"972+": مشاهد من مجازر رمضان
فلسطينيون في قطاع غزة يروون كيف يقومون بجمع أشلاء الجثث من الشوارع وصد الكلاب الضالة أثناء انتظارهم سيارات الإسعاف وسط الهجمات الإسرائيلية.
-
"972+": مشاهد من مجازر رمضان
مجلة "972+" الإسرائيلية تنشر تقريراً ينقل صورة المجازر التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، من خلال شهادات فلسطينيين رووا ما رأوه وعاينوه.
أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية"
مساء الاثنين، كان عديّ الزايغ يلتقي صديقه وجاره، معتصم زين الدين، في وسط مدينة غزة. تحدثا بفخر عن كيفية قيام سكان حيهم، حي المغربي، بتنظيف الشوارع وإعادة بناء ما أمكنهم خلال الأسابيع الأخيرة، محاولين بكل جهدهم إعادة إحياء جماله بعد أن تضرر بشدة جراء الهجمات الإسرائيلية خلال 15 شهراً من الإبادة الجماعية. بعد أن افترقا، ذهب الزايغ للنوم، حتى استيقظ فجأة نحو الساعة الثانية فجراً على وقع استئناف الهجوم الإسرائيلي المفاجئ.
قال عديّ لمجلة "972+": "فتحت عينيّ وأنا أسقط على الأرض، وسقطت أجزاء من السقف وشظايا زجاج النوافذ على جسدي.. أضاءت ألسنة اللهب الناتجة عن الانفجار الشقة. ظننت أنني ميت".
أدرك الزايغ أنّه لا يزال يتنفس، وظن أنّ منزله هو هدف القصف، فخشي أن تكون غارة جوية ثانية وشيكة. قام بتشغيل مصباح هاتفه، ورفع نفسه، وهرع للمساعدة في رفع الأنقاض عن أشقائه التسعة ووالديه حتى يتمكن من إخراجهم جميعاً إلى الشارع.
وروى: "أزلتُ حجراً كبيراً سقط على صدر أمي، وأمسكتُ بيدها، وسحبتُها إلى الطابق السفلي"، و"أمام باب منزلنا مباشرةً، كان هناك نصف جثة امرأة.. فأغمي على أمي".
بينما كان الزايغ يُدرك حجم الدمار من حوله، رأى المزيد من الجثث المقطعة متناثرة في الشارع. جمع هو وجيرانه أشلاء الجثث ووضعوها في أكياس بلاستيكية على الرصيف.
وأوضح عديّ والدموع تنهمر من عينيه أنّ "رائحة الدم واللحم المتحلل جذبت الكلاب الضالة إلى المنطقة"، مشيراً إلى أنّه "لمدة ساعتين، رميناهم بالحجارة وحرسنا الجثث حتى وصلت سيارة إسعاف واحدة. لكن، لم يكن لديهم مكان إلا لنقل الجرحى؛ رفضوا نقل جثث القتلى".
مع بزوغ الفجر، أدرك الزايغ وجيرانه وجود المزيد من الجثث متناثرة في الشارع، فصُدم عندما اكتشف أنه تعرف إلى إحداها. وأوضح قائلًا: "وجدنا الجزء العلوي من جثة مشوّهة على بُعد 100 متر من المنزل المستهدف. كانت جثة صديقي معتصم".
وأعلنت "إسرائيل" لاحقاً أن هدف الغارة كان أبو عبيدة الجمصي، القيادي البارز في حماس. وقال الزايغ: "حتى لو أرادوا قتل شخص معين، فإنهم يهدفون إلى تدمير أكبر عدد ممكن وقتل المزيد، لإجبارنا على مغادرة أرضنا، لكنني لن أغادر منزلي أبداً".
جثث متناثرة في كل مكان
في الساعة 1:40 من صباح ذلك اليوم نفسه، استيقظ فؤاد ساقلا، البالغ من العمر 46 عاماً، في منزله بالبلدة القديمة بمدينة غزة ليُعدّ وجبة السحور. كان على وشك إيقاظ بقية أفراد عائلته عندما ضربت سلسلة من الغارات الجوية مبنىً قريبًا.
قال لمجلة "972+": "كانت الأنقاض تتساقط في كل مكان؛ بعضها سقط على الفراش الذي كنت أنام عليه. ظننت أنني أعاني من كابوس حتى تشبثت ابنتي هالة، البالغة من العمر 7 سنوات، بساقي وبدأت بالبكاء بصوت عالٍ".
خرج ساقلا أيضاً إلى مشهد مذبحة. قال: "كانت الجثث متناثرة في كل مكان. ذكّرتني المشاهد المؤلمة بأيام الحرب الأولى عام 2023، التي ما زلت أحاول التعافي منها".
عزة النشار، 19 عاماً، تسكن في منزل قريب من منزل ساقلا. كانت تتلو القرآن الكريم عندما بدأ القصف. قالت: "اهتزت الأرض، وكانت أصوات الانفجارات مرعبة. لم أستطع تحريك جسدي لدقائق من الخوف".
كان أول ما يشغل بال النشار وعائلتها هو سلامة عمها محمد. نصب خيمة على سطح منزلهم ليعيش مع زوجته صابرين وأطفالهما الأربعة بعد أن دمر القصف الإسرائيلي منزله في الحي نفسه العام الماضي.
قالت النشار لمجلة "972+": "هرع أعمامي وجيراني إلى السطح للاطمئنان إليه. وعندما وجدوه، كان قد أغمي عليه، ومُغطى بقطع من جدار مُدمر. الحمد لله، نجا بإصابات طفيفة".
ومن قبيل المصادفة، كانت صابرين وأطفالها يقيمون في منزل عائلتها في مكان آخر بمدينة غزة، وقد نجوا من تلك الليلة. قالت النشار: "جميعنا مرعوبون، ولا نريد أن نفقد المزيد من الناس مرة أخرى".
وقال المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل لـ "972+" إنّ القوات الإسرائيلية شنّت أكثر من 100 غارة متزامنة على منازل سكنية وملاجئ وخيام تؤوي النازحين في أنحاء قطاع غزة صباح يوم الثلاثاء بعد استنئاف الحرب، ما أسفر عن مقتل 400 شخص على الأقل وإصابة 600 آخرين، معظمهم من النساء والأطفال.
نقلته إلى العربية: بتول دياب.