هكذا تُتابِع الاستخبارات الأميركية "كورونا" وتُدير أخباره
لا تهدف المتابعة الاستخبارية لانتشار "كورونا" إلى تشكيل ملفاتٍ أمنية فقط، بل يحضر البعد الاقتصادي بقوَّة.
تستخدم وكالات الاستخبارات الأميركية أدوات عديدة لمتابعة انتشار فيروس "كورونا" والبيانات المرتبطة به.
لا ترتبط هكذا مُتابعة بأية نظرية مؤامرة مزعومة بقدر ما هي فعل مُتوقَّع في سياق دراسة نقاط قوَّة وضعف الدول والحكومات.
من المصادر العلنية (المصادر المفتوحة) إلى المصادر البشرية، مروراً بالتنصّت، تُسخّر وكالات الاستخبارات عادة موارِدها لجَمْعِ أكبر قدرٍ ممكن من المعلومات المهمة التي تُتيح لها معرفة الكثير.
في الأيام الأولى لانتشار "كورونا"، باتت بيانات السفر الصينية، كما بيانات ضخمة من حركة التجارة من مدن الصين إلى جميع أنحاء العالم، في عهدة المنظمات الصحية وشركات التكنولوجيا العامِلة في مجال الذكاء الصناعي، بذريعة تحديد انتشار المرض ورصده.
حصل مكتب مدير الاستخبارات الوطنية ومركز الشؤون الدولية في وكالة الاستخبارات المركزية على العديد من هذه المصادر، حتى تحوَّل بحلول الأسبوع الماضي إلى المصدر الأول للأخبار الموثوقة المرتبطة بكورونا بالنسبة إلى وسائل الإعلام الأميركية.
يتشارك طرف أميركي أمني ثالث هذه المصادر، وهو مركز الاستخبارات الطبية المسؤول عن إصدار تقديرات حول سلامة القوات العسكرية خارج الحدود.
جهود جميع المراكز أعلاه تصبّ في النهاية لدى الفريق الخاص بالبيت الأبيض حول "كورونا"، والمنبثق عن مركز الوقاية والسيطرة على الأمراض ودائرة الصحة.
مسار المعلومات التي تتناقلها جميع الوكالات والمراكز الأميركية حول "كورونا" تحكمه شكوك أميركية (ذات منشأ سياسي) في عدم توفير الصين وإيران المعلومات الحقيقية، على الرغم من أن منظمة الصحة الدولية؛ المسؤولة الأولى عن متابعة الفيروس العالمي، لم تشكُ من تقصيرٍ من بكين أو طهران، بل إن إجراءات البلدين تؤكّد تعاونهما التام مع الجهات كافة في توفير المعلومات التي يمتلكانها لمواجهة "كورونا".
أحد الأهداف الرئيسة في استخدام تقنيات استخبارية موجَّهة ضد الصين وإيران تحديداً في هذه المرحلة، هو معرفة كيفيّة سَيْر النظام في هذين البلدين في حال الكوارث. سيناريو مواجهة "كورونا" يُعتبر نموذجياً بالنسبة إلى الأميركيين أو أية جهة معنية، لتوقّع الإجراءات التي يتّخذها النظامان الإيراني والصيني في حال الحرب على سبيل المِثال.
وكالة "رويترز" نقلت في أحد تقاريرها عن مصدر رسمي اعترافه بإجراء عمليات تجسّس بشرية إلكترونية لجَمْعِ المعلومات حول "الفيروس" بشكلٍ يومي.
هذا يُفسّر الكثير من التفاصيل الصغيرة التي ترد في الإعلام الأميركي حول أخبار "كورونا" في المدن الصينية والإيرانية، وحول مواقف المسؤولين في هاتين الدولتين ونشاطهم، حتى باتت المسافة التي تفصل المرشد الأعلى السيِّد علي خامنئي عن الجمهور في لقاءاته محل اهتمام.
ولا تهدف المتابعة الاستخبارية لانتشار "كورونا" إلى تشكيل ملفاتٍ أمنية فقط، بل يحضر البُعد الاقتصادي بقوَّة، وخصوصاً مع تصريحات علنية لأعضاء في الإدارة الأميركية يتحدَّثون بوضوحٍ عن استفادة واشنطن من رؤية الصين في حالة تخبّط.
لا تعزِّز كل المعطيات حول المتابعة الاستخبارية الأميركية أيّ حديث عن مؤامرةٍ مزعومةٍ في ظهور الفيروس، بل يمكن توقّع هكذا إجراء أميركي من مجمع استخبارات ضخم يهتمّ حتى بتحليل أحوال الطقس في دول العالم.