"الغارديان": الصداقة المروّعة بين ماسك وترامب.. هل تصمد؟
رجلان وغروران ضخمان، ورغبتان في الحصول على كميات لا حصر لها من السلطة والمال، اجتمعا الآن في السعي إلى تحقيق هذه الأهداف المشتركة.. لكن إلى متى قد يستمر هذا التقارب بين ترامب وماسك؟
صحيفة "الغارديان" البريطانية تنشر مقالاً للكاتبة مارغريت سوليفان، تتحدّث فيه عن العلاقة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والملياردير إيلون ماسك.
علامَ تستند علاقة الرجلين؟ وكيف من الممكن أن تفصل بينهما الخلافات؟ الكاتبة تجيب عن هذه الأسئلة في النص الآتي المنقول إلى العربية:
تثير علاقة الرئيس الأميركي دونالد ترامب برجل الأعمال إيلون ماسك، الكثير من التساؤلات بين العامّة والنخب خاصّة وأنّ ما يجمع بينهما قد يكون السبب الذي يفرّقهما أيضاً. فالرجلان مغروران ضخمان، هدفهما الحصول على ما لا حصر له من كمّيات المال ونفوذ السلطة، وهذه الأهداف المشتركة، تقف وراء العلاقة الوطيدة والمروّعة بين ترامب وماسك، الملياردير الذي يتسكّع في الجناح الغربي في البيت الأبيض، ويحظى برعاية الرئيس.
مع ذلك، ثمّة تشقّقات ضامرة في التقارب بين الرجلين، بالاستناد إلى عدم تسامح ترامب في الماضي مع أيّ أحد سوى الولاء التامّ بين حلفائه. وهذا يؤدّي إلى تساؤل جدّي عن استمرار الصداقة الحميمة. وفي حال تفكّكت هذه العلاقة، فمن المرجّح أن يحدث ذلك بضجيج سوف يسمع في أرجاء العالم. وفي نهاية المطاف يمكن وصف العلاقة بين الرجلين بالسوبر تكافلية، لكنهما ليسا كتلة واحدة، وكلّ منهما يسيطر على حيّز، ترامب لديه السلطة السياسية، وماسك لديه أموال لا نهاية لها.
إنّ بيئة اليوم تتماشى مع المفارقات إلى حين. والصورة التي رسمها فنان الكاريكاتير باري بليت على غلاف مجلة "نيويوركر" في الأسبوع الماضي بعنوان "اثنان في زحام" قالت كلّ شيء، وتظهر ابتسامة ماسك العريضة، وهو يؤدّي اليمين الدستورية إلى جانب ترامب، ويحظى بمعظم الأضواء تقريباً، ممّا يثير التساؤل عن أيّ منهما سيكون "الرئيس الظلّ".
يقدّم الصحافي جود ليغوم وجهة نظر قوية عن كيفيّة سير التكافل بين الرجلين، ويلحظ كيف تغيّر خطاب ترامب تجاه الصين بشكل كبير منذ تولّيه منصبه، عن كلماته خلال حملته الانتخابية، حين وعد بفرض رسوم جمركية بنسبة 60% أو أكثر على الواردات الصينية، أمّا الآن فقد انخفضت إلى 10%، أو ربّما لا شيء على الإطلاق. وهذا التحوّل المفاجئ كما يقول ليغوم يُختصر بكلمة واحدة "تسلا"، شركة السيارات المملوكة لماسك والتي تنتج مليون سيارة سنوياً، وأكبر مصنع لها في مدينة شنغهاي الصينية. ولا يمكن غضّ النظر عن أنّ ترامب استفاد من هذا الاتّفاق غير المعلن، لأنّ ماسك تبرّع بما لا يقلّ عن 260 مليون دولار للمساعدة على حملة انتخابه، واستخدم منصّة "إكس" التي يمتلكها لتضخيم رسالة ترامب إلى حدّ كبير.
هذه هي الأشياء التي يمكن أن تجعل أحد أثرى أغنياء العالم محبوباً من سياسي فاسد. ولكن هناك شكوك بأنّ هذا سيستمر لدى البعض، حيث يرفض ماسك إظهار الولاء المطلق لترامب النرجسي الذي يطالب به. وفي الأيّام الأخيرة، عارض علناً صفقة الذكاء الاصطناعي التي أبرمها الرئيس بقيمة 500 مليار دولار أميركي، حين غرّد منتقداً الرئيس التنفيذي لشركة "أوبن آل"، سام ألتمان.
يقول أحد المقرّبين من الرئيس ترامب لموقع "بوليتيكو"، لا شكّ في أنّ ماسك أساء استخدام قربه من الرئيس، والمشكلة هي أنّ "الرئيس ليس لديه أيّ نفوذ عليه".
يعتقد بعض المراقبين أنّ وقوع المشكلات في "جنّة" العلاقة بين ترامب وماسك أمر لا مفرّ منه. والأميركيون، وفقاً لاستطلاع للرأي أجرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، يشكّكون في "الأخ التكنولوجي"، ويعتبرون تقديمه المشورة لترامب فكرة سيّئة، بينما تقبّلت الأمر مجموعة أقلّ. كذلك، لقد انخفضت نسبة تأييد ماسك بشكل عامّ بين الأميركيين، ومن المؤكّد أنّ ترامب، المستعدّ دائماً لقول "أنت مطرود" سيلاحظ ذلك.
وكما قالت أستاذة القانون في جامعة كورنيل وخبيرة السياسة التقنية سارة كريبس: "لدينا الآن وضع لم يؤدِّ فيه أيّ منهما دور الرقم 2. وهذا ليس مريحاً أبداً".
قد تكون المقادير الضخمة من السلطة والمال اللذين يتمتّع بهما الثنائي ستبقيهما مترابطين، ولكن إذا انقلب كلّ منهما على الآخر، فقد يكون الفراق قبيحاً. وترامب يزدهر حين يطلق الإهانة وينتقم. وماسك بتحيّته النازية ونزعته التدميريّة لا يرحم. وتكفي مراجعة ما فعله بمنصّة "تويتر".
من غير المعروف كيف سيبدو هذا الانفصال بالضبط، ولكنّني لا أستطيع الانتظار حتّى صدور غلاف مجلّة "نيويوركر". وإذا لم يكن هذان الرجلان يمتلكان قدرة مخيفة على إلحاق ضرر كبير على نطاق عالمي، فقد يكون خلافهما مسلّياً.
نقله إلى العربية: حسين قطايا