جنود إسرائيليون يقرون: قتلنا متعمدين المدنيين في غزة.. لم يبق سوى العار

جنود من "الجيش" الإسرائيلي يروون في فيلم وثائقي عن إطلاق النار دون مبرر وتحديد "العدو" بشكل عشوائي خلال الحرب على قطاع غزة. ماذا جاء في اعترافاتهم؟

0:00
  • جنود إسرائيليون يقرون بقتلهم المدنيين في غزة.. ماذا جاء في اعترافاتهم؟
    جنود من "الجيش" الإسرائيلي في فيلم وثائقي عن إطلاق النار دون مبرر في غزة. ماذا جاء في اعترافاتهم؟

يروي جنود من "الجيش" الإسرائيلي في فيلم وثائقي عن إطلاق النار دون مبرر وتحديد "العدو" بشكل عشوائي خلال الحرب على قطاع غزة، وفقاً لصحيفة "الغارديان" البريطانية.

"إذا أردت إطلاق النار دون قيود.. يمكنك ذلك"

ويصف جنود إسرائيليون حالة من الفوضى العارمة في غزة وانهياراً في المعايير والقيود القانونية، مع مقتل مدنيين بشكل عشوائي بناءً على أهواء الضباط الإسرائيليين، وفقاً لشهادات وردت في فيلم وثائقي تلفزيوني.

يقول دانيال، قائد وحدة دبابات في "الجيش" الإسرائيلي، في فيلم "كسر الصفوف: من داخل حرب إسرائيل"، المقرر بثه في المملكة المتحدة على قناة ITV مساء الاثنين: "إذا أردت إطلاق النار دون قيود، يمكنك ذلك".

,طلب بعض جنود "الجيش" الإسرائيلي الذين تحدثوا للبرنامج عدم الكشف عن هويتهم، فيما تحدث آخرون علناً. وأشار الجميع إلى اختفاء مدونة السلوك الرسمية المتعلقة بالمدنيين.

وأكد الجنود الذين وافقوا على التحدث، الاستخدام الروتيني للمدنيين كدروع بشرية، ما يناقض النفي الرسمي، وقدموا تفاصيل عن إطلاق القوات الإسرائيلية النار دون مبرر على مدنيين كانوا يهرعون للحصول على المساعدات الغذائية في نقاط التوزيع العسكرية التي أنشأتها مؤسسة غزة الإنسانية (GHF) المدعومة من الولايات المتحدة و"إسرائيل".

كذلك، يقول النقيب يوتام فيلك، ضابط في سلاح المدرعات، في إشارة إلى التوجيهات التدريبية الرسمية لـ"الجيش" الإسرائيلي التي تنص على أنه لا يجوز للجندي إطلاق النار إلا إذا كان لدى الهدف الوسائل والنية والقدرة على إلحاق الأذى:"في التدريب الأساسي للجيش، كنا جميعاً نردد عبارة "الوسائل والنية والقدرة".

ويضيف فيلك: "لا وجود لمفهوم "الوسائل والنية والقدرة" في غزة. لا يذكر أي جندي هذه العبارة أبداً. الأمر ببساطة هو: مجرد الاشتباه في السير في مكان ممنوع. رجل يتراوح عمره بين 20 و40 عاماً".

ويقول جندي آخر عُرف في البرنامج باسم إيلي فقط: "لا يُحدد مصير الحياة والموت بالإجراءات أو لوائح إطلاق النار، بل يقرره ضمير القائد على الأرض".

اقرأ أيضاً: إعلام إسرائيلي يقرّ: استهداف منتظري المساعدات في غزة ليس عملاً فردياً

نماذج من القتل المتعمد "التعسفي"

في ظل هذه الظروف، يصبح تحديد من هو "العدو أمراً تعسفياً"، كما يقول إيلي في الفيلم الوثائقي، ويضيف: "إذا كانوا يسيرون بسرعة كبيرة، فهم مثيرون للريبة. إذا كانوا يسيرون ببطء شديد، فهم مثيرون للريبة. إنهم يخططون لشيء ما. إذا كان ثلاثة رجال يسيرون ويتخلف أحدهم عنهم، فهذا تشكيل مشاة "اثنان مقابل واحد"؛ إنه تشكيل عسكري"، كما يقول.

ويصف إيلي حادثة أمر فيها ضابط رفيع المستوى دبابة بهدم مبنى في منطقة مصنفة على أنها آمنة للمدنيين، ويقول: "كان رجل يقف على السطح ينشر الغسيل، وقرر الضابط أنه مراقب. إنه ليس مراقباً. إنه ينشر غسيله. يمكنك أن ترى أنه ينشر الغسيل".

ويضيف: "لم يكن هذا الرجل يحمل مناظير أو أسلحة. كانت أقرب قوة عسكرية على بعد 600-700 متر. لذا، ما لم يكن يتمتع ببصر حاد للغاية، كيف كان بإمكانه أن يكون مراقباً؟ ثم أطلقت الدبابة قذيفة، فانهار نصف المبنى، وكانت النتيجة سقوط العديد من القتلى والجرحى".

ويقول دانيال، قائد وحدة الدبابات، في الفيلم الوثائقي إن "الخطاب الذي يُعلن أنه لا يوجد أبرياء في غزة تسرب إلى صفوف الجيش"، ويضيف: "تسمع ذلك طوال الوقت، لذلك تبدأ بتصديقه".

اقرأ أيضاً: كالاس: قتل المدنيين عند نقاط توزيع المساعدات في غزة لا يمكن تبريره

الحاخامات يحثون على قتل الغزيين

ويقدم البرنامج أيضًا أدلة على أن هذه الآراء قد روج لها بعض الحاخامات في صفوف "الجيش". يقول الرائد نيتا كاسبين: "في إحدى المرات، جلس حاخام اللواء بجانبي وقضى نصف ساعة يشرح لي لماذا يجب أن نكون مثلهم تماماً في 7 أكتوبر. يجب علينا الانتقام منهم جميعاً، بمن فيهم المدنيون. لا ينبغي لنا التمييز، وهذه هي الطريقة الوحيدة".

ويقول الحاخام أبراهام زاربيف، وهو رجل دين يهودي متطرف خدم أكثر من 500 يوم في غزة، في البرنامج: "كل شيء هناك عبارة عن بنية تحتية إرهابية ضخمة".

ولم يقتصر دور زاربيف على إضفاء الشرعية الدينية على التدمير الجماعي للأحياء الفلسطينية فحسب، بل قاد جرافات عسكرية بنفسه، وهو يدعي الفضل في ابتكار تكتيك تبناه "الجيش" الإسرائيلي ككل، مشيرًا إلى الشراء الجماعي للجرافات المدرعة.

كما يقول زاربيف في البرنامج: "يستثمر الجيش الإسرائيلي مئات الآلاف من الشواقل لتدمير قطاع غزة. لقد غيرنا سلوك جيش بأكمله".

"استخدام المدنيين دروعاً بشرية"

ويؤكد الجنود الذين يروون شهاداتهم في فيلم "كسر الصفوف" أيضًا التقارير المتواترة طوال فترة الحرب التي استمرت عامين بشأن استخدام المدنيين الفلسطينيين كدروع بشرية، وهي ممارسة تُعرف بشكل غير رسمي باسم "بروتوكول البعوضة".

يقول دانيال، قائد الدبابة، في الفيلم الوثائقي: "ترسل الدرع البشرية تحت الأرض. وبينما يسير في النفق، يرسم خريطة له بالكامل. لديه هاتف آيفون في سترته. وبينما يسير، يرسل معلومات نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)". ويضيف: "رأى القادة كيف يعمل هذا. وانتشرت هذه الممارسة بسرعة البرق. بعد نحو أسبوع، كانت كل سرية تستخدم "بعوضتها الخاصة".

وتحدث منتجو فيلم "كسر الصفوف" إلى متعاقد يُدعى سام، عمل في مواقع توزيع أغذية تديرها مؤسسة "GHF"، والذي قال إنه شاهد جنود "الجيش" الإسرائيلي يقتلون مدنيين عزل.

يصف سام حادثة وقعت في أحد مواقع توزيع المساعدات، حيث كان شابان يركضان وسط الزحام للحصول على المساعدة، ويقول: "رأيت جنديين يركضان خلفهما. ركعا على ركبتيهما وأطلقا رصاصتين، ورأيت رأسيهما يرتدان إلى الخلف ويسقطان أرضاً".

ويروي حادثة أخرى دمرت فيها دبابة تابعة للاحتلال الإسرائيلي، قرب أحد مواقع التوزيع، "سيارة عادية... كان يجلس فيها أربعة أشخاص عاديين".

اقرأ أيضاً: شهادات جديدة من داخل "جيش" الاحتلال: استخدمنا الفلسطينيين دروعاً بشرية في غزة

"لم يبقَ سوى العار"

ووفقاً لأرقام الأمم المتحدة، قُتل ما لا يقل عن 944 مدنياً فلسطينياً أثناء سعيهم للحصول على المساعدات قرب مواقع توزيع المساعدات التابعة لبرنامج الغذاء العالمي.

وقد طُلب منه التعليق على الادعاءات الواردة في الفيلم الوثائقي "كسر الصفوف". ولم تسفر التحقيقات الداخلية في الحوادث التي شملت مقتل مدنيين عن أي مساءلة تأديبية أو قانونية تُذكر.

ويُظهر فيلم "كسر الصفوف" الضغط النفسي الذي يعانيه بعض الجنود في غزة على الأقل. وفي هذا المجال، يقول دانيال في البرنامج: "أشعر بأنهم دمروا كل فخري بكوني ضابطاً في الجيش الإسرائيلي. لم يبقَ سوى العار".

اقرأ أيضاً: "أسود من السواد".. جندي احتياط إسرائيلي: جرائم حرب ممنهجة نرتكبها في قطاع غزة

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.