"WSJ": تفاصيل الغارة الإسرائيلية على قطر

اجتمع قادة حماس في مقرهم في الدوحة، ما أتاح لـ"إسرائيل" فرصة استهدافهم.

  • الغارة الإسرائيلية على قطر
    الغارة الإسرائيلية على قطر

صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية تنشر تقريراً يشرح تفاصيل الغارة الإسرائيلية على مدينة الدوحة في قطر، والتي استهدفت مقراً لقيادة حركة حماس.

أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية:

توجه كبار قادة حماس - الذين كانوا مختبئين لفترة طويلة في دول الشرق الأوسط المضيفة - في نهاية الأسبوع الماضي إلى مقر الحركة في العاصمة القطرية الدوحة. وكان على جدول الأعمال: خطة أميركية جديدة لوقف إطلاق النار في غزة، بدعم إسرائيلي كما يبدو.

كانت "إسرائيل" قد تعهدت بملاحقة وقتل كل عضو من أعضاء حماس، لكن استهدافهم في قطر، الحليف الخليجي للولايات المتحدة، كان محظوراً. الآن، أتيحت للمسؤولين الإسرائيليين فرصة، وقرروا أنه لا يوجد أي محظور يمنعهم من استغلالها، حتى مع خطر توتر العلاقات مع إدارة ترامب.

بحلول ظهر يوم الثلاثاء، أعطى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الضوء الأخضر لهجوم جريء على الأراضي القطرية، مستهدفاً منزلاً تستخدمه شخصيات من حماس في الضواحي الشمالية للدوحة.

أطلق أكثر من 10 طائرات مقاتلة إسرائيلية ذخائر بعيدة المدى على المنزل، ما تسبب بدوي انفجارات سُمعت في أنحاء العاصمة. كان هذا تصعيداً حاداً في تكتيكات "إسرائيل" ضد حركة حماس، مستهدفةً قادتها في دولة ذات سيادة تتوسط في محادثات السلام في غزة، وتستضيف أهم قاعدة جوية أميركية في المنطقة.

واستهدفت "إسرائيل" قادة حماس، بمن فيهم خليل الحية وزاهر جبارين، وهما ناشطان سياسيان يديران العلاقات الدولية للحركة ويساعدان في جمع التبرعات، لكنهما لا يشاركان في القتال مثل الجناح العسكري في غزة. ووفقاً لحماس، نجت القيادة من الغارة، فيما قُتل خمسة من أعضائها من رتب أدنى.

حتى لو لم تُصب الضربة أهدافها المقصودة، فإنها لا تزال تُرسل رسالة واضحة؛ فعندما يتعلق الأمر بأمنها، لن تُبدي "إسرائيل" أي اهتمام يُذكر بالخطوط الحمر أو التداعيات الدبلوماسية، ولم تعد الملاذات القديمة آمنة بشكل موثوق.

وقال نتنياهو في فعالية مساء الثلاثاء: "انتهت أيام الحصانة التي يتمتع بها قادة الإرهاب في أي مكان".

في الأسابيع التي سبقت الهجوم، تلقى قادة حماس تحذيراً غامضاً، ولكنه صارم: شدّدوا الإجراءات الأمنية حول اجتماعاتكم، كما قال لهم المسؤولون المصريون والأتراك.

كانت محادثات وقف إطلاق النار على وشك أن تنهار. كانت "إسرائيل" تُطالب حماس بالاستسلام. وكان وزير الدفاع يسرائيل كاتس قد هدد بالقضاء على قادة حماس في الخارج إذا لم يُلقِ المسلحون أسلحتهم.

في الواقع، بدأت "إسرائيل" منذ أشهر بالتحضير لهجوم مُعقد على قادة حماس خارج غزة. لقد قضت بالفعل على معظم كبار مقاتلي الجماعة المسلحة داخل غزة، بمن فيهم يحيى السنوار ومحمد ضيف.

ونفّذت "إسرائيل" عمليات عسكرية واستخباراتية خارج حدودها، ما أبرز رغبتها في استخدامها أكثر، كاغتيال إسماعيل هنية في طهران، وعملية تفجير أجهزة البيجر في أيدي آلاف العناصر من حزب الله في آنٍ. 

الآن، أصبح الهدف هو الدوحة؛ تلك المدينة الساحلية التي تقع فيها ناطحات السحاب البراقة والجزر الاصطناعية بجوار الأسواق العربية التقليدية. استضافت قطر حماس لأكثر من عقد من الزمان، وهو اتفاق أقرته الولايات المتحدة ضمنياً لإبقاء قنوات الاتصال الخلفية مفتوحة مع جماعة لا يستطيع المسؤولون الغربيون التحدث معها علناً.

خصصت "إسرائيل" ما لا يقل عن 10 طائرات حربية للعملية، تحمل كل منها صواريخ بعيدة المدى "فوق الأفق" قادرة على إصابة أهدافها من مسافة آمنة. كان الهدف هو اللحاق بقادة حماس أثناء اجتماعهم، وقتل أكبر عدد ممكن منهم مع الحد من الوفيات غير المقصودة.

تبلغ المسافة من تل أبيب إلى الدوحة أكثر من ألف ميل، لكن الطائرات النفاثة كانت قادرة على الاقتراب بما يكفي لإطلاق صواريخ موجهة بعيدة المدى من دون المرور مباشرة فوق المجال الجوي الحساس للمملكة العربية السعودية أو الإمارات العربية المتحدة.

قال أمير أفيفي، المسؤول العسكري السابق الكبير والمقرب إلى الحكومة الحالية: "يمكنك إطلاق النار من مسافة بعيدة جداً. لستَ بحاجة لأن تكون فوق قطر للقيام بذلك".

يُقسّم قادة حماس السياسيون وقتهم عادةً بين قطر ومصر وتركيا. خلال عطلة نهاية الأسبوع، توافد هؤلاء القادة إلى الدوحة لمناقشة فكرة أميركية جديدة لإنهاء الحرب.

دعت الولايات المتحدة الحركة لتسليم رهائنها المتبقين مقابل إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين المحتجزين لدى إسرائيل وضمان أميركي لإجراء محادثات لإنهاء الحرب، وفقاً لمسؤولين عرب مطلعين على المناقشات.

اعتبر الوسطاء الاقتراح مُجهضاً، إذ كان من المتوقع أن تتخلى حماس عن نفوذها من دون معالجة أي من القضايا الشائكة المتعلقة بإنهاء الحرب.

كتب الرئيس ترامب يوم الأحد في مواقع التواصل الاجتماعي: "لقد قبل الإسرائيليون شروطي. حان الوقت لحماس حتى تقبلها أيضاً". لقد حذّرتُ حماس من عواقب رفضها. هذا تحذيري الأخير، ولن يكون هناك تحذير آخر!

كان من المقرر أن يجتمع قادة حماس يوم الثلاثاء لمناقشة الاقتراح. عند الظهر بتوقيت "إسرائيل"، اجتمع نتنياهو مع قادة أجهزته الأمنية، وأعطى الضوء الأخضر للهجوم.

مع اقتراب الطائرات المقاتلة لشن الهجوم، أبلغ "الجيش" الإسرائيلي نظراءه الأميركيين بهجوم وشيك على أهداف تابعة لحماس قبل دقائق من إطلاق الصواريخ، لكنه لم يكشف عن الموقع الدقيق، وفقاً لمسؤولين أميركيين.

وشاهد المسؤولون العسكريون الأميركيون إطلاق الصواريخ، واستدلوا على الهدف. وقال مسؤول أميركي إن الأدميرال براد كوبر، قائد القيادة المركزية الأميركية، علم بالهجوم وهو في طريقه إلى القاهرة، وتحدث إلى رئيس هيئة الأركان المشتركة.

وأعلن البيت الأبيض أن الجيش أبلغ ترامب الذي وجّه مبعوثه الخاص ستيف ويتكوف لإبلاغ قطر.

وأطلقت الطائرات الإسرائيلية أكثر من 10 صواريخ على مكاتب حماس في الدوحة من خارج المجال الجوي القطري. وقد وثّقت "ستوريفول"، المملوكة لشركة "نيوز كورب"، مثل صحيفة "وول ستريت جورنال"، مقطع فيديو للحظة الاصطدام، إذ اندفع الناس وأخذوا يركضون، فيما دوّت انفجارات هائلة، وأظهرت مقاطع فيديو أخرى موثقة دخاناً يتصاعد فوق العاصمة القطرية.

بخلاف الهجمات السابقة في سوريا ولبنان وإيران، حيث سعت إسرائيل جاهدةً للحفاظ على مظهرٍ من الإنكار، أعلنت هذه المرة مسؤوليتها عن الهجوم مباشرةً في إعلانٍ عسكري، في إشارةٍ أخرى إلى تغير القواعد القديمة.

في القدس المحتلة، ومع اتضاح حقيقة الهجمات، كانت السفارة الأميركية تستضيف احتفالاً متأخراً لمناسبة الرابع من يوليو/تموز، والذي كان قد أُلغي خلال حرب "إسرائيل" مع إيران. صدحت مكبرات الصوت بأغانٍ مثل "نحن الأبطال" و"سنهزمكم"، فيما كان أفراد الجيش الأميركي والجنرالات الإسرائيليون يستمتعون بتناول النقانق والهمبرغر.

في نهاية الأمسية، خاطب نتنياهو الحشد مازحاً، وسط تصفيق حار، بأنه كان يأمل إلقاء كلمة في وقت سابق من المساء، لكنه كان "منشغلاً بخلاف ذلك".

كانت الأمور أقل احتفالاً في البيت الأبيض، حيث كان المسؤولون يعملون على إدارة التداعيات الدبلوماسية لهجوم شنّه حليف للولايات المتحدة على حليف آخر. وقالت قطر إن زعيمها، الشيخ تميم آل ثاني، تحدث إلى ترامب ودان الهجوم، كما فعلت جميع الدول العربية المجاورة تقريباً.

قال ترامب في منشور في موقع "تروث سوشيال" إنه تحدث إلى نتنياهو بعد الضربة، التي "لا تخدم أهداف إسرائيل أو أميركا"، وقال إن القضاء على حماس "هدف نبيل"، مضيفاً أنه "شعر بحزن شديد تجاه موقع الهجوم".

في وقت لاحق من يوم الثلاثاء، صرح ترامب للصحافيين بأن إسرائيل لم تُخطره مسبقاً بالضربة، مضيفاً أنه "غير راضٍ للغاية عن جميع جوانب" العملية.

في وقت متأخر من يوم الثلاثاء في الدوحة، كانت الإجراءات الأمنية مشددة. وقال مسؤول من حماس إنه لم يتمكن من الوصول إلى موقع الهجوم بعد تطويق المكان. كان أعضاء حماس يرفضون مقابلة الغرباء ويتجنبون الظهور الإعلامي. وقال إنّ "التهديد الأمني ​​لم ينتهِ بعد".

نقلته إلى العربية: بتول دياب.