"تفاصيل مرعبة".. الذكاء الاصطناعي في حرب "إسرائيل" على غزة ولبنان
صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية حذّرت من مخاطر الاستخدام الإسرائيلي غير المسبوق لتقنيات الذكاء الاصطناعي في الحرب على غزة ولبنان. إليكم التفاصيل
-
صحيفة "نيويورك تايمز": "الجيش" الإسرائيلي استخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحديد الأهداف في غزة
كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، عن استخدام "الجيش" الإسرائيلي تقنيات الذكاء الاصطناعي المتطورة في الحرب على قطاع غزة.
ولفتت الصحيفة إلى أنّ هذه التقنيات المُستخدمة تثير المخاوف من انتشارها عالمياً.
وأوضحت الصحيفة، في تحقيق موسّع، أنّ تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تستخدمها "إسرائيل" في حربها على غزة التي بدأت في تشرين الأول/ أكتوبر 2023 تشمل أنظمة لتحديد المواقع، والتعرف على الوجوه، وتحليل المحتوى العربي.
وبحسب التحقيق فإنّ اختبارات هذه التقنيات شملت استخدام أدوات لم تجرب سابقاً في ساحات القتال، "ما أثار جدلاً أخلاقياً واسعاً في العالم".
ونقلت الصحيفة عن 3 مسؤولين إسرائيليين وأميركيين مطلعين، أنّ نقطة البداية للجوء "إسرائيل" إلى هذه التقنيات هي محاولة اغتيال القيادي في حركة حماس إبراهيم بياري، حيث فشلت الاستخبارات الإسرائيلية في تعقبه داخل شبكة أنفاق غزة.
وتابع التحقيق أنّه عند ذلك "لجأت إسرائيل إلى أداة صوتية مدعومة بالذكاء الاصطناعي طورها مهندسو الوحدة 8200، سمحت بتحديد موقعه التقريبي استناداً إلى تحليلات صوتية لمكالماته".
وفي 31 تشرين الأول/أكتوبر 2023، نفذ "الجيش" الإسرائيلي غارة أدت إلى "مقتله" (استشهاده)، إلا أنّ الهجوم أسفر أيضاً عن "مقتل" (استشهاد) أكثر من 125 مدنياً، بحسب منظمة "إيروورز" البريطانية المتخصصة برصد ضحايا الصراعات.
وخلال الأشهر التالية من عملية الاغتيال تلك، واصلت "إسرائيل" تسريع استخدام الذكاء في عملياتها العسكرية.
وتحدثت "نيويورك تايمز" أنّه من بين التقنيات التي طورتها "إسرائيل هي برامج التعرف على "الوجوه المتضررة أو غير الواضحة"، كما طورت أيضاً نظام مراقبة بصري يستخدم على الحواجز بين شمال وجنوب غزة لمسح وجوه الفلسطينيين.
وعملت، ضمن التقنيات، على أداة لاختيار أهداف الغارات الجوية تلقائياً.
إضافةً إلى نموذج لغوي ضخم باللغة العربية يُشغّل روبوت دردشة قادر على تحليل المنشورات والمراسلات الإلكترونية بمختلف اللهجات.
وأكد مسؤولون للصحيفة أن العديد من هذه الابتكارات تم تطويرها في مركز يعرف باسم "الاستوديو"، وهو بيئة مشتركة تجمع خبراء الوحدة 8200 في "الجيش" بجنود احتياط يعملون في شركات تقنية كبرى مثل "غوغل"، "مايكروسوفت"، و"ميتا".
مخاطر هذه التقنية
وبينما تحدّثت الصحيفة عن "النجاح التقني"، أقرّت بأنّ "التجارب أثارت مخاوف أخلاقية جدية".
وأقر ضباط إسرائيليون إن "أدوات الذكاء الاصطناعي أخطأت أحياناً في تحديد الأهداف، ما أدى إلى اعتقالات خاطئة وضحايا مدنيين".
وحذرت الخبيرة في الذكاء الاصطناعي والمديرة السابقة في مجلس "الأمن القومي" الإسرائيلي، هاداس لوربر، من مخاطر هذه التقنيات.
وأوضحت أنّ الذكاء الاصطناعي غيّر قواعد اللعبة في الميدان، لكن "دون ضوابط صارمة قد يؤدي إلى عواقب وخيمة".
وأكد مؤسس شركة "XTEND" المتخصصة بالطائرات المسيرة، أفيف شابيرا، أن خوارزميات الذكاء الاصطناعي باتت قادرة على تتبع الأشخاص والأهداف المتحركة بدقة عالية.
وقال إنّ "قدرات التوجيه تطورت من الاعتماد على صورة الهدف إلى التعرف على الكيان نفسه"، لافتاً إلى "ضرورة الموازنة بين الفاعلية والاعتبارات الأخلاقية".
قراءة ردّ الفعل بعد استشهاد السيد نصر الله
أبرز مشاريع تطوير تقنيات الذكاء الاضطناعي كان تطوير نموذج لغوي ضخم يحلل اللهجات العربية المختلفة لفهم المزاج العام في العالم العربي.
وكشف ضباط في المخابرات الإسرائيلية، أنّ هذه التقنية ساعدت في تحليل ردود الأفعال الشعبية بعد "اغتيال" (استشهاد) السيد حسن نصر الله في أيلول/سبتمبر 2024، من خلال تمييز التعابير المحلية في لبنان وتقييم احتمالات الرد.
ولم تكن هذه التكنولوجيا خالية من العيوب، إذ أوضح الضباط أنّ الروبوت أخفق أحياناً في فهم المصطلحات العامية أو أعاد صوراً غير دقيقة مثل "أنابيب" بدلاً من "بنادق".
ومع ذلك، وصف الضباط الإسرائيليون هذه التقنية بأنها "وفرت وقتاً ثميناً وسرعت التحليل مقارنة بالطرق التقليدية".
"حجم استخدام الذكاء الاصطناعي لا سابق له"
صحيفة "نيويورك تايمز" أكدت أن هذه ليست المرة الأولى التي تستخدم فيها "إسرائيل" الصراع كحقل تجارب لتقنياتها؛ إذ سبق أن طورت أنظمة مثل "القبة الحديدية" وطائرات مسيرة هجومية خلال الحروب السابقة في غزة ولبنان.
إلا أنّ حجم الاستخدام المتسارع للذكاء الاصطناعي في حرب 2023-2024 لا سابق له، وفق مسؤولين غربيين.
وحذر مسؤولون أميركيون وأوروبيون من أن ما يجري في غزة قد يشكل نموذجاً أولياً لحروب المستقبل، التي تعتمد على خوارزميات يمكن أن تخطئ أو تُساء إدارتها، ما يضع حياة المدنيين وشرعية العمليات العسكرية على المحك.