"ذا إنترسبت": كيف تُشوّه "نيويورك تايمز" الجدل الدائر حول معاداة السامية في الجامعات؟

أصدرت هارفارد تقريرين حول معاداة السامية والتحيّز ضدّ الفلسطينيين والعرب والمسلمين. خمّنوا أيهما أبرزته صحيفة "نيويورك تايمز"؟

0:00
  • ناشطون مؤيدون لفلسطين يتظاهرون أمام مقر صحيفة
    ناشطون مؤيّدون لفلسطين يتظاهرون أمام مقر صحيفة "نيويورك تايمز" أثناء مشاركتهم في إضراب عالمي من أجل غزة

موقع "ذا إنترسبت" الأميركي ينشر تقريراً يتناول التحيّز الإعلامي والمؤسساتي في التعامل مع تقارير التمييز في جامعة هارفارد، مركّزاً على التناقض بين الاهتمام الذي توليه صحيفة "نيويورك تايمز" لتقرير معاداة السامية مقارنة بتقرير التحيّز ضدّ المسلمين والعرب والفلسطينيين.

أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية بتصرّف:

أصدرت جامعة هارفارد تقارير متضاربة حول معاداة السامية والتحيّز ضدّ الفلسطينيين والعرب والمسلمين. خمّنوا أيّها ركّزت عليه صحيفة "نيويورك تايمز"؟

عندما يتعلّق الأمر بكيفيّة تعاملها مع مختلف المجموعات في الحرم الجامعي، تريد جامعة هارفارد أن يعلم العالم أنها جامعة متوازنة. فهي تهتم بجميع المجموعات على قدم المساواة. لذا، بطبيعة الحال، عندما أصدرت الجامعة يوم الثلاثاء تقريراً مطوّلاً عن معاداة السامية في هارفارد، أصدرت أيضاً تقريراً مطوّلاً عن الإسلاموفوبيا والتحيّز ضدّ العرب في هارفارد.

تكشف التقارير عن اختلال توازن عميق في هارفارد. فئة واحدة، في الغالب، تشعر بعدم الترحيب وعدم الأمان. ومع ذلك، لن تعرف أبداً أي فئة هي من خلال قراءة صحيفة "نيويورك تايمز".

قبل أن أقول أي شيء آخر، وهناك الكثير لأقوله، من المهم الإشارة إلى أنّ طريقة "نيويورك تايمز" في نشر هذا الخبر ستؤثر بشكل كبير على الرأي العام، وقد تُسبّب ضرراً كبيراً.

انظر إلى هاتين الفقرتين، اللتين وردتا في ثلثي مقالة "نيويورك تايمز" حول تقريري هارفارد:

"عملت فرقتا العمل معاً لإنشاء استطلاع رأي على مستوى الحرم الجامعي تلقّى ما يقرب من 2300 ردّ من أعضاء هيئة التدريس والموظفين والطلاب. وجدت الدراسة أنّ 6% من المشاركين المسيحيين أفادوا بشعورهم بعدم الأمان الجسدي في الحرم الجامعي، بينما أفاد 15% من المشاركين اليهود و47% من المشاركين المسلمين بالشعور نفسه. (لا ترصد الجامعة إجمالي عدد هذه المجموعات في الحرم الجامعي)".

"بالإضافة إلى 92% من المشاركين المسلمين الذين أعربوا عن قلقهم بشأن التعبير عن آرائهم، أعرب 51% من المشاركين المسيحيين و61% من المشاركين اليهود عن شعورهم بالمثل".

هل توضّح الأمر؟

بالنسبة لجميع المقالات والادّعاءات والتقارير والمقالات الفكرية ومقالات الرأي والتصريحات والخطابات الصادرة عن سياسيين منتخبين وغيرهم من الشخصيات البارزة حول تفشّي معاداة السامية في الحرم الجامعي، يكشف هذان التقريران الضخمان أنّ المجموعة الوحيدة في الحرم الجامعي - سواء كنا نتحدّث عن أعضاء هيئة التدريس أو الطلاب أو الموظفين - التي تشعر باستمرار بالتوتر عند التعبير عن آرائها وتشعر بعدم الأمان الجسدي في الحرم الجامعي هي المسلمون.

كثيراً ما يُطلب منا اعتبار مشاعر وتصوّرات الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والموظفين اليهود بمثابة مؤشرات على السلامة والأمان الموضوعيين والشعور بالترحيب الذي يشعر به اليهود أو لا يشعرون به في الحرم الجامعي في جميع أنحاء البلاد. ومع ذلك، ووفقاً لتجاربهم الذاتية في دراسات هارفارد الجديدة، يشعر الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والموظفين اليهود في هارفارد باستمرار بمزيد من الترحيب والأمان والحرية لكونهم يهوداً، بما في ذلك كونهم يهوداً صهاينة، مقارنةً بالمسلمين في هارفارد.

"التحيّز" أحادي الجانب

مع وضع ذلك في الاعتبار، دعونا نلقي نظرة على كيف استهلت صحيفة "التايمز" مقالها:

أصدر فريق عمل من جامعة هارفارد تقريراً لاذعاً عن الجامعة يوم الثلاثاء، مشيراً إلى أنّ معاداة السامية قد تسلّلت إلى المقرّرات الدراسية والحياة الاجتماعية، وتوظيف بعض أعضاء هيئة التدريس، والنظرة العالمية لبعض البرامج الأكاديمية.

وكشف تقرير منفصل عن التحيّز ضد العرب والمسلمين والفلسطينيين في الحرم الجامعي، نُشر يوم الثلاثاء أيضاً، عن انتشار الشعور بعدم الارتياح والاغتراب بين هؤلاء الطلاب، حيث قال 92% من المشاركين المسلمين في الاستطلاع إنهم يعتقدون أنهم سيواجهون عقوبة أكاديمية أو مهنية لتعبيرهم عن آرائهم السياسية.

لاحظ بعض الأمور.

افتتحت صحيفة التايمز تقريرها عن معاداة السامية، مُعطيةً الأولوية للتقرير المتعلّق بالمشاعر المعادية للعرب والمسلمين والفلسطينيين. وبالنظر إلى الإحصاءات التي أوردتها التايمز نفسها في عمق المقال، يبدو هذا اختياراً غريباً للترتيب.

لاحظ أيضاً المصطلحات. من جهة، لدينا مصطلح "معاداة السامية". معاداة السامية هي "جزء" من عائلة العنصرية، لذا فهي تُذكّر فوراً بأسوأ شرور المجتمع. لا شيء يُضاهيها عندما يتعلّق الأمر بالثلاثية "التحيّز ضدّ العرب، والتحيّز ضدّ المسلمين، والتحيّز ضدّ الفلسطينيين".

وفقاً لبنية الفقرات، فإنّ "هذه الجزئية" معاداة السامية هي الفاعل والمؤثّر. يمكنها أن تُلحق ضرراً جسيماً، وتتسلّل إلى الحرم الجامعي بأكمله وتؤثّر فيه. إنها حقيقة موضوعية - ما أسماه إميل دوركهايم "حقيقة اجتماعية". عندما يتعلّق الأمر بالتحيّز ضدّ العرب، والتحيّز ضدّ المسلمين، والتحيّز ضدّ الفلسطينيين، فإنّ الواقع الموضوعي لمسألة العنصرية يذوب في مشاعر الطلاب. يصبح تصوّراً أو رأياً ذاتياً للضحايا المزعومين، الذين قد يكونون أو لا يكونون ضحايا على الإطلاق.

على المنوال نفسه، تجمع معاداة السامية مجموعة من القضايا، بما في ذلك مختلف أشكال انتقاد "إسرائيل"، في شكل واحد: كراهية اليهود. من ناحية أخرى، لا توجد وحدة مصطلحات كهذه. وبدلاً من ذلك، نحصل على مجموعة غير مؤكّدة ومتغيّرة من "التحيّزات" المختلفة: ضدّ دين، وضدّ عرق، وضدّ مجموعة لا يعترف العديد من مؤيّدي "إسرائيل" حتى بأنها شعب، ناهيك عن أنها أمّة.

نقله إلى العربية: الميادين نت.