مسؤول أميركي لـ"دروب سايت": الاستخبارات تؤكد أن فنزويلا ليست مصدر الفنتانيل المهرب إلى أميركا
تقرير لموقع "دروب سايت نيوز" ينقل عن تقارير استخبارية أميركية بأن كمية قليلة جداً، إن لم تكن معدومة، من "الفنتانيل" المهرّب إلى الولايات المتحدة تُنتج في فنزويلا، على عكس مزاعم واشنطن.
-
علما فنزويلا والولايات المتحدة (وكالات)
أفادت تقارير استخبارية أميركية بأن كمية قليلة جداً، إن لم تكن معدومة، من "الفنتانيل" المهرّب إلى الولايات المتحدة تُنتج في فنزويلا، على الرغم من الادّعاءات الأخيرة لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وفقاً لما صرّح به مسؤول أميركي رفيع المستوى مطّلع بشكل مباشر على الأمر لموقع "دروب سايت نيوز".
وأشار المسؤول إلى أن العديد من القوارب التي استهدفتها إدارة ترامب لا تمتلك حتى الكمية الكافية من الوقود أو القدرة المحرّكية اللازمة للوصول إلى المياه الإقليمية الأميركية، ما يقوّض بشكل كبير ادّعاءات وزير الحرب (الدفاع) الأميركي بيت هيغسيث.
وتابع الموقع أن هذا الادّعاء يؤيّد تصريحات أدلى بها مؤخراً السيناتور راند بول، الجمهوري عن ولاية كنتاكي، الذي أكد بدوره عدم إنتاج أي كمية من "الفنتانيل" في فنزويلا.
"تهريب المخدرات ذريعة لإسقاط نظام مادورو"
كما أوضح "دروب سايت نيوز" أنه على الرغم من غياب أي معلومات استخبارية تربط فنزويلا بإنتاج "الفنتانيل"، فقد اتخذت إدارة ترامب من مزاعم تهريب المخدرات الفنزويلية ذريعةً لشن حملتها لإطاحة حكومة نيكولاس مادورو. يوم الخميس، أشار ترامب إلى إمكانية شن عملية برية، مدعياً في مؤتمر صحافي أن "كمية المخدرات التي تأتي عن طريق البحر" تمثل "5% فقط مما كانت عليه قبل عام. لذا فهي تأتي الآن عن طريق البر". وقال: "البر سيكون المرحلة التالية"، مشيراً إلى استعداده لتجاوز موافقة الكونغرس. ويوم الجمعة، أعلنت الولايات المتحدة إرسال حاملة طائرات إلى أميركا اللاتينية في تصعيدٍ إضافي.
"وزير الخارجية الأميركي: القوة الدافعة للعدوان ضد فنزويلا"
ويشير مصدران مطّلعان على المناقشات في البيت الأبيض إلى أن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، وهو من أشد المؤيدين منذ فترة طويلة لتغيير النظام في فنزويلا، كان القوة الدافعة وراء الموقف العسكري والخطابي العدواني تجاه مادورو.
وتابع الموقع، أنه تحقيقاً لهذه الغاية، قام روبيو، المسؤول أيضاً عن بقايا الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، بتحويل ملايين الدولارات التي كانت مخصصة سابقاً لإجراءات "دعم الديمقراطية" في فنزويلا والدول المجاورة، في محاولة مبطنة لإعداد المنطقة للحرب.
وقد طرح روبيو حججاً متعددة لتغيير النظام في فنزويلا خلال الأشهر الأولى من الإدارة، تركّزت بشكل كبير على حقوق الإنسان والمخاوف المتعلقة بالانتخابات، والتي لم تكن مقنعة لترامب. وبعد توليه منصباً في مجلس الأمن القومي في الربيع، قدّم روبيو حجة جديدة لترامب: أن "مادورو تاجر مخدرات وإرهابي"، استناداً إلى لائحة اتّهام صدرت عام 2020 عن وزارة العدل في عهد إدارة ترامب الأولى بشأن مزاعم تهريب الكوكايين، وفقاً لـ"دروب سايت نيوز".
كما أشار المسؤول إلى كراهية ترامب الشخصية للمخدرات وتعهده خلال حملته الانتخابية باستخدام الجيش الأميركي ضد عصابات المخدرات المكسيكية كدافع مهم لترامب للموافقة على الضربات الأخيرة. ومع عدم قدرة ترامب حتى الآن على شن هجمات على العصابات المكسيكية، والتي تُعتبر غير مقبولة سياسياً، وجّه روبيو أنظاره فعلياً نحو مادورو. وقد سهّل احتمال الوصول إلى موارد النفط الهائلة في فنزويلا هذه الحجة بشكل كبير.
في السياق، ذكر الموقع أن سياسة روبيو كانت مؤخراً على مفترق طرق، بعد أن عرض مادورو تسليم موارد النفط هذه إلى الولايات المتحدة مقابل وقف الأعمال العدائية. وأقرّ ترامب بالعرض في ظهور علني مؤخراً قائلاً إن مادورو "عرض كل شيء. هل تعرفون لماذا؟ لأنه لا يريد أن يتورط مع الولايات المتحدة".
محاولة التفاوض: ترامب يرفض عرض مادورو لإيقاف الأعمال العدائية
وتابع الموقع، أن ترامب رفض العرض بعد أن اقتنع بحجج روبيو بأن أفضل طريقة لتأمين احتياطيات النفط الفنزويلية هي تسهيل تغيير النظام في فنزويلا وإبرام صفقة أفضل مع حكومة جديدة، بحسب ما ذكرت المصادر. وقد أظهر تقييم حديث للحكومة الأميركية لصادرات النفط الفنزويلية إلى الصين ما يقرب من نصف مليون برميل يومياً، وهي نسبة صغيرة من إجمالي طاقة البلاد التي يرفضها ترامب في الوقت الحالي.
تأثير "عصابة الخمسة" في السياسة الأميركية
كما أفادت مصادر الموقع أن السياسة الخارجية في عهد ترامب أصبحت تهيمن عليها مجموعة تُعرف داخل الإدارة باسم "عصابة الخمسة"، وتتألف من ماركو روبيو، وستيفن ميلر نائب رئيس الأركان، وسوزي وايلز رئيسة أركان ترامب، وستيف ويتكوف مبعوث ترامب الخاص، ونائب الرئيس جيه دي فانس.
ووفقاً لـ "دروب سايت نيوز"، فقد سعى بيت هيغسيث، في محاولة لكسب النفوذ داخل الإدارة، إلى تنفيذ استراتيجية روبيو بحماسة، حيث دأب على استهداف قوارب يدّعي، من دون دليل، أنها تحمل مخدرات، وحرق ركابها أحياءً. ويوم الخميس، وعد هيغسيث، وهو جالس بجانب ترامب، بشن حرب لا نهاية لها على المخدرات. وقال: "لقد أمضى جيلنا ما يقرب من عقدين في مطاردة القاعدة وداعش. وكما قال الرئيس، هذه هي داعش، هذه هي القاعدة في نصف الكرة الغربي... رسالتنا إلى هذه المنظمات الإرهابية الأجنبية هي أننا سنتعامل معكم كما تعاملنا مع القاعدة... سنقضي عليكم".
تحركات ضد فنزويلا
ولم يتضح في الإفصاحات الفيدرالية كيف ينفق روبيو تحديداً أموال "دعم الديمقراطية" المقدّمة من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، ومن أي مصادر. لكن سلسلة من العقود في الدول المجاورة تشير إلى تصاعد وتيرة الاستعدادات العسكرية في كولومبيا، بحسب ما أفاد به الموقع.
وتابع، أنه قد انطلقت معظم عمليات المقاومة المدعومة من الولايات المتحدة ضد مادورو - بما في ذلك محاولة الانقلاب الفاشلة "عملية غيديون" في أيار/مايو 2020 - من كولومبيا وغيانا. في أواخر أيلول/سبتمبر، وقّعت إدارة إنفاذ القانون الدولية التابعة لوزارة الخارجية الأميركية عقداً لمدة عامين بقيمة 4.8 ملايين دولار مع شركة "VirTra، Inc"، ومقرّها أريزونا، لإنشاء "ميدان رماية افتراضي في كولومبيا".
كما تم إبرام صفقتين لبيع معدات عسكرية أجنبية عبر خفر السواحل الأميركي: صفقة بقيمة 1.73 مليون دولار لعدد غير محدد من القوارب بطول 21 قدماً، جرى توقيعها في 12 أيلول/سبتمبر، وصفقة أخرى بقيمة 3.8 ملايين دولار لثمانية قوارب نهرية قتالية ثقيلة بطول 25 قدماً، وُقّعت بعد أربعة أيام. كما حصل فرع "أرلينغتون" لشركة "ديلويت" للاستشارات الدولية على عقد لمدة ثلاث سنوات بقيمة 3 ملايين دولار مع مكتب موارد الطاقة التابع لوزارة الخارجية الأميركية لتقديم خدمات في كولومبيا في 30 أيلول/سبتمبر، بعد سنوات من العمل الاستشاري في مجال المعادن في المنطقة، وفقاً للموقع.
وبينما تشير هذه العقود إلى ضخ ملايين الدولارات في كولومبيا، إلا أن موجة التمويل هذه قد تتقوّض الآن بسبب إدانة الرئيس غوستافو بيترو الأخيرة للغارة الجوية الأميركية المميتة التي استهدفت قارب صيد في المياه الكولومبية في 15 أيلول/سبتمبر.
وتابع الموقع أنه في 3 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، اتّهمت نائبة مادورو، ديلسي رودريغيز، شركة "إكسون موبيل" بتمويل هجوم عسكري في المنطقة. جاء هذا الاتهام بعد أقل من أسبوعين من إعلان شركة النفط التي تتخذ من تكساس مقراً لها عن توسيع أعمالها في غيانا بقيمة 6.8 مليارات دولار، وهي الدولة التي تخوض نزاعاً حدودياً طويل الأمد مع فنزويلا بشأن منطقة إيسيكويبو. وصرّحت رودريغيز قائلة: "لقد فتحت غيانا الأبواب أمام الغازي الأميركي والعدوان العسكري ضد منطقتنا"، مضيفةً أن "إكسون موبيل" "تموّل حكومة غيانا" لهذا العمل. (على النقيض من ذلك، تربط حكومة مادورو علاقة ودية طويلة الأمد مع شركة شيفرون، المنافسة لشركة إكسون موبيل في منطقة هيوستن، والتي تُعد مسؤولة عن نحو ربع إنتاج النفط في البلاد)، بحسب "دروب سايت نيوز".
هذا ولفت الموقع إلى أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA) سعت أيضاً إلى التغلغل في وسائل الإعلام. فقد قام ديل بيندلر، الرئيس السابق لمحطة وكالة الاستخبارات المركزية في باريس، والذي يواجه اتهامات، بتسجيل نفسه مؤخراً بأثر رجعي كعميل أجنبي لأرماندو كابريليس، الذي وصفه بأنه الرئيس التنفيذي لشركة كادينا كابريليس، وهو الاسم السابق للشركة الأم لصحيفة أولتيماس نوتيسياس الفنزويلية الشهيرة.
ووفقاً لتسجيل بيندلر كعميل أجنبي، فقد حاول تجنيد كابريليس كعميل لوكالة حكومية أخرى (OGA) مقابل تخفيف العقوبات الأميركية المفروضة عليه في عام 2019. (ليس من الواضح إذا ما كان قد نجح في تجنيد أرماندو كعميل).
محاولات مستمرة لإسقاط نظام مادورو
كما ذكر الموقع أن سجلات العقود الحكومية تُسلّط الضوء أيضاً على أنشطة العمليات الخاصة الأميركية طويلة الأمد في المنطقة. فقد شاركت شركة ماديسون سبرينغفيلد، إنك (MSI)، المتخصصة في حرب المعلومات ومقرها تكساس، في دراسة تقييمية بعنوان "رجال الأشباح في غيانا" لمدة عام واحد بتكلفة 458,915 دولاراً أميركياً لمصلحة قيادة العمليات الخاصة للجيش الأميركي بدءاً من سبتمبر 2021. وقبل اكتمال الدراسة، استحوذت شركة بريميس داتا، المتخصصة في جمع المعلومات من خلال العمل الحر ومقرها سان فرانسيسكو، على شركة MSI سراً، والتي تلقت بدورها عقداً فرعياً بقيمة 498,701 دولاراً أميركياً من خلال الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) لجمع المعلومات في فنزويلا قبل 35 يوماً من محاولة انقلاب عملية "غيديون" الفاشلة، وفقاً للإفصاحات العامة. وبعد إفلاس شركة بريميس، استحوذت شركة كولمن إنترناشونال، المتخصصة في العمليات الخاصة ومقرها الإسكندرية، على الشركتين في آب/أغسطس.
"تعزيز الديمقراطية"
كما أشار الموقع إلى أن الحكومة الأميركية حاولت إطاحة الحكومة الاشتراكية في فنزويلا لعقود، بما في ذلك من خلال مكتب مبادرات الانتقال التابع للوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، وفقاً لبرقية دبلوماسية أميركية مسرّبة على نطاق واسع من عام 2006. وقد فصلت البرقية استراتيجية المكتب المكونة من خمس نقاط لمعارضة سلف مادورو، هوغو شافيز، على النحو التالي:
1) "تعزيز المؤسسات الديمقراطية"
2) اختراق القاعدة السياسية لشافيز
3) تقسيم الشافيزية
4) حماية المصالح التجارية الأميركية الحيوية
و 5) عزل شافيز دولياً.
الدور الخفي لـ"المؤسسة الوطنية للديمقراطية"
وتابع: تضطلع المؤسسة الوطنية للديمقراطية (NED)، وهي الذراع شبه العلنية للعمل السياسي الدولي الأميركي، بمهمة صعبة تتمثل في تمويل المنظمات غير الربحية والصحافيين بطريقة تخدم، من جهة، أهداف السياسة الخارجية الأميركية، ومن جهة أخرى، تسمح للمستفيدين بالادّعاء بالاستقلالية. حتى أن إدارة ترامب الأولى أعربت، بحسب ما ورد، عن إحباطها من حملة "تعزيز الديمقراطية" السرية التي شنتها وكالة الاستخبارات المركزية ضد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو في عام 2019، والتي كانت "لا تختلف" عن نظيراتها العلنية.
ووفقاً للموقع، قبل محاولة إطاحة مادورو بشكل غير موفق، تفاخرت "المؤسسة الوطنية للديمقراطية" بدعمها لتحقيق "بتروفراود" الحائز جوائز من مؤسسة كونيكتاس ومقرها بوغوتا، وحملة في وسائل التواصل الاجتماعي لدعم معارضة مادورو، تحت وسم #SetThemFree. (تأسست كونيكتاس في عام 2012 كفرع من زمالة هارفرد، وقد كشفت علناً عن تمويلها من المؤسسة الوطنية للديمقراطية منذ عام 2013 على الأقل، لكنها أقل شفافية بشأن تلقيها ما لا يقل عن 88000 دولار من مكتب الشؤون الدولية لمكافحة المخدرات وإنفاذ القانون التابع لوزارة الخارجية الأميركية، والذي يعمل عن كثب مع وكالات الشرطة الدولية، بما في ذلك في أنشطة مثل التنصت على المكالمات الهاتفية).
وأشارت "المؤسسة الوطنية للديمقراطية" مرة أخرى علناً إلى عملها مع كونيكتاس في الفترة التي سبقت تنصيب مادورو لولايته الثالثة، مسلطة الضوء على حملة "عملية إعادة التغريد" التي أطلقتها المؤسسة لنشر الصحافة النقدية بشكل مجهول من خلال صور رمزية مدعومة بالذكاء الاصطناعي. وأشار البيان الصحافي نفسه إلى أن المؤسسة الوطنية للديمقراطية "نشرت بسرعة خطة طوارئ ثلاثية المحاور: دعم المنظمين السياسيين لتعبئة الشبكات الشعبية، وتقديم المساعدة الطارئة - بما في ذلك إعادة التوطين والمنازل الآمنة والخدمات الطبية والنفسية - للمهددين، ودعم مجموعات المجتمع المدني الأساسية التي تقدم المساعدة القانونية والتقنية والإنسانية للسجناء السياسيين وعائلاتهم".
ودأبت وزارة الخارجية الأميركية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) المنحلة حالياً، لسنوات، على حجب أسماء الجهات المستفيدة من تمويلات الأنشطة السياسية في المناطق الحساسة من سجلات العقود العامة، متذرعةً بالتزاماتها بمنع إلحاق الضرر. وقد "انتقلت المؤسسة الوطنية للديمقراطية" (NED) من حذف ملايين الدولارات من منح أوكرانيا بأثر رجعي في عام 2022 إلى إنهاء سياسة الكشف التلقائي عن أسماء المستفيدين من المنح علناً من خلال سياسة جديدة تحت مسمى "واجب الرعاية" في نيسان/أبريل 2025.
استهداف برامج المساعدات في فنزويلا
من جهتها، قامت إدارة ترامب الجديدة بتقليص غالبية برامج الأنشطة السياسية التابعة للوكالة الأميركية للتنمية الدولية خلال الأشهر الأولى من توليها السلطة، مع الإبقاء جزئياً على عدد قليل من البرامج المناهضة للشيوعية في كوبا كاستثناء نادر.
وكشفت قائمة مسربة لبرامج الوكالة الأميركية للتنمية الدولية التي نشرتها صحيفة "بوليتيكو"، أن عمليات الإلغاء ضمن سياسة "أميركا أولاً" شملت إنهاء منحة بقيمة 6.2 ملايين دولار لشركة "شركاء الأميركيتين" (Partners of the Americas, Inc.) التي وعدت بـ"ضمان انتقال سلس من نظام توزيع الغذاء الذي تسيطر عليه الحكومة في ظل نظام مادورو إلى نظام غذائي قائم على السوق في ظل حكومة فنزويلية جديدة".
وقد استُهدِف برنامج دعم الغذاء التابع لمادورو، المعروف باسم اللجان المحلية للإمداد والإنتاج (CLAP)، بشدّة، بالعقوبات الأميركية خلال فترة ولاية ترامب الأولى، حيث جرى تسليم أحد قادة البرنامج إلى ميامي.