"Responsible Statecraft": الانقسام الداخلي في الحزب الجمهوري حول "إسرائيل" لا يمكن إيقافه
رئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون لا يستطيع وقف الانقسام الداخلي في الحزب الجمهوري بشأن "إسرائيل".
-
مايك جونسون
مجلة "Responsible Statecraft" الأميركية تنشر مقالاً يتناول النزاع الداخلي في الحزب الجمهوري الأميركي حول السياسة الخارجية تجاه "إسرائيل" والحروب الخارجية.
ويرى المقال أنّ رئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون هو أحدث وجوه المؤسسة المؤيدة للحروب في الحزب الجمهوري، في معركة مستمرة لكبح أي أصوات داخلية قد تحدّ من سياسات الحزب التقليدية المؤيدة لـ "إسرائيل" والحروب الخارجية.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:
شارك رئيس مجلس النواب الأميركي، مايك جونسون، في اجتماع خاص مع قادة مؤيدين لـ"إسرائيل" من منظمات متعددة داخل مبنى الكابيتول، يوم الأربعاء الماضي، حيث أعرب، بحسب ما نُقل عنه، عن قلقه من تنامي ما وصفه بـ"الانعزالية" داخل الحزب الجمهوري.
وذكر موقع "جويش إنسايدر"، نقلاً عن عدد من المشاركين في الاجتماع، أنّ "جونسون، الذي قدّم نفسه للحضور باعتباره جمهورياً من عهد ريغان يركّز على مبدأ "السلام من خلال القوة"، أقرّ بتزايد النزعة الانعزالية في الحزب، مشيراً إلى أنّ الجمهوريين يتجهون على الأرجح نحو نقاش واسع حول هذه القضية بعد مغادرة الرئيس دونالد ترامب منصبه".
وأضاف التقرير أنّ جونسون أوضح للمجموعة أنّه، في إطار جهوده لتجنيد المرشحين، يعمل على استبعاد "الانعزاليين" لمنع توسّع نفوذهم داخل مجلس النواب، وذلك وفقاً لأربعة أشخاص حضروا الاجتماع.
ورغم أنّه ليس واضحاً تماماً ما يقصده جونسون بـ"الانعزالية"، إلا أنّ السياق يُشير، بالنظر إلى طبيعة جمهوره، إلى أنه يعني أولئك الذين لا يتبنون الموقف اليميني المتطرف المؤيد لـ"إسرائيل"، أو الذين يعارضون حربها على غزة، أو يدافعون عن حقوق الفلسطينيين. وغالباً ما يستخدم المحافظون الجدد وأنصار العسكرة الأميركية هذا المصطلح كوسيلة لتشويه سمعة دعاة ضبط النفس في السياسة الخارجية.
في كل الأحوال، فإن "النقاش الرئيسي" داخل الحزب الجمهوري حول السياسة الخارجية، ولا سيما ما يتعلق بـ"إسرائيل"، يجري منذ فترة، وليس بانتظار رحيل ترامب. أما حملة جونسون للقضاء على ما يُسمّى "الانعزاليين"، أي الجمهوريين المناهضين للحروب والمنتقدين لـ"إسرائيل" بشكل متزايد، فليست بالأمر الجديد.
فمنذ ما يقرب من ثلاثة عقود، عندما هزم بات بوكانان، المرشح الجمهوري الشعبوي، السيناتور روبرت دول، مرشح المؤسسة الحزبية، في الانتخابات التمهيدية بولاية نيوهامبشر عام 1996، تحرّكت قيادة الحزب بجد لضمان عدم تقدّمه أكثر.
وبالمثل، حين ترشّح راند بول (جمهوري من كنتاكي) لمجلس الشيوخ عام 2010، لم ترحب قيادة الحزب الجمهوري بوجود نجل رون بول بالقرب من مبنى الكابيتول. وقد اختار السيناتور ميتش ماكونيل بنفسه مرشحاً بديلاً لينافسه، حظي بدعم رموز آلة الحرب الأميركية مثل نائب الرئيس السابق ديك تشيني وعمدة نيويورك الأسبق رودي جولياني.
ورغم أنّ تشيني لم يعلن تأييده لأي انتخابات تمهيدية جمهورية أخرى في ذلك العام، فإنه أصرّ على أنّ خصم بول الأكثر تشدداً هو "المحافظ الحقيقي" في السباق.
لكن بعد فوز بول الساحق في الانتخابات العامة، تساءل كاتب خطابات الرئيس جورج دبليو بوش السابق، والوجه البارز للمحافظين الجدد، ديفيد فروم: "كيف يمكن أن يفقد الحزب الجمهوري ثقته في مرشح مثل راند بول؟"
لم يقترب والد السيناتور، وهو عضو سابق في الكونغرس، من البيت الأبيض خلال ترشّحيه الرئاسيين عن الحزب الجمهوري عامي 2008 و2012، لكنه ألهم حركة شعبوية واسعة مناهضة للحرب، ظلّت شعبيتها تثير قلق الحرس القديم لعقود.
ومنذ أن أعلن دونالد ترامب، خلال مناظرة رئاسية للحزب الجمهوري عام 2016، أنّ إدارة جورج دبليو بوش كذبت بشأن حرب العراق، ثم فاز في الانتخابات، توسّعت نقاشات السياسة الخارجية داخل الحزب بسرعة لتتجاوز منطق "العسكرة أولاً".
أصبح مقبولاً أن يتبنّى المرء شعار "أميركا أولاً"، أي إعطاء الأولوية لمصالح الولايات المتحدة على حساب التدخلات الخارجية أو التمويل الأجنبي. وهو ما عُدّ نقطة ضعف بالنسبة إلى المحافظين الجدد الذين لطالما رفعوا شعار "جعل العالم آمناً للديمقراطية".
لذلك، إذا كان رئيس مجلس النواب مايك جونسون قلقاً من النقاش الداخلي حول توجه الحزب الجمهوري تجاه "إسرائيل"، ويسعى إلى القضاء عليه من جذوره، فقد فات الأوان.
فالواقع أنّ استطلاعات الرأي أظهرت ابتعاد الجمهوريين تدريجياً عن دعمهم التقليدي التلقائي لـ"إسرائيل". وفي ما يخص حرب غزة، كشف استطلاع حديث أجرته وكالة "أسوشيتد برس" ومؤسسة "نورك" عن "ارتفاع غير مسبوق في عدد الأميركيين الذين يرون أنّ الرد العسكري الإسرائيلي تجاوز الحدود".
وأشار الاستطلاع إلى أنّ نحو 7 من كل 10 ديمقراطيين يقولون ذلك الآن، مقارنة بـ58% في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، بينما يرى نصف المستقلين الأمر نفسه، مقابل 4 من 10 فقط في الاستطلاع السابق. أما الجمهوريون، فقد ارتفعت نسبة من يعتبرون أنّ الرد الإسرائيلي مفرط من 18% إلى 24%.
وأظهر استطلاع آخر، أُجري أواخر آب/أغسطس، أنّ 14% من الجمهوريين أصبحوا مرتاحين لاستخدام توصيف "الإبادة الجماعية" لوصف أفعال "إسرائيل" في غزة. كما بيّنت "أسوشيتد برس" أنّ الرأي القائل بأن الدعم الأميركي مكّن "إسرائيل" من أفعالها في غزة لم يكن حزبياً بحتاً: إذ وافق عليه 72% من الديمقراطيين، و57% من الجمهوريين، و63% من المستقلين.
وفي استطلاع أجري في حزيران/يونيو، قال 53% من ناخبي ترامب إنّ الجيش الأميركي يجب أن لا يتدخل في الصراع بين إيران و"إسرائيل". كما أيد 63% منهم التفاوض مع إيران بشأن برنامجها النووي، مقابل 18% فقط عارضوا ذلك. وحتى قبل الحرب الإسرائيلية التي استمرت 12 يوماً على إيران هذا الصيف، والتي انضم إليها ترامب لاحقاً، أيد 64% من الجمهوريين خيار المفاوضات بشأن الملف النووي الإيراني.
لهذا السبب، تضخ لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (AIPAC)، وهي أقوى جماعة ضغط مؤيدة لـ"إسرائيل"، مئات الآلاف من الدولارات لمواجهة المقيّدين مثل النائب توماس ماسي (جمهوري من كنتاكي) ومارجوري تايلور غرين (جمهورية من جورجيا). ويبدو أنّ جونسون قلق من تنامي حضور هؤلاء، وعدد قليل من الجمهوريين الآخرين المناهضين للحروب، في الانتخابات النصفية، وهو ما يعد القادة المؤيدون لـ"إسرائيل" بكبحه. وقد أقرّ ماسي وآخرون بأنّهم بالفعل هدف مباشر لهذه الحملة.
وبذلك، يصبح مايك جونسون أحدث وجوه المؤسسة المؤيدة للحروب، في معركة الحزب الجمهوري المستمرة ضد أي صوت جمهوري قد يعرقلها.
نقلته إلى العربية: بتول دياب.