"فورين بوليسي": حرب ترامب على اليمن لا تؤدي إلى أي نتيجة

العملية الأميركية ضد اليمن تقوّض الفائدة القصوى للقوة البحرية، والحرب التجارية هي التي قلّلت من الحاجة الملّحة لإعادة فتح البحر الأحمر وقناة السويس أمام الشحن التجاري.

0:00
  • "فورين بوليسي": حرب ترامب على اليمن لا تؤدّي إلى أيّ نتيجة

مجلة "فورين بوليسي" الأميركية تنشر مقالاً تحليلياً يناقش فشل الحملة العسكرية التي شنّتها إدارة ترامب ضدّ اليمن، وينتقد سياسة ترامب العسكرية في الشرق الأوسط، ويطرح تساؤلات حول فعّاليّتها، أولوياتها، وتأثيرها الاستراتيجي طويل المدى.

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرّف:

خلال الأسابيع الخمسة التي انقضت منذ أن صعّدت إدارة ترامب هجماتها على الحوثيين في اليمن، برزت بعض المشكلات الكبيرة، مما يؤكّد مدى صعوبة تحويل الرئيس الأميركي دونالد ترامب خطابه القوي إلى نتائج واقعية.

لقد فشلت العملية، التي نوقشت بشكل مشهور في محادثة عبر تطبيق "سيغنال" تضمّنت صحافياً عن طريق الخطأ، حتى الآن في تحقيق أيّ من هدفيها المعلنين: استعادة حرية الملاحة في البحر الأحمر وإعادة إرساء الردع.

لا يزال الشحن عبر البحر الأحمر وقناة السويس المجاورة يعاني من الكساد كعادته على الرغم من الهجوم الأميركي الذي تجاوزت تكلفته مليار دولار على الحوثيين. ولا يزال المسلحون متحدين كعادتهم، محذرين خلال عطلة نهاية الأسبوع من أنّ ترامب وقع في "مستنقع" وكثّفوا هجماتهم على "إسرائيل" والسفن الحربية الأميركية في المنطقة.

كما كان هناك نقص صارخ في الشفافية بشأن العملية، وهي أكبر ممارسة للقوة العسكرية الأميركية في ولاية ترامب الثانية. لا تُعطي وزارة الدفاع إحاطات إعلامية حول الحرب الدائرة، وتكتفي القيادة المركزية الأميركية، التي تُشرف على العمليات في الشرق الأوسط، بنشر مقاطع فيديو مُبهرة لعمليات طائرات الهليكوبتر على منصات التواصل الاجتماعي.

والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أنّ وتيرة العمليات الأميركية، بما في ذلك الضربات الجوية المستمرة التي تُنفّذها مجموعتان كاملتان من حاملات الطائرات الأميركية، تستنزف ذخائر دقيقة محدودة، يرى العديد من خبراء الدفاع أنها ستكون الأنسب لأيّ صراع مُستقبلي مع الصين. ويكتسب هذا أهمية خاصة نظراً لمحدودية مخزون الصواريخ المُطلقة جواً من بُعد، والتي ستكون حاسمة في أي صراع حول تايوان.

قال أليسيو باتالانو، الخبير البحري في كلية كينجز كوليدج لندن: "إذا كان الأمر يتعلق بحرية الملاحة، فهو غير مجدٍ". وأضاف: "كيف يُمكن دعم فكرة أنّ منطقة المحيطين الهندي والهادئ هي الأولوية، ومع ذلك تُسحب عناصر بالغة الأهمية في معركة المحيطين الهندي والهادئ لعمليات في الشرق الأوسط؟".

الخبر السارّ، على ما هو عليه، هو أنّ الحاجة لإعادة فتح البحر الأحمر وقناة السويس أمام الشحن التجاري أصبحت أقل إلحاحاً الآن من أي وقت مضى منذ أن أغلقها الحوثيون في تشرين الثاني/نوفمبر 2023 بموجة من الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة على السفن التجارية، دعماً للفلسطينيين الذين يتعرّضون لهجوم إسرائيلي. فقد أدت حرب ترامب التجارية إلى تدهور كبير في توقّعات الشحن العالمي لدرجة أنّ أسعار سفن الحاويات آخذة في الانخفاض، ولا يوجد ما يدعو شركات الشحن للقلق بشأن إعادة توجيه بضائعها إلى قاع أفريقيا.

عندما اختار الحوثيون في البداية استغلال موقعهم الاستراتيجي على شواطئ أحد أهم المعابر البحرية في العالم، مضيق باب المندب، للضغط على "إسرائيل" والغرب، استجاب الغرب، وأرسلت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة قوات بحرية لضرب الحوثيين، بينما أرسل الاتحاد الأوروبي قوة بحرية خاصة به للمساعدة في توجيه السفن التجارية في منطقة أصبحت محظورة.

على الرغم من اختلاف أهداف المهمّتين الأميركية والبريطانية عن الأوروبية اختلافاً طفيفاً، فقد سعت الدول إلى "إضعاف" قدرات الحوثيين على البرّ لاعتراض حركة الملاحة التجارية، بينما اقتربت العملية الأوروبية من عملية حرية الملاحة التقليدية، إلّا أنّ كلتا المهمّتين لم تُجدِ نفعاً يُذكر. وظلت أسعار التأمين مرتفعة للغاية، وانخفضت حركة المرور عبر قناة السويس.

ثم جاءت إدارة ترامب الجديدة، عازمة على تحقيق النصر حيث فشلت إدارة بايدن المنتهية ولايتها.

في عهد توماس جيفرسون، ناضلت الولايات المتحدة من أجل حرية الملاحة، وأحياناً في مياه ليست بعيدة عن الصراع الحالي. ما يصعب فهمه الآن هو سبب إنفاقها المال في محاولة عقيمة لفتح ممرّ بحري في حين أنّ هناك تحديات أخرى أكثر إلحاحاً. والأسوأ من ذلك، أنّ سوء استخدام القوة البحرية يؤدي إلى نتائج عكسية.

قال باتالانو: "ما أجده أكثر إثارة للقلق هو أنهم يقوّضون الفائدة القصوى للقوة البحرية". في المستقبل، عندما يقول الناس: "لماذا نحتاج إلى بحرية؟ لم نفعل شيئاً ضدّ الحوثيين"، سيكونون على حقّ.

نقلته إلى العربية: بتول دياب.

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.