"بلومبرغ": تصعيد إردوغان ضد معارضيه يمهّد لولاية ثالثة ويهدد الاقتصاد
وكالة "بلومبرغ" تشير إلى أنّ حملة إردوغان ضد معارضيه، وعلى رأسهم إمام أوغلو، جاءت على حساب استقرار السوق، وسط تراجع الليرة التركية.
-
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ورئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو (مواقع تركية)
ذكرت وكالة "بلومبرغ" الأميركية، اليوم الخميس، أنّ تصعيد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، حملته ضد أبرز منافسيه السياسيين، جاء على حساب استقرار السوق التركية، مؤكدةً أنّ هذا ثمنٌ يرغب إردوغان في دفعه لتمهيد الطريق لولاية ثالثة.
وقالت الوكالة إنّ حكومة إردوغان سعت لإبعاد التحقيق مع أكرم إمام أوغلو عن الرئيس نفسه، قائلةً إنّ "المدعين العامين الأتراك لا يتصرفون تحت الضغط السياسي".
وأشارت "بلومبرغ" إلى أنّ اعتقال إمام أوغلو، أمس الأربعاء، يأتي في وقتٍ يكون فيه خطر رد الفعل الدولي منخفضاً، ولاسيما مع تركيز أوروبا، بصورة كبيرة، على الأزمة في أوكرانيا.
من ناحيتها، قالت الخبيرة الاقتصادية في "بلومبرغ إيكونوميكس"، سيلفا بهار بازيكي، إنّ لدى "الحكومة التركية شعوراً بثقة متجددة في علاقتها بالاتحاد الأوروبي، نظراً إلى حاجة التكتّل إلى تعزيز دفاعاته"، مضيفةً أنّه "من غير المرجّح أن يُدلي ترامب بدلوه في أيٍّ من الأمرين".
تصاعد الصراع السياسي الداخلي
ولفتت "بلومبرغ" إلى أنّ إردوغان يتمتّع بسيطرة كبيرة على جميع مفاصل الدولة تقريباً. ومع ترويج مساعديه له للترشح مجدداً، يرى البعض أنّ حملته العدوانية ضد منتقديه، وأبرزهم إمام أوغلو، محاولة لتقويض أيّ تهديدٍ قد يواجهه في طريقه نحو الانتخابات الرئاسية.
ومع الإعلان أنّ الانتخابات الرئاسية التركية لن تجري قبل عام 2028، إلا أنّ الصراع السياسي بدأ بالفعل، مع وجود تعقيدات قانونية تحيط بالترشّح لولاية ثالثة لإردوغان، الذي كان صرّح سابقاً بأنّه لن يسعى لولايةٍ أخرى. لكن مع غياب أبرز سياسي معارض في تركيا، أكرم إمام أوغلو، عن الساحة، بعد اعتقاله بتهمة الفساد، قد تتغير المعادلة السياسية في البلاد، وفق الوكالة.
وأضافت "بلومبرغ" أنّ إمام أوغلو، الذي كان يخطط إعلان ترشحه للانتخابات، هذا الأسبوع، وقع ضحية دوافع سياسية، بينما ظلّ رهن الاحتجاز من دون وضوح بشأن مصيره حتى صباح اليوم الخميس. ولم يُعلق إردوغان علناً على القضية حتى الآن، في وقتٍ قد يشهد الاقتصاد التركي تراجعاً حاداً، بحيث سجّلت الأصول التركية أكبر انخفاض عالمي، أمس الأربعاء.
وذكرت الوكالة أنّ "الاعتقال جاء في وقتٍ حساس بالنسبة إلى الليرة التركية، بحيث تم إنفاق ما يصل إلى 9 مليارات دولار لدعم العملة المحلية". وحذّر وزير العدل التركي من ربط القضية مباشرة بإردوغان، مشدداً على أنّ تركيا تحكمها سيادة القانون.
ردود فعل أوروبية محدودة
أما على الصعيد الدولي، قكانت ردود الفعل الأوروبية محدودة، بحيث وصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية اعتقال إمام أوغلو بأنّه "مقلق للغاية"، بينما وصف المستشار الألماني، أولاف شولتز، الاعتقال بأنّه "مُحبط" للعلاقات التركية - الأوروبية.
في هذا السياق، يتعزز نفوذ إردوغان في السياسة الخارجية التركية، وخصوصاً بعد انتصاراته الأخيرة في سوريا، الأمر الذي يعكس تصاعداً لمكانته في الساحة الدولية، على الرغم من الأزمات الداخلية التي تواجهها البلاد.
تحديات سياسية وصعوبات اقتصادية
حققت تركيا تقدماً ملحوظاً في مجال الاقتصاد، منذ منتصف عام 2023، بحيث استعادت ثقة مستثمري الأسواق الناشئة، الذين تضرروا في السابق من سياسات إردوغان غير التقليدية، والتي شملت خفض أسعار الفائدة بصورة كبيرة، لتحفيز الائتمان وزيادة النشاط الاقتصادي، على حساب استقرار الأسعار.
وعلى الرغم من هذا التقدّم، فإن البرنامج الاقتصادي، الذي يقوده وزير المالية، محمد شيمشك، يواجه صعوباتٍ كبيرة في التعامل مع تطورات الساحة السياسية الداخلية، على الرغم من عقد عشرات الاجتماعات مع المستثمرين في العام الماضي.
ومع ذلك، لا يوجد قلق فوري بشأن تغيّر توجهات إردوغان الاقتصادية، حتى مع تضرر المستثمرين سابقاً من تلك السياسات. وعلى الرغم من ذلك، فإن بعض الضغوط السوقية تراجَعَ يوم الخميس، الأمر الذي يخفف حدّة القلق الاقتصادي في الوقت الراهن، وفق الوكالة.
وقالت الوكالة إنّ الأسئلة تبقى مفتوحة بشأن كيفية تأثير الصراعات السياسية الداخلية في استمرار السياسات الاقتصادية غير التقليدية، والتي تبنتها تركيا خلال الأعوام الأخيرة.
ومساء أمس، تظاهر آلاف الأتراك في إسطنبول، وأنقرة، وطرابزون، وإزمير، احتجاجاً على اعتقال رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، مطالبين باستقالة حكومة الرئيس رجب طيب إردوغان.