"المونيتور": هل يتصاعد الخلاف بين ترامب ونتنياهو؟

إن الاتفاق بين الولايات المتحدة وحركة حماس لإطلاق سراح عيدان ألكسندر ليس سوى واحد من سلسلة من القضايا التي تتسع فيها الفجوة بين واشنطن وحكومة نتنياهو.

0:00
  • "المونيتور": هل يتصاعد الخلاف بين ترامب ونتنياهو؟

موقع "المونيتور" الأميركي ينشر مقالاً يتناول الخلافات المتزايدة بين إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب وحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في ضوء عدة قضايا إقليمية ودولية.

يُبرز النص أنّ ترامب، رغم تأييده التقليدي لـ"إسرائيل"، أصبح يتخذ مواقف قد تتجاوز سياسات نتنياهو أو تتعارض معها، ما يعكس أزمة في العلاقة بين الزعيمين.

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية: 

مع مغادرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى منطقة الخليج، يُسلّط الاتفاق بين الولايات المتحدة وحماس لإطلاق سراح آخر الرهائن الأميركيين عيدان ألكسندر، يوم أمس الاثنين، الضوء على الخلافات المتزايدة بين إدارة ترامب وحكومة نتنياهو حول عدة قضايا.

أقرّ مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يوم الاثنين بأنّ "إسرائيل" لم تشارك في المفاوضات التي أدّت إلى إطلاق سراح ألكسندر، ما أثار غضب عائلات الأسرى الذين يعتقدون أنّ ترامب أكثر التزاماً بتأمين إطلاق سراح أسراه ووقف إطلاق النار في غزة من رئيس الوزراء الإسرائيلي.

وقال البروفيسور إيتان جلبوع من جامعتي بار إيلان ورايخمان، وهو خبير في العلاقات الإسرائيلية الأميركية، لموقع "المونيتور": "لا بد من أنّ ترامب قد توصّل إلى استنتاج مفاده أنّ نتنياهو يقف في طريقه لتحقيق رؤيته للشرق الأوسط".

وأضاف: "نرى ذلك في الطريقة التي تعامل بها ترامب مع إطلاق سراح ألكسندر، وأيضاً في جبهات أخرى متعددة، سواء كانت الحرب في غزة أو محادثات إيران أو التهديد الحوثي".

ووفقاً لجلبوع، فإنّ ترامب مؤيد حقيقي لـ"إسرائيل" والإسرائيلي، ولكن ليس بالضرورة لرئيس الوزراء نتنياهو أو حكومته، وقال: "في هذا الصدد، تشبه إدارة ترامب إدارة بايدن"، مؤكداً أنّ الطرفين يواجهان حالياً أزمة دبلوماسية.

حرب غزة

قال جلبوع: "كان إطلاق سراح ألكسندر قصة أميركية. إسرائيل لم تكن طرفاً فيها"، وكان آدم بولر، المبعوث الخاص لترامب لشؤون الأسرى، قد تفاوض مباشرةً مع حماس لفترة وجيزة. وأضاف جلبوع أنه في حين اعترضت "إسرائيل"، وتوقفت الاتصالات المباشرة لاحقاً، فإنّ إطلاق سراح ألكسندر يُظهر استعداد واشنطن لإبقاء "إسرائيل" على مسافة منها، حتى في قضية حساسة كهذه.

وبناءً على تصريحات ترامب الأخيرة، يُريد الرئيس الأميركي إنهاء الحرب في غزة، وتأمين إطلاق سراح الأسرى، وبدء مناقشات حول فترة ما بعد الحرب. في المقابل، يسعى نتنياهو إلى مواصلة الحرب، ويتجنب أيّ محادثات حول إدارة غزة بعد الصراع أو السعي إلى حل سياسي.

لا تتوافق أهداف ترامب ونتنياهو. وإذا استمر الأخير في محاربة موقف ترامب، فقد يتسع الصدع الدبلوماسي بينهما.

قد يلتقي ترامب الآن، خلال زيارته الإقليمية، الرئيس الفلسطيني محمود عباس. يقول جلبوع: "إن مثل هذا اللقاء سيُرسل إشارة واضحة إلى نتنياهو من إدارة ترامب بشأن ما تتصوره كخطوة تالية في غزة والضفة الغربية". ومع ذلك، أشار إلى أنّ ترامب لا يزال بعيداً عن الاعتراف بدولة فلسطينية.

قال رئيس قسم العلاقات الدولية في معهد "بيريز" الدبلوماسي الإسرائيلي السابق نداف تامير: "تضم إدارة ترامب صقوراً أيديولوجيين يتماهون مع سياسات نتنياهو، ولكن هناك أيضاً الكثيرون في حركة "لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى" الذين يُعطون الأولوية للأعمال التجارية. ولهذا، يجب حل النزاعات الدولية، لا تصعيدها". وأضاف: "تريد حكومة نتنياهو مواصلة حرب غزة لضمان بقائها السياسي".

وأشار تامير إلى أنّ الديناميكيات نفسها تنطبق على لبنان وسوريا، حيث تسعى الولايات المتحدة إلى الاستقرار. لا تلتزم "إسرائيل" التزاماً كاملاً بوقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة مع لبنان. وفي سوريا، تُبقي على قواتها في المنطقة العازلة وجبل الشيخ، فيما تُواصل الغارات الجوية قرب دمشق.

محادثات إيران

حثّ المسؤولون الإسرائيليون واشنطن على السعي للتوصل إلى اتفاق مع طهران مماثل للاتفاق مع ليبيا؛ الاتفاق الذي فكّك برنامجها النووي، لكن تامير يعتقد أنّ أيّ اتفاق مستقبلي سيُشبه على الأرجح اتفاق إيران لعام 2015 في عهد أوباما، أي تجميد التطوير النووي وتقييده بدلاً من إلغائه تماماً.

قال جلبوع: "أعتقد أنّ ترامب قرر بالفعل رغبته في التوصل إلى اتفاق مع الإيرانيين. نتنياهو يُفضّل فشل مفاوضات واشنطن مع طهران. بهذه الطريقة، يُمكنه تبرير عملية عسكرية ضد المشروع النووي الإيراني، بل وإضفاء الشرعية عليها أيضاً".

وأضاف أنّ نتنياهو كان يأمل أن تنضم الولايات المتحدة أو تقود ضربة على المواقع النووية الإيرانية، وخصوصاً بعدما عززت الولايات المتحدة وجودها العسكري في المنطقة. ومع ذلك، واستناداً إلى تفاؤل المسؤولين الأميركيين بشأن محادثات إيران، فإنّ تحركات القوات كانت تهدف إلى الضغط على طهران للدخول في مفاوضات جادة، وليس تمهيداً لهجوم.

وصفت "إسرائيل" نتنياهو ذات مرة بأنه أول زعيم عالمي يلتقي ترامب بعد توليه منصبه، وافترضت أنّ الأخير لن يفرض رسوماً جمركية على الصادرات الإسرائيلية. بدلاً من ذلك، اضطر نتنياهو إلى الجلوس في المكتب البيضاوي ومشاهدة ترامب يُعلن عن مفاوضات أميركية مباشرة مع طهران. وقد انكشف الخلاف بين الزعيمين فوراً.

المملكة العربية السعودية

يشير تقرير لرويترز في 8 أيار/مايو إلى أنّ الولايات المتحدة لم تعد تربط التعاون النووي المدني مع المملكة العربية السعودية بالتطبيع مع "إسرائيل". وقال جلبوع: "زيارة ترامب للمنطقة أقل جيوسياسية وأكثر تجارية".

في السنوات الأخيرة، سعت المملكة العربية السعودية إلى إبرام اتفاقية دفاعية مع الولايات المتحدة، وبدت مستعدة لتطبيع العلاقات مع "إسرائيل" بشروط معينة لنيل موافقة مجلس الشيوخ، لكن اتفاقية الدفاع هذه لم تعد مطروحة الآن. ويبدو أنّ التطبيع أصبح كذلك. وبدلاً من ذلك، تعرض الرياض على الولايات المتحدة صفقات أسلحة ضخمة وحزم استثمارية باستثناء "إسرائيل".

من وجهة نظر واشنطن، يبدو نتنياهو أكثر استجابة للوزيرين اليمينيين المتطرفين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير من استجابته للبيت الأبيض. ولكي تدرس الرياض التطبيع، ستحتاج "إسرائيل" إلى تقديم أفق سياسي بشأن القضية الفلسطينية، مثل خطاب نتنياهو في جامعة بار إيلان عام 2009 الذي اعترف فيه بحل الدولتين. أما احتمالات اتخاذ حكومة نتنياهو الحالية مثل هذا الموقف، فهي معدومة تقريباً.

قال جلبوع: "ترامب أقل اهتماماً بالسياسة الإسرائيلية الداخلية. ما يراه هو رئيس وزراء يستسلم لوزراء من حزب أقلية، وهذا قد يُفسر تجاهل ترامب لنتنياهو في القضية السعودية، إضافة إلى قضايا أخرى".

وأضاف تامير: "لقد أخطأ سفير إسرائيل في واشنطن، يحيئيل لايتر، عندما طلب من البيت الأبيض إشراك إسرائيل في زيارة ترامب الإقليمية". تهدف الزيارة إلى أن يُبرم ترامب صفقات تجارية، وهو ما لا تستطيع "إسرائيل" مواجهته مالياً. وبطلبه إشراكها في الزيارة، خلق لايتر أزمة إضافية من دون داعٍ.

نقلته إلى العربية: بتول دياب.