"The Conversation": باكستان وأفغانستان تتجنّبان حرباً أعمق.. إلى متى؟

تتجنب باكستان وحركة طالبان الأفغانية الدخول في حرب أعمق في الوقت الراهن، ولكن إلى متى يمكن أن يصمد السلام؟

0:00
  • "The Conversation": باكستان وأفغانستان تتجنّبان حرباً أعمق.. إلى متى؟

موقع "The Conversation" الأميركي ينشر مقالاً يتناول تصاعد التوتر العسكري والسياسي بين باكستان وحركة طالبان الأفغانية، مع تحليلٍ لجذور الصراع وأبعاده الإقليمية.

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:

في الأسابيع الأخيرة انخرطت باكستان وطالبان الأفغانية في أخطر اشتباكات عسكرية بين الجارتين منذ عدة سنوات. وكانت قطر وتركيا قد توسطتا في وقف إطلاق النار في الأسبوع الماضي لوضع حد للأعمال العدائية التي أودت بحياة عشرات الأشخاص وجرحت المئات. وبينما اتفق الطرفان على تبادل احترام وحدة الأراضي، وافقا أيضاً على الاجتماع مرة أخرى في إسطنبول في وقت لاحق من هذا الأسبوع لمناقشة الخطوات التالية. لكن، ما يزال الوضع متوتراً بين البلدين، حيث لم يُخَض بعد في الأسباب الكامنة خلف الصراع بينهما.

ملاذ للإرهاب

يتمحور عمق الصراع حول ادّعاء إسلام آباد بأنّ طالبان الأفغانية كانت تُؤوي وتساعد حركة طالبان الباكستانية، من أجل تغيير باكستان على غرار حكم طالبان الإسلامي المتطرف في أفغانستان، بينما نفت حكومة طالبان الاتهامات الباكستانية. ومنذ عودة طالبان إلى السلطة في أفغانستان في منتصف عام 2021، بعد انسحاب الولايات المتحدة وحلفائها، تحولت البلاد مرة أخرى إلى وكر لمختلف الجماعات الإرهابية، وعلى رأسها حركة طالبان الباكستانية. كذلك استضافت طالبان المئات من مقاتلي حركة طالبان الباكستانية، (بعضهم مع عائلاتهم في أفغانستان)، وعززت من قدرات الحركة القتالية، بحيث أصبح بإمكانها الآن تنفيذ عمليات أكثر دموية عبر الحدود في باكستان.

ووفقاً للأمم المتحدة، تمكنت حركة طالبان باكستان من الوصول إلى بعض الأسلحة التي تبلغ قيمتها 7 مليارات دولار، وهي من مخلفات القوات الأميركية وحلفائها، حين انسحبوا من أفغانستان في العام 2020. ومع زيادة حركة طالبان باكستان عملياتها في باكستان، أصبحت إسلام أباد أكثر تعصباً مع حكومة طالبان الأفغانية، ومدفوعة أيضاً بقلق شديد بشأن علاقات كابول مع الهند، منافسة باكستان الإقليمية الأبرز.

وكان وزير الخارجية بالوكالة في حكومة طالبان أمير خان متقي قد زار مؤخراً نيودلهي، حيث استقبل بحرارة رسمية واضحة، أثارت حفيظة باكستان التي ترى في أفغانستان مدىً لنفوذها الإقليمي وحديقتها الخلفية. ولذلك تسعى المؤسسة العسكرية الباكستانية وجهاز الاستخبارات، إلى مواجهة التهديد الآتي من أفغانستان من خلال اتباع استراتيجية الردع والعقاب. وشمل ذلك ترحيل عشرات آلاف اللاجئين إلى أفغانستان، ومعظمهم فرّوا سابقاً من حكم طالبان القمعي والتمييزي والكاره للنساء. كما قصفت إسلام أباد أحياناً أهدافاً في العمق الأفغاني.

معضلة باكستان

في نهاية الأمر لا يمكن لإسلام آباد أن تلوم أحداً سوى نفسها على التحديات التي تواجهها من طالبان الأفغانية. فلقد رعتها ودعمتها كجماعة إرهابية لنحو 3 عقود، كما اعترف وزير الدفاع الباكستاني كاواغا آصف مؤخراً. حيث اتبعت باكستان منذ فترة طويلة سياسة خارجية ذات مستويين، من جهة عارضت الإرهاب علناً، بينما استخدمت الجماعات المتطرفة مثل طالبان الأفغانية وفروعها، لكسب نفوذ إقليمي في مُنافستها مع الهند.

وبفضل هذه السياسة، تمكنت طالبان الأفغانية من الاستيلاء على السلطة من منتصف التسعينيات إلى هجمات القاعدة على الولايات المتحدة في 11 أيلول/ سبتمبر 2001، ثم شن مقاومة فعّالة للتدخل الذي قادته الولايات المتحدة في أفغانستان على مدى عقدين من الزمن. وقد تمكنت طالبان أيضاً من استعادة السلطة في عام 2021، على حساب كل من البلدين. ومن المهم أن نلاحظ أنّ هذا الصراع ليس بين باكستان وشعب أفغانستان، الذي يعاني تحت حكم طالبان الوحشي. كما أنّ هذا الصراع هو انفجار العلاقة بين الراعي والعميل، ويأتي الآن بنتائج عكسية.

إنّ حكم طالبان الهش في أفغانستان يعود إلى العصور الوسطى. ولا بد من إطاحته، ولكن هذه مسألة تخص شعب أفغانستان، لا باكستان. فلم ينجح التدخل الأجنبي في أفغانستان في الماضي، بينما هناك حاجة إلى مساعدة من المجتمع الدولي لتمكين شعب أفغانستان من رسم مستقبله. إن الجمع بين المقاومة الداخلية لحركة طالبان الأفغانية والضغط الخارجي على الجماعة هو أفضل طريقة للمضي قدماً.

نقله إلى العربية: حسين قطايا.