"الغارديان": ما الذي يمكن أن يحققه مؤتمر الأطراف الثلاثين "Cop30"؟
في خضمّ المشاحنات والخطابات المبالغ فيها والمصالح المتنافسة، ما الذي يمكن أن يحقّقه مؤتمر الأطراف الثلاثين؟
-
"الغارديان": ما الذي يمكن أن يحقّقه مؤتمر الأطراف الثلاثين "Cop30"؟
صحيفة "الغارديان" البريطانية تنشر تقريراً يتناول أزمة المناخ العالمية وجهود التعامل معها، مع التركيز على مؤتمر الأطراف الثلاثين للأمم المتحدة (COP30) في بيليم بالبرازيل، ويوضح أنّ هذا المؤتمر يمثّل اختباراً لقدرة العالم على الالتزام باتفاقيات المناخ، خصوصاً اتفاقية باريس.
أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية:
كان سورأنجيل ويبس، رئيس دولة بالاو الصغيرة في المحيط الهادئ، يجلس في الصف الأمامي للجمعية العامّة للأمم المتحدة في نيويورك عندما ألقى دونالد ترامب خطاباً طويلاً ومطوّلاً، وهو الأول له أمام الأمم المتحدة منذ إعادة انتخابه في 23 أيلول/سبتمبر.
كان ويبس مستعداً لغضب الرئيس الأميركي وتصريحاته الطنانة، لكن ما تلا ذلك كان صادماً. كان هجوم ترامب العنيف على أزمة المناخ "خدعة بيئية"، "أكبر عملية احتيال على الإطلاق"، "تنبؤات من أغبياء"، هجوماً غير مسبوق على العلم والعمل العالمي من زعيمٍ بارز.
بالاو، المهدّدة بارتفاع منسوب مياه البحر والفيضانات والعواصف الشديدة، موطنٌ لنحو 20 ألف شخص، يُرجَّح أن يصبحوا جميعاً لاجئين إذا تجاوزت درجة الحرارة العالمية 1.5 درجة مئوية لفترة طويلة، وهو احتمالٌ يسعون جاهدين لمنعه. إنهم يدركون أنهم مجرّد البداية، في خط المواجهة. عالمياً، ستُدمَّر منازل مئات الملايين من الناس وسبل عيشهم بسبب الانهيار المناخي في غضون عقود.
يقول ويبس: "أطفالنا بحاجة إلى الأمل، يحتاجون إلى الإلهام. يحتاجون إلى رؤيتنا نتكاتف لحلّ المشكلات".
ولكن ما حصلوا عليه بدلاً من ذلك كان خطاباً غاضباً، وعدمَ تصديقٍ، وإحباطاً.
المدّ الشعبوي
تشعر الدول الضعيفة حول العالم باستياء ويأس. فبعد سنوات بدا فيها أنّ العالم بدأ يتحرّك لمواجهة أزمة المناخ، اجتاحته موجةٌ شعبوية، مما أدّى إلى تراجع التقدّم في العديد من الديمقراطيات أو تهديدها.
كانت كلمات ترامب التعبيرَ الأكثر تطرّفاً عن اتجاهٍ يمينيّ عالمي. في الاتحاد الأوروبي، أجّلت التجمّعات السياسية اليمينية المتشدّدة اتخاذ قراراتٍ رئيسية بشأن أهداف الانبعاثات، وتسعى إلى مزيدٍ من التخلّي عن العمل المناخي. أما حزب الإصلاح، المتصدّر في استطلاعات الرأي في المملكة المتحدة، فيتبنّى الإنكار علناً. وفي الأرجنتين، وجّه خافيير ميلي، حليف ترامب، انتقاداته اللاذعة إلى سياسة المناخ والاقتصاد.
ومع ذلك، تُظهر استطلاعات الرأي أنّ الغالبية العظمى من الناس، 89% عالمياً، قلقون بشأن أزمة المناخ ويرغبون في اتخاذ إجراءات. وقد حقّق سياسيون مؤيّدون للمناخ انتصاراتٍ غير متوقّعة: مارك كارني في كندا، وأنتوني ألبانيز في أستراليا، وكلوديا شينباوم، عالمة المناخ، في المكسيك.
هذا الأسبوع، ستتصادم تلك القوى الجيوسياسية المؤثّرة في مدينة بيليم الصغيرة بجنوب الأمازون. تنطلق قمة المناخ للأمم المتحدة (COP30) يوم الاثنين، بجدول أعمال حافل للمضيفين البرازيليين، حيث سيتمّ البتّ في 145 بنداً على مدار أسبوعين، تتراوح بين مسائل خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وتقديم المساعدات المالية للدول الفقيرة، وحقوق الشعوب الأصلية، وتعزيز الطاقة النظيفة، والحفاظ على غابات العالم.
ليست المشاحنات بين الدول، والكلام البذيء، وتنافس المصالح الوطنية، سوى جزءٍ من القصة. فالطبيعة تقدّم روايتها الخاصة. خارج قاعات المؤتمرات المكيّفة، ترتفع درجات الحرارة بسرعة، وقد تجاوزت لمدة عامين الحدَّ الآمن نسبياً البالغ 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، والذي تعهّدت الدول بالالتزام به. تتزايد الأدلة على انهيار المناخ بسرعة: إعصار ميليسا القياسي الذي دمّر جامايكا الشهر الماضي، وارتفاع درجات الحرارة إلى ما يزيد على 50 درجة مئوية في الشرق الأوسط، وارتفاع درجات حرارة المحيطات بشكلٍ كبير. وقد حذّر العلماء من أنّ أولى نقاط سلسلة "التحوّل"، ابيضاض الشعاب المرجانية في المحيطات، يبدو أنها قد وصلت بالفعل.
سيدور في قلب مؤتمر الأطراف الثلاثين سؤالان رئيسيان: ما الذي يمكن للعالم فعله لوقف تسارع الاحتباس الحراري العالمي؟ وهل يمكن القيام بذلك في الوقت المناسب لمنع كارثةٍ لا يمكن وقفها؟
"بيليم هو الاختبار"
تتركّز رئاسة البرازيل لمؤتمر الأطراف الثلاثين في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ، منذ توقيعها في قمة الأرض في ريو دي جانيرو عام 1992، على العالم النامي، والأولوية القصوى للدولة المضيفة هي محاولة الحفاظ على الوحدة وسط الانقسامات العالمية الصارخة.
يصف البعض هذا المؤتمر بأنه الأكثر أهمية منذ توقيع اتفاقية باريس قبل عشر سنوات. في باريس، حدّدت الدول أهدافاً وطنية للحدّ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري أو خفضها، لكنها لم تكن كافية للالتزام بحدّ الـ1.5 درجة مئوية الذي نصّت عليه المعاهدة. بعد ست سنوات، في مؤتمر الأطراف السادس والعشرين في غلاسكو، خفّضت جولةٌ جديدة من التعهّدات ارتفاعات درجات الحرارة المتوقعة بشكلٍ أكبر، ولكن إلى نحو 2.7 درجة مئوية فقط. في هذا المؤتمر، ستحتاج الدول إلى مراجعة أهدافها مجدداً، ولكن مع ارتفاع درجات الحرارة بوتيرة أسرع من المتوقّع، يجب أن تكون هذه المراجعات عاجلةً وعميقة.
يقول بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة وقت انعقاد قمة باريس: "اتفاقية باريس هي مهمتنا، وبيليم هي الاختبار". ويضيف: "في عالم مُمزّق، تبقى اتفاقية باريس الميثاق الوحيد الذي يُظهر قدرة البشرية على العمل ككيانٍ واحد، لكنها تحتاج إلى إنعاش من خلال العمل لا الخطابة. افعلوا ذلك، وستُصبح اتفاقية باريس خطةً فعّالة تحمي الناس وتُعزّز الاقتصادات. إذا قصرنا في ذلك، فإننا نُخاطر بتعريض وعدها، والأشخاص الذين كُتبت لحمايتهم، للخطر".
لتسهيل المفاوضات، دُعي قادة العالم إلى بيليم هذا الأسبوع، حيث اجتمعوا يومي الخميس والجمعة لحشد وزرائهم ومسؤوليهم قبل انطلاقها الرسمي. ولم يكن ترامب من بينهم بالطبع، ولا فلاديمير بوتين، الذي ضخّ غزوه لأوكرانيا مئات المليارات من الأرباح غير المتوقّعة في خزائن صناعة الوقود الأحفوري، التي استثمرت هي الأخرى في المزيد من الوقود الأحفوري.
لم يحضر الرئيس الصيني شي جين بينغ القمّة، بل شارك افتراضياً في الاجتماعات التمهيدية، التي وعد فيها باتخاذ المزيد من الإجراءات لتحويل الصين إلى اقتصادٍ أخضر. كما أبدت الهند إشاراتٍ مشجّعة: فرغم تغيّب رئيس وزرائها ناريندرا مودي عن القمّة، إلا أنّه زار برازيليا في تموز/يوليو، وقد تتجنّب هذه المرة النهاية القاسية لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ العام الماضي، عندما رفض مفاوضو الهند قبول ما اعتبروه تعهّداً غير كافٍ بتقديم 300 مليار دولار (230 مليار جنيه إسترليني) لتمويل المناخ من الدول الغنية.
لدى السعودية وروسيا وبعض حلفائهما تاريخٌ في عرقلة المسار، وقد تنضمّ إليهم الأرجنتين. ستكون هناك معارك، وربما أساليب تخريب.
فجوة الانبعاثات المتسعة
أفضل سبيلٍ للدول المؤيّدة للمناخ لدرء هذا التهديد هو وضع خططٍ وطنية صارمة لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. لكن، باستثناء حالاتٍ قليلة، لم يتحقّق ذلك.
تُشكّل المساهمات الوطنية المحددة (NDCs) حجرَ الأساس لاتفاقية باريس، فهي تُحدّد مدى وسرعة ووسائل الحدّ من انبعاثات الكربون التي ستُطبّقها الدول، بما يتماشى مع هدف الحدّ من الاحتباس الحراري العالمي إلى 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية.
حتى وقت كتابة هذا التقرير، كانت نحو 100 دولة قد قدّمت مساهماتها الوطنية المحدّدة، على الرغم من انقضاء الموعد النهائي الرسمي في شباط/فبراير. ولم تُقدّم الصين والاتحاد الأوروبي مساهماتهما الوطنية المحدّدة إلا قبل أيامٍ قليلة من بدء المؤتمر.
وبالنظر إلى هذه النتائج، فإنّ المساهمات المحدّدة وطنياً التي تمّ تلقّيها حتى الآن لن تُحقّق سوى سدس تخفيضات الانبعاثات اللازمة للالتزام بهدف 1.5 درجة مئوية، وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة.
أبدت البرازيل تردّدها في معالجة قصور المساهمات المحدّدة وطنياً، وأصرّ فريق الرئاسة على أنها ليست جزءاً رسمياً من تفويض مؤتمر الأطراف الثلاثين، إذ تقع مسؤولية صياغتها على عاتق كلّ دولةٍ على حدة. ولم يُتح المجال لمناقشة المساهمات المحدّدة وطنياً ضمن جدول الأعمال إلا بعد الاحتجاجات، ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت ستُفضي إلى نتيجة تُلزم باتخاذ خطواتٍ واضحة لسدّ "فجوة الانبعاثات" المتّسعة بين ما تمّ التعهّد به وما هو مطلوب.
تقول البرازيل إنها تريد التركيز على "التنفيذ" بدلاً من الكلام في غرف المفاوضات المغلقة. وفي بعض النواحي، يزدهر العمل المناخي، في بعض المناطق والقطاعات، بطرقٍ لم يكن من الممكن تصوّرها حتى قبل عقدٍ من الزمن. فقد ساهمت مصادر الطاقة المتجددة، وعلى رأسها الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، بأكثر من 90% من سعة الطاقة الجديدة المضافة عالمياً العام الماضي، حيث أصبحت الطاقة الشمسية الآن أرخصَ كهرباء في التاريخ. ومن المتوقّع أن يصل الاستثمار العالمي في الطاقة النظيفة إلى 2.2 تريليون دولار هذا العام، وهو ما يعادل ضعف الإنفاق على الوقود الأحفوري تقريباً. في العام الماضي، كانت واحدة من كلّ خمس سياراتٍ جديدةٍ مباعةٍ حول العالم كهربائية، وهناك الآن وظائف في مجال الطاقة النظيفة أكثر من الوقود الأحفوري.
إنّ هذا النوع من العمل في العالم الحقيقي هو ما يصنع الفارق بالنسبة للناس، فهو يُخرج العمل المناخي من غرف المفاوضات وقاعات مجالس إدارة الشركات إلى غرف المعيشة، على حدّ تعبير رئيس المناخ في الأمم المتحدة، سيمون ستيل.
مطالب الجنوب العالمي
تُدرك البرازيل تماماً أنّ الدول النامية ستُقيِّم مؤتمر الأطراف هذا بناءً على مدى مساعدته لها في تحقيق أهدافها الرئيسية: المساعدة المالية لمساعدتها على التكيّف مع آثار تدهور المناخ، والاستثمار في اقتصاداتها للتحوّل إلى الطاقة النظيفة. يقول محمد عدو، مدير مركز أبحاث "باور شيفت أفريكا": "نحتاج إلى صفقة عادلة. هذه ليست أعمالاً خيرية، بل هي استثمارات في كوكبٍ مستقرٍّ صالحٍ للعيش. نحتاج إلى أن نرى دول الشمال تتشارك تكنولوجيا الطاقة النظيفة مع دول الجنوب".
كان التمويل القضيةَ الرئيسية في مؤتمر الأطراف العام الماضي، إلا أنّ الاتفاق الذي تمّ التوصّل إليه هناك ترك مرارةً لدى العديد من الدول الفقيرة. اتفق مؤتمر الأطراف التاسع والعشرون على هدف ضمان تدفّق 1.3 تريليون دولار سنوياً إلى الدول النامية بحلول عام 2035، لكنّ الدول الغنية وافقت على تقديم 300 مليار دولار فقط من هذا المبلغ، وترك الباقي ليأتي من القطاع الخاص وآليات جمع الإيرادات، مثل ضريبة الشحن (المؤجّلة الآن) ورسوم المسافر الدائم، إضافة إلى أسواق الكربون والأعمال الخيرية.
ولكن من دون الولايات المتحدة، فإنّ حتى التعهّد الضئيل الذي قطعه العالم المتقدّم العام الماضي بتقديم 300 مليار دولار يبدو أنّ هناك صعوبةً في تحقيقه.
وسيكون التعاون بين بلدان الجنوب العالمي، والذي قد يشمل الصين وبعض البلدان ذات الدخل المتوسّط التي بدأت بالفعل على مسارٍ أكثر خضرة، أمراً أساسياً أيضاً.
قالت أرونابها غوش، الرئيسة التنفيذية لمجلس الطاقة والبيئة والمياه، وهو مركز أبحاثٍ هنديّ، والمبعوثة الخاصة لرئاسة مؤتمر الأطراف الثلاثين: "نحن جميعاً تحت حصارٍ جماعي، وعندما تكون تحت الحصار، كلما اجتمعنا معاً، زادت فرصنا في البقاء على قيد الحياة في مواجهة الأعاصير الحقيقية والمجازية المقبلة نحونا".
قادة العالم الذين حلّقوا فوق غابات الأمازون المطيرة، بمساحتها الخضراء الشاسعة التي شوّهتها آثار قطع الأشجار على نطاق واسع، ومزارع الماشية، وعمليات إزالة الأشجار الصغيرة الفردية، لا يشكّكون في مطلب البرازيل الرئيسي منهم: الانضمام إلى مرفق الغابات الاستوائية الدائمة (TFFF). بالنسبة للرئاسة، سيكون هذا أهمَّ إنجازٍ لمؤتمر الأطراف الثلاثين: صندوقٌ سيُستخدم للحفاظ على الغابات القائمة.
تسعى البرازيل إلى جمع تعهّدات بقيمة 25 مليار دولار أميركي لصندوق تمويل الغابات في المرحلة الأولى، بهدف جذب 100 مليار دولار إضافية من الأسواق المالية العالمية. وستُصرف هذه الأموال للمناطق الحرجية، مكافأةً لها على الحدّ من إزالة الغابات وتوفير التمويل اللازم لجهود الحفاظ على التنوّع البيولوجي.
لكنّ الموضوع الذي يبدو أنّ المضيفين أقلّ ارتياحاً له هو السبب الجذري لأزمة المناخ: الوقود الأحفوري. في مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين في دبي عام 2023، اتُخذ قرارٌ تاريخي، وهو أنّ على العالم "التحوّل بعيداً عن الوقود الأحفوري". قد يبدو من المدهش أنّ هذه كانت المرة الأولى منذ 30 عاماً من المحادثات التي يُعالج فيها هذا الموضوع بشكل مباشر، فقد حال تعنّت الدول النفطية والحاجة إلى توافق الآراء داخل عملية الأمم المتحدة دون اتخاذ مثل هذه الخطوة من قبل.
بمجرّد انتهاء المفاوضات، بدأت الدول النفطية الأخرى، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، بمحاولة نقض الاتفاق. وفي مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين في أذربيجان، وهي دولة أخرى تعتمد بشكل كبير على تصدير النفط والغاز، أُحبطت محاولات إعادة تأكيد القرار.
ويريد المؤيّدون استئناف القتال مرة أخرى هذا العام، على الرغم من أنه من المعتقد أنّ نحو 50 دولة تريد منع مناقشة الأمر.
تُصنّف البرازيل ضمن أكبر عشر دول مُصدّرة للنفط والغاز عالمياً، وهي تُنقّب عن حقول جديدة، بعضها قبالة سواحل الأمازون. وقد دافع رئيس البلاد، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، بقوّة عن حقوق الدول الفقيرة في مواصلة استغلال مواردها، مُجادلاً بأن الدول الغنية التي استفادت منها لقرنين من الزمن، وتسبّبت في أزمة المناخ، هي التي يجب أن تتوقّف.
وعلى مدى الأسبوعين المقبلين، سيكون دور البرازيل هو تسهيل هذا النقاش، وسوف تكون قرارات الدولة المضيفة بشأن كيفية التعامل مع هذه القضية حاسمة.
انتقال عادل
ويقول ليو روبرتس من مؤسسة "E3G" البحثية: "إن عدم قدرة مؤتمر الأطراف على التعامل مع الوقود الأحفوري من شأنه أن يقوّض مصداقيته".
إذا وُجد نقاشٌ كهذا، فلا يُمكن أن يتمّ إلا في سياق "انتقالٍ عادل" عالمي، كما تُجادل جماعات المجتمع المدني. وهذا يعني ضمان عدم التخلّي عن العمال والفقراء والفئات الضعيفة، أو استغلالهم في سباق الطاقة النظيفة.
أقرّ أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، بهذه المشكلة في تموز/يوليو، قائلاً: "غالباً ما توجد المعادن الأساسية التي تُغذّي ثورة الطاقة النظيفة في دولٍ استُغِلّت منذ زمن طويل. واليوم، نرى التاريخ يُكرّر نفسه. مجتمعاتٌ تُساء معاملتها، وحقوقٌ تُنتهك، وبيئاتٌ تُدمّر. دولٌ عالقةٌ في قاع سلاسل القيمة بينما تجني دولٌ أخرى الثمار. ونماذجُ الاستخراج تُعمّق التفاوتَ والأضرار. يجب أن ينتهي هذا".
تسيطر الصين على غالبية سلسلة توريد المعادن الحيوية في العالم، لكن الولايات المتحدة حريصة على توسيع حصتها. لم تكن أيٌّ منهما تاريخياً راغبةً في مبادرات الأمم المتحدة التي تفرض قواعد جديدة على أسواقها، لكن لولا لطالما كان من أشدّ مناصري حقوق العمال.
مع حتمية الخلافات حول جدول الأعمال، إلى جانب انعدام الثقة بين الدول الغنية والفقيرة، واحتمالية التهديدات من الولايات المتحدة وحلفائها، قد تعتبر البرازيل نجاح مؤتمر الأطراف من دون اضطرابات كبيرة انتصاراً. الديمقراطية في البرازيل، كما هو الحال في العديد من الدول التي يهيمن عليها السياسيون الشعبويون وتعاني من ضائقة اقتصادية، في حالة هشة، فمجرد الحفاظ على تماسك الأمور أمرٌ صعبٌ بما فيه الكفاية.
لكنّ الفقراء والمستضعفين حول العالم يحتاجون ويستحقّون أكثر بكثير، كما تقول مينا رامان، رئيسة البرامج في شبكة العالم الثالث. ولن تكفي الوعود المستقبلية بتحسين السلوكيات لحمايتهم. إنهم بحاجة إلى العمل الآن، والتمويل الآن، وخطة واضحة للالتزام بأعلى مستوى ممكن من درجة الحرارة المئوية ونصف.
تُحذّر قائلةً: "لم يعد يكفي مجرّد التذكير بضرورة إنقاذ التعددية. يجب أن نُنجز مهمة إنقاذ الكوكب وحماية الفئات الأكثر ضعفاً في العالم. ما نحتاجه الآن هو عملٌ جريء ومسؤول يُعطي الأولوية للعدالة والإنصاف والبقاء".
تمّ تعديل هذه المقالة في 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2025. وكانت النسخة السابقة تشير إلى أنّ أقل من 100 دولة قدّمت مساهماتها المحدّدة وطنياً قبل مؤتمر الأطراف الثلاثين؛ وفي الواقع، قدّمت أكثر من 100 دولة مساهماتها المحدّدة وطنياً الآن.
نقلته إلى العربية: بتول دياب.