطباق الخزفية بين شمال أفريقيا، وقبرص، والأناضول".

وعلى الرغم من تناول المؤرّخين لهذه التجارة من خلال العديد من الدراسات، إلا أن العثور على دليل ملموس بهذا الحجم يُعدّ حدثاً فريداً وغير مسبوق في دراسات الآثار البحرية.