"ذا إنترسبت": مهنة الموت.. ماذا يحدث في القوات الجوية الأميركية؟
بيانات جديدة تكشف عن أزمة الانتحار في سلاح الجو الأميركي بعد سنوات من الإخفاء.
- 
بيانات جديدة تكشف عن أزمة الانتحار في سلاح الجو الأميركي  
موقع "ذا إنترسبت" الأميركي ينشر تحقيقاً استقصائياً موسعاً حول أزمة الانتحار المتفاقمة في صفوف القوات الجوية الأميركية، وخصوصاً بين فنيّي صيانة الطائرات، الذين يواجهون ظروف عمل قاسية ومناخاً مهنياً سامّاً يؤدي إلى تدهور صحتهم النفسية والجسدية.
أدناه نص التحقيق منقولاً إلى العربية:
لم يحضر الرقيب كوينتي براون إلى العشاء، مع أنَّ ذلك كان تقليداً شهرياً يحافظ عليه مع أصدقائه في سلاح الجو، يهدف إلى تذكير بعضهم البعض بأنَّهم لا يزالون بشراً. كان براون دائماً أول من يصل، يساعد في الطهي، يلعب مع الأطفال، ويبقى حتى وقت متأخر لتنظيف المكان. لكن في تلك الليلة الباردة من شهر كانون الثاني/ يناير 2023، ظلَّ أصدقاؤه يفحصون هواتفه يتساءلون عن غيابه غير المبرر وغير معتاد. وحين تفقّده أحد الأصدقاء وجده ميتاً داخل سيارته أمام منزله بعد أن أطلق النار على نفسه.
كان موت براون إحدى مئات الحالات التي سجلتها القوات الجوية الأميركية بهدوء خلال العقد الماضي، ووضعتها في ملفاتها على أنَّها مأساة منفردة أخرى. وبينما ينشغل وزير الدفاع بيت هيغسيث بالهوس حول ما يسميه "تليين" القوات الأميركية، يقوم البنتاغون بإخفاء حجم التهديد الحقيقي الذي يواجه حياة أفراد الجيش العاملين، في خضم أزمة انتحار تودي بحياة المئات من عناصر القوات الجوية الأميركية.
هذا أول تقرير مفصل يُنشر عن انتحار عناصر في القوات الجوية الأميركية، بالاستناد إلى مجموعة من البيانات حصل عليها موقع "ذا إنترسبت"، وهي مُنسّقة في جدول بيانات إكسل عن وفيات الطيارين حسب علامات فريدة حول أسباب الوفيات، من ضمنها الحالات الطبية والحوادث والجرعات الزائدة والعنف، وجروح طلقات نارية في الرأس وعمليات شنق بشكل متكرر.
بينما من المعروف منذ زمن طويل أنَّ أفراد القوات المسلحة الأميركية غالباً ما يعانون من مشاكل في صحتهم النفسية أثناء الخدمة أو بعدها، إلا أنَّ وزارة الدفاع دأبت على رفض تقديم بيانات مفصلة عن حالات الانتحار. وفي عام 2022، ألزم قانون تفويض الدفاع الوطني وزارة الدفاع بالإبلاغ عن حالات الانتحار حسب السنة، ومجال المهنة، وحالة الخدمة، لكن الوزارة والقوات الجوية لم تمتثلا. ولم يبذل الكونغرس جهداً يُذكر لفرض الإبلاغ الدقيق.
كما تتناقض مجموعة البيانات التي حصل عليها موقع "ذا إنترسبت" مع العديد من الإحصاءات والبيانات السابقة للقوات الجوية الأميركية حول الصحة النفسية، والقدرة على الصمود، والاستعداد للاستجابة. وتُظهر هذه البيانات نمطاً مُقلقاً من الوفيات التي يُمكن الوقاية منها، والتي قلّل القادة من شأنها أو تجاهلوها، زاعمين في كثير من الأحيان أنَّ نشر معلومات مُفصلة عن الانتحار يُشكّل خطراً على الأمن القومي. وفي حديثهم إلى "ذا إنترسبت"، وصف أفراد الخدمة الحاليون والسابقون خوفهم من التنمر، والانتقام المهني عند طلبهم علاجاً نفسياً.
تقول الرقيب السابق كايلا فورد، صديقة براون قبل انتحاره، "كان هذا دائماً الخوف الذي يلاحق صحته النفسية، ولطالما كان يحمل وصمة عار سلبية. لقد كان براون وفورد كلاهما من فنيي صيانة الطائرات في القوات الجوية، الذين يُحافظون على طيران طائرات. ومن بين 926 عضواً في القوات الجوية الذين لقوا حتفهم انتحاراً، أو لأسباب أخرى يمكن الوقاية منها، كان 306 منهم من فنيي الصيانة. ووفقًا لتحليل موقع "ذا إنترسبت". يمثل هذا القطاع أكبر مجال وظيفي في القوات الجوية، وفقاً لمكتب المحاسبة الحكومي، لكنه لا يمثل سوى ربع عدد أفراد القوات الجوية، وثلث حالات الانتحار والوفيات التي يمكن الوقاية منها.
الإدمان والانتحار مترابطان بشدة، حيث يلجأ الكثيرون إلى المواد المخدرة للتخفيف من الألم النفسي أو التوتر، وهي تُجدي نفعاً على المدى القصير، ولكن مع مرور الوقت، يترسخ الإدمان، وتمتد آثاره السلبية إلى صحتهم وعلاقاتهم وشعورهم بالأمل.
راجع موقع "ذا إنترسبت" أكثر من عقدين من الدراسات الممولة حكومياً وتقارير مكتب المحاسبة العامة، وأجرى مقابلات مع 16 مسؤولاً في القوات الجوية من قيادات رئيسية متعددة لأغراض هذا التحقيق. يقول النقيب السابق في القوات الجوية تشاك لي، والذي عمل ضابط صيانة لمدة 9 سنوات قبل أن ينتقل إلى الجيش ويتقاعد منذ ذلك الحين، إنَّ "صيانة الطائرات عمل شاق. في حين أنَّ معظم عمال الصيانة نادراً ما يشاركون في المعارك، إلا أنَّ ميدان العمل معروف بوتيرة عمل غير مستدامة، حيث يعمل الطيارون غالباً في نوبات عمل تتراوح بين 10 و16 ساعة لسنوات في بيئات عالية الخطورة. كما يمكن أن يؤدي التعرض المستمر للمواد الكيميائية السامة والصوت الصاخب للطائرات المقاتلة إلى مشاكل صحية مزمنة، ما يزيد من العبء النفسي على العاملين في الميدان.
وتشير الأدلة إلى إخفاقات هيكلية وإهمال منهجي في قيادة البنتاغون والقوات الجوية، خلال فترتين رئيسيتين من إعادة الهيكلة، عُرفتا بتخفيض الميزانية بين عامي 2013 و2014 وخطة الاستعداد لعام 2019، حيث قامت القوات الجوية بدمج الوظائف، ما قلّل من عدد القوات اللازمة لصيانة الأسطول، بينما ظلت متطلبات الطيران على حالها. وفي كلتا الفترتين، زادت حالات الانتحار.
تذكر فورد إرهاق براون الشديد في الأسبوع الذي سبق انتحاره. وقالت إنّه اتصل بأمه وقال لها، أمي أنا متعب جداً.
نجا أحد الضباط الذي طلب عدم ذكر اسمه، من محاولة انتحار في العام 2019 أثناء إجازته مع عائلته، حيث نُقل على وجه السرعة إلى غرفة الطوارئ بعد تناوله جرعات زائدة من الأدوية، وظل في المستشفى لمدة 7 أيام خلال عطلة عيد الميلاد. وبعد العلاج، عاد إلى العمل، قال، إنه واجه نبذاً اجتماعياً شديداً ومضايقات، ولاحقته وصمة العار حتى بعد انفصاله عن سلاح الجو".
في تصريح لموقع "ذا إنترسبت"، قال متحدث باسم القوات الجوية الأميركية، إنَّ الخدمة "تتبع نهجاً شاملًا ومتكاملًا لزيادة عوامل الحماية وتقليل خطر الانتحار"، مشيراً إلى برامج دعم الأقران مثل "وينغمان غارديان كونيكت"، وبرامج المرونة على مستوى الوحدات التي تشجع الطيارين والفنيين على طلب الدعم، وإرشادات جديدة لقادة الوحدات لما بعد حوادث الانتحار. وأشار المتحدث إلى أن هذه الأدلة قد اعتُبرت من أفضل الممارسات من قِبل لجنة المراجعة المستقلة للوقاية من الانتحار والاستجابة التابعة لوزارة الدفاع الأميركية، وأوصت باستخدامها.
لكن المسؤولين في القوات الجوية اتفقوا بالإجماع على أنَّ الحماية الحالية غير كافية، وفي بعض الحالات ضارة بشكل نشط. يقول أزمير دادلي، وهو طيار سابق رفيع المستوى، "الصحة النفسية في الجيش مُجرد هراء إن لم تُعالج نفسك بنفسك، وحتى لو خضعت للتسلسل القيادي الصحيح ولم أُسجّل نفسي للعلاج، لكنتُ في ورطة الآن. كذلك قال كل من تحدث في التقرير إنهم فقدوا صديقاً أو عضواً في الوحدة بسبب الانتحار أو جرعة زائدة أو حادث مأساوي قبل انتهاء فترة خدمتهم الأولى، وغالباً قبل سن 22 عاماً.
كذلك هو الافتراض الشائع بأنَّ اضطراب ما بعد الصدمة المرتبط بالقتال هو السبب الرئيسي لانتحار العسكريين، يوحي أنَّ الفنيين في مجال الصيانة أقلَّ عرضة للخطر. لكن النسبة المرتفعة بشكل غير متناسب من حالات الانتحار والجرعات الزائدة بينهم تروي قصة مختلفة. فقد كانت نحو 55% من وفيات فنّيي الصيانة بين عامي 2010 و2023 نتيجة للانتحار أو الجرعة الزائدة، وهو عدد يفوق الوفيات الناتجة عن حوادث السيارات، والحالات الطبية، وحوادث مكان العمل مجتمعة.
كما يواجه فنّيو الصيانة تعرضاً مستمراً للمواد الكيميائية، وجداول عمل غير منتظمة، وضوضاء شديدة. ويمكن أن تصل ضوضاء الطائرات المقاتلة إلى 195 ديسيبل أثناء الإقلاع، وهو أعلى بكثير من حدود الحفاظ على السمع في القوات الجوية البالغة 85 ديسيبل خلال 8 ساعات من العمل، والحد الأقصى البالغ 140 ديسيبل للضوضاء الاندفاعية، وهي دفعات قصيرة من الصوت قوية بما يكفي لإحداث ضرر فوري في السمع، وحتى مع استخدام حماية مزدوجة للسمع يمكن للاهتزازات أن تهز الأعضاء الداخلية.
يصف الفنيون هذا الصوت بأنَّهم يشعرون وكأنَّه يخترق جمجمتهم من الفم إلى الأعلى ويمزق الجزء العلوي من رؤوسهم. وكل فني تمت مقابلته أفاد بأنه يعاني من مشاكل صحية مزمنة مثل الأرق، والصداع، ومشاكل في الجهاز الهضمي ومتلازمة القولون العصبي أو الإمساك، وفقدان الذاكرة، وضعف التركيز، والاكتئاب، والقلق، وفي حالات نادرة، الذهان، والعديد من هذه الأعراض تشبه تلك التي تظهر في إصابات الدماغ الرضية أو التعرض للانفجارات.
إضافةً إلى المواد الكيميائية وفترات العمل الطويلة، يتعرّض الفنيون أيضاً لمواد سامة، مثل وقود الطائرات، والشظايا المعدنية التي تُطلق سحباً من شرائط معدنية صغيرة من الطائرة لتشويش رادارات العدو وحماية الطائرة من الاكتشاف، أو الاستهداف بالصواريخ. يمكن أن يكون استنشاقها قاتلاً، إذ يمكن للألياف المعدنية أو الزجاجية الصغيرة أن تمزق أنسجة الرئة، مسببة ضيقاً تنفسياً شديداً أو نزيفاً رئوياً.
كذلك، جميع الفنيين الذين عملوا في ساحة الطيران النشطة قالوا إنَّهم تعرضوا للوقود بشكل شبه مستمرّ، حيث كان الوقود أحياناً كأنَّه يُصب في آذانهم أو أفواههم أو على جلودهم طوال فترة المناوبة.
عادةً ما تستمرّ عقود التجنيد في القوات الجوية لمدة 4 سنوات، مع خيار التمديد إلى 6 سنوات. وقد رسم الفنيون الذين تمت مقابلتهم صورة لمعاناة شديدة وعذاب نفسي لدرجة أنَّ البعض رأى أنَّ الانتحار أفضل من قضاء 4 سنوات في تلك البيئة. عن ذلك يقول الرقيب السابق مايكل هادسون "كان لدينا أحد الجنود حاول إنهاء حياته مرات عدة، وفي إحداها ابتلع زجاجة كاملة من عقار تايلينول، وبعد أشهر عدة، وُجد يمشي على خطوط السكك الحديدية محاولاً أن يستلقي أمام القطار.
غالباً ما يستطيع الفنيون الذين يتمتعون بعلاقة جيدة مع قيادة الوحدة اختيار النوبات التي تُناسب نمط حياتهم. أمّا الجنود الذين يبدون آراءهم، أو يتحدثون بصراحة، فقد يُكلَّفون بنوبات العمل الليلية لأشهر أو حتى سنوات، رغم أَنَّ سياسة سلاح الجو تحدد مدة النوبات الليلية بثلاثة أشهر فقط. يقول إزمير دادلي، " قائد وحدتي أبقاني عمداً في نوبات العمل الليلية، مع أنَّه كان هناك من هو مستعد للتبديل معي، لكنَّ القيادة رفضت، بينما طَبِيبِي كانَ مَذْهُولاً من تجاهلهم التوجيهات الطبية. لقد شعرت أنَّني عاجز عن تغيير الأمر، رغم أنَّه كان يُؤثّر في صحتي.
"ليس مسموحاً لك أن تشتكي، لأنَّ هناك من يعاني أكثر منك"، يقول كولبي أبنر، الرقيب السابق في قسم الصيانة، والذي كان يخدم في قاعدة هيل الجوية في يوتا، "لذلك تتعلَّم أن تكبت الأمر إمّا بقوة الإرادة أو بالانغماس في الرذائل. ولقد شاهدت الكثيرين يفقدون أنفسهم تماماً في الإدمان، بسبب عملهم ضمن القوات الجوية.
وفي وحدات الصيانة، غالباً ما يُسحب الطيارون من الخدمة عندما يطلبون الرعاية الطبية، وهي سياسة تهدف إلى منع الحوادث ولكنَّها تُغذي انطباعاً بأنَّ من يطلب المساعدة يحاول التهرُّب من العمل، ويُعد كسولاً. وقال العديد من العاملين في الصيانة إنَّهم تعرضوا للسخرية أو المضايقة أو أشكال أخرى من الإساءة من قبل زملائهم والمشرفين بعد طلبهم للرعاية الطبية، ما زاد سوء صحتهم النفسية. وقالت فورد إِنَّه بصفتها المرأة السوداء الوحيدة التي كانت رئيسة فريق في وحدتها، واجهت تمييزاً شديداً وعزلة خلال فترة خدمتها.
وعلى الرغم من أنَّ سياسة القوات الجوية تفرض معايير صارمة للسرية وما يمكن لمقدمي الرعاية الكشف عنه للقادة أو المشرفين، فإن العاملين جميعهم في الصيانة الذين قابلتهم "ذا إنترسبت" قالوا إنَّ طلب الرعاية يمكن أن يُدمّر المسيرة المهنية للسائل عن المساعدة.
قال ميكا تمبلين، وهو فني سابق في صيانة أنظمة الأسلحة في سلاح الجو، "كان من المفهوم على نطاق واسع أنَّه إذا ذهبت إلى علاج الصحة النفسية، فلن تتقدم، ومسيرتك المهنية ستتوقف وستتعرض للنبذ". ويقول الاختصاصي النفسي سبنسر توماس، "من الواضح أن البيئات مثل تلك التي وُصفت في هذه القصة يمكن أن تزيد خطر الانتحار لدى الشخص. كما أنَّ الأبحاث حول بيئات العمل واضحة من خلال ساعات العمل الطويلة، وانعدام الاستقلالية، والثقافات السامة التي تتسم بالتنمر أو الطقوس القاسية كلها ترفع من خطر الانتحار، ومن ضمنها الحرمان من النوم الذي يشكل عاملاً رئيسياً، فحين يُحرم الشخص من الراحة، لا يستطيع دماغه التعافي، ومع مرور الوقت، يؤدي ذلك إلى الاكتئاب، وتدهور القدرات الإدراكية، وإلى السلوك الانتحاري.
بعد 20 عاماً من الخدمة العسكرية الفعلية، أصبح كريس ماكغي مُحامياً يُركِّز على الدفاع عن حقوق المحاربين القدامى. يقول إنَّه شهد على مدى عقدين من الزمن حالات من التنمر والإساءة داخل مجال الصيانة، كما ذكر لموقع "ذا إنترسبت"، ومنذ ذلك الحين كرَّس حياته المهنية القانونية لمنح صوت للعاملين في الصيانة في القوات الجوية، الذين تم "قطع ألسنتهم" لإبقائهم صامتين، ولقد كنت أنا نفسي جُزءاً من الإساءة التي يتعرَّض لها العاملون في الصيانة، وأنا أتحمَّل جُزءاً من المسؤولية عنها. وأتحدث الآن لأنَّ الصمت لا يحمي إلا النظام الذي يؤذي هؤلاء.
بعد سنوات من الإحباط بسبب القيادة العسكرية غير الفعّالة وتقارير المفتش العام ومكتب المحاسبة الحكومية التي من وجهة نظره، وثقت المشاكل من دون تقديم حلول، حيث توجه ماكغي إلى السيناتور أنغوس كينغ من ولاية ماين، ودفع باتجاه التدخُّل من خلال قانون تفويض الدفاع الوطني للسنة المالية 2023. وقد رعى السيناتور كينغ المادَّة 599، وهي تفويض يلزم وزارة الدفاع بنشر تقرير عن حالات الانتحار في الجيش، بما في ذلك توزيعها حسب السنة ورمز الوظيفة الخاص بكل خدمة، وذلك بحلول شهر كانون الأول/ديسمبر 2023.
عندما تم تمرير مشروع القانون، تلقى مكاغي نسخة من قانون تفويض الدفاع الوطني موقعة شخصياً من رئيسة مجلس النواب آنذاك نانسي بيلوسي، ورئيس لجنة الاعتمادات في مجلس الشيوخ باتريك ليهي، والرئيس جو بايدن، والسيناتور أنغوس كينغ الذي أرفق ملاحظة مكتوبة بخط اليد، "إلى كريس مع الشكر على الفكرة." وقد صدر التقرير في 30 تموز/ يوليو 2024. يقول مكاغي: "بعد 7 أشهر من التأخير، لم يُلتزم بالقانون، ولم تفصل حالات الانتحار حسب السنة أو حسب رموز الوظائف الخاصة بالخدمة، وكلاهما من المتطلبات الصريحة للقانون.
تُظهر رسائل البريد الإلكتروني والمكالمات والاجتماعات المسجلة التي قدمها ماكغي بالكامل وتم التحقق منها من قبل "ذا إنترسبت" أنَّ موظفي كينغ لم يراجعوا التقرير بعناية قبل إصدار إشادتهم حين صدر القانون واعتبروه إنجازاً.
قال جيف بينيت مستشار الأمن القومي ومساعد كينغ التشريعي، لماكغي في مكالمة هاتفية شاركها مع "ذا إنترسبت"، أعتقد أننَّي حصلت على التقرير قبل 24 ساعة فقط من نشره للعلن. كما أنَّ السيناتور كينغ قرأ التقرير صفحة صفحة، لكنَّه لم يركز كثيراً على القضية التي أثرتها". وأوضح بينيت في التسجيل أنَّ مكتب كينغ كان يعلم أنَّ وزارة الدفاع لم تلتزم بالقانون كما هو مكتوب، لكنَّه اعتبر ذلك بداية جيدة، و"خطوة في الاتجاه الصحيح.
المسؤول الذي وافق على التقرير، وكيل الوزارة آشيش فازيراني، أدلى بشهادته أمام الكونغرس قبل وقت قصير من صدور التقرير بأنَّ الأخبار السلبية حول حالات الانتحار في الجيش يمكن أن تؤثر على التجنيد. وفي شهادته، وضع فازيراني النتائج ضمن تحديات التجنيد الأوسع، مشيراً إلى أنَّ العديد من الشباب الأميركيين ليسوا على دراية بالجيش، ولا يثقون بالمؤسسات. ودعا إلى بذل جهد "على مستوى الحكومة وعلى مستوى الأمة" لإشراك الشباب وتعزيز الخدمة العسكرية.
لم يقدم متحدث باسم البنتاغون تفسيراً لسبب انتهاك القوات الجوية للقانون وحجب البيانات عن الجمهور، على الرغم من الطلبات المتكررة من صحيفة "ذا إنترسبت". وأحالوا الأسئلة المتعلقة بتقرير وزارة الدفاع إلى لجان الدفاع في الكونغرس، وأضافوا أن "طلب الحصول على المعلومات هو الطريق المناسب لطلب بيانات حالات الانتحار التاريخية." يقول ماكغي، "لدى القوات الجوية الكثير لتخفيه لأنَّه أمر محرج، وهناك الكثير من الأمور المشبوهة تحدث".
يُظهر ربع قرن من المناقشات الداخلية بين الفنيين، وتقارير مكتب المحاسبة الحكومي، والدراسات العلمية، وبيانات الوفيات، أنَّ هذه الأزمة المتعلقة بالصحة النفسية والوفيات التي يمكن الوقاية منها قد تم تتبعها من قبل عدة جهات حكومية، بما في ذلك الكونغرس ووزارة الدفاع ووزارة القوات الجوية ولجان الرقابة، بينما يواصل محققو لجنة القضاء في مجلس الشيوخ مع ماكغي في جمع البيانات المتعلقة بمخاوف الخبراء بشأن مجتمع صيانة القوات الجوية.
بينما تعمل الإدارة على تحويل اسم وزارة الدفاع إلى وزارة الحرب، ردد المسؤولون مقولة قديمة ومستخدمة كثيراً في الدوائر العسكرية، "نحن نعمل في مهنة الموت". لكن، ما لا يعلنون عنه هو كيفية تطبيق هذا الشعار على بعضهم.
نقله إلى العربية: حسين قطايا.