"المونيتور": تركيا على لائحة موردي الأسلحة المتطوّرة الدوليين
يؤكّد معرض "IDEF 25" التزام تركيا بتقنيات الدفاع المطوّرة محلياً بهدف مواجهة التحدّيات الأمنية الناشئة.
-
"المونيتور": تركيا على لائحة مورّدي الأسلحة المتطوّرة الدوليين
موقع "المونيتور" الأميركي ينشر تقريراً يتناول تحوّلات الصناعات الدفاعية التركية، مستعرضاً أبرز التقنيات والمشاريع العسكرية التي عرضتها تركيا في معرض الصناعات الدفاعية الدولي لعام 2025، وذلك في سياق تعزيز الاكتفاء الذاتي العسكري وزيادة الصادرات الدفاعية، إلى جانب إعادة هيكلة العقيدة القتالية للجيش التركي بما يتناسب مع تطوّرات ساحات المعارك الحديثة.
أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية:
استغلّت تركيا معرض صناعات الدفاع الدولي لهذا العام على أراضيها، لعرض أحدث تقنيّاتها العسكرية وإبراز تحوّلها المطّرد نحو الصنع المحلي لتلبية المتطلّبات المتطوّرة للحرب الحديثة، من الصواريخ الباليستية الجديدة الأسرع من الصوت، وصولاً إلى الأنظمة المضادّة للطائرات المسيّرة، ولا سيّما التي تعمل بالموجات الدقيقة، والزوارق الهجومية السريعة الخفية.
لقد عكست المعروضات التركية استراتيجية أنقرة واسعة النطاق للاعتماد على صناعاتها العسكرية الخاصّة وتطويرها في كلّ قطاعات الدفاع المختلفة. وقد استقطب المعرض أكثر من 900 شركة دفاع تركية و400 شركة أجنبية بمشاركة 103 دول، و44 جناحاً وطنياً أظهرت قوّة بلد يتقدّم على لائحة مصدّري الأسلحة العالميين، بينما بلغت صادرات تركيا الدفاعية أعلى مستوى لها على الإطلاق في العام الماضي بمبلغ 7.15 مليارات دولار أميركي، مسجّلة زيادة سنوية بنحو 30% تقريباً، كإشارة على دورها المتنامي كمورّد دولي للأسلحة.
لقد أصبح معرض الصناعات الدفاعية الدولي، الذي تنظّمه مؤسّسة القوّات المسلّحة التركية، التي تمتلك أسهماً مسيطرة في معظم صناعة الدفاع في تركيا، مرآة لطموحات أنقرة لتحقيق الاستقلال، وتعزيز الصادرات، وإعادة هيكلة جيشها وعقيدته القتالية لساحات معارك تعتمد على التكنولوجيا الثقيلة.
تايفون أوّل صاروخ باليستي تركي
في اليوم الأوّل من المعرض، كشفت شركة روكيتسان المصنّعة للصواريخ عن صاروخ تايفون، وهو أوّل صاروخ باليستي تركي، قادر على الوصول إلى سرعات فرط صوتية تتجاوز سرعة الصوت بخمسة أضعاف على الأقلّ، ويتميّز بقوّة تدميرية هائلة، وبعد مداه الذي يصل إلى 600 كم بوزن 7200 كيلوغرام وفقاً للمواصفات المنشورة على موقع الشركة الإلكتروني.
كما أنّ عدد صواريخ تايفون المصنّعة حتّى الآن أو التي يمكن إنتاجها شهرياً يبقى سرّياً، بينما شركة روكيتسان تقول إنّ النظام دخل بالفعل في الإنتاج التسلسلي. وهذا يعني أنّ امتلاك عدد كافٍ من هذه الصواريخ لو كان مئات وربّما آلاف منها، من شأنه أن يمنح أنقرة رادعاً جديداً في جوارها. خصوصاً بعد الحرب التي استمرّت 12 يوماً بين "إسرائيل" وإيران في الشهر الماضي.
كما تعمل تركيا على تطوير مجموعة من صواريخ كروز البرّية والبحرية، ومن المتوقّع أن تصبح جاهزة للعمل خلال 5 سنوات. ولم يعلن عن تكلفة مشروع تايفون، لكنّ التقديرات تتراوح بنحو مليون ونصف المليون دولار. وفي العام الماضي رفعت تركيا إنفاقها الدفاعي إلى نحو 25 مليار دولار، بزيادة قدرها 12% عن العام السابق، واحتلّت المركز الـ 17 عالمياً في الإنفاق العسكري.
التنّين
وعلى الرغم من السمعة الرائعة لصواريخ تايفون، إلّا أنّ القدرات الدفاعية للأنظمة الكبيرة مثل الصواريخ الباليستية في ساحة المعركة الحديثة، لا تزال محدودة. ففي الشهر الماضي دمّرت أوكرانيا معدّات روسية بمئات الملايين من الدولارات باستخدام ما يزيد قليلاً عن 100 طائرة مسيّرة صغيرة.
ولهذا الغرض خلال فعّاليّات معرض الدفاع الدولي أعلنت شركة أسيلسان التركية لتصنيع الأجهزة الإلكترونية عن إطلاق نظام دراغون أي التنين، وهو نظام دفاعي مضادّ للطائرات المسيّرة بمقابل بطّاريّات دفاع الموجات الدقيقة المضادّة للطائرات المسيّرة. وتعدّ أسيلسان المقاول الرئيسي لنظام القبّة الفولاذية، وهو نظام الدفاع الجوّي والصاروخي الوطني التركي، والذي من المتوقّع أن يدخل مرحلة التشغيل الكامل خلال العقد المقبل.
وبحسب التقارير فإنّ نظام دراغون قادر على تعمية وتعطيل ما يصل إلى 20 طائرة مسيّرة خلال ثوان معدودة، وذلك من خلال موجة إلكترونية عالية القدرة تصدر من هوائي الإرسال الكبير الخاصّ به. وسيكون "دراغون" عنصراً أساسياً في حماية القوّات التركية والبنية التحتية الحيوية من الطائرات المسيّرة الصغيرة. ومن المتوقّع أن يبلغ سعر الوحدة من النظام نحو 10 ملايين دولار أميركي.
زوارق الهجوم السريع
كذلك عرضت شركة هندسة تكنولوجيا الدفاع المملوكة للدولة التركية "إس تي أم"، أوّل زورق هجوم سريع والذي بدأ إنتاجه مؤخّراً، وهو يتّسع لطاقم مكوّن من 36 فرداً وبوزن 2 طنّ و400 كيلو، ويعدّ أصغر السفن الحربية في الأسطول الوطني التركي، لكنّه يحمل الأسلحة والرادارات وأجهزة الاستشعار ذاتها تقريباً الموجودة في القطع البحرية الكبيرة.
وقد صمّمت أنظمة التحكّم الأمامية للسرعة وخفّة الحركة بمثاليّة لعمليات الكرّ والفرّ، والدفاع الساحلي، وردع التهديدات السطحية الأكبر في المناطق البحرية المزدحمة. وسيمنح الزورق الهجومي السريع والذي لم يكشف عن اسمه بعد، البحرية التركية وخفر السواحل التركي مرونة أكثر وسرعة أكبر في المياه المتنازع عليها، وقد تبلغ تكلفة كلّ قارب من 70 إلى 80 مليون دولار.
يوروفايتر
على هامش معرض الدفاع الدولي تجاوزت تركيا عقبة كبيرة بإعلانها عن اتفاقية مع المملكة المتحدة لشراء 40 طائرة مقاتلة متطوّرة من طراز يوروفايتر تايفون، التي تصنع من قبل ائتلاف من 4 دول، يضمّ إضافة إلى بريطانيا ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا. وكانت حكومات يسار الوسط في ألمانيا سابقاً تباطأت لسنوات في بيع الطائرة المقاتلة لتركيا، من دون رفض صريح لتجنّب تنفير أنقرة العضو في حلف شمال الأطلسي، والتي أصبحت في منتصف العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين منزعجة بشكل متزايد من العقوبات الغربية على توريد الأسلحة لها بتبرير تدهور المعايير الديمقراطية وسيادة القانون في البلاد.
مع ذلك، وافقت حكومة الائتلاف المسيحي الديمقراطي الجديدة برئاسة المستشار فريدريش ميرز على الصفقة في وقت سابق من هذا الأسبوع. وعن ذلك يقول المحلّل الجيوسياسي التركي الألماني والضابط السابق في الجيش الألماني هارون رشيد أيدين، بأنّ قضية يوروفايتر "محسومة بنسبة 90% ما لم يعطّلها طارئ، أو أن تتراجع تركيا عن الصفقة.
وأضاف أيدن أنّ قرار برلين سيتخذ رسمياً بعد موافقة مجلس الأمن الفيدرالي الألماني المسؤول عن مبيعات الأسلحة الدولية. ويتوقّع البعض أن تبلغ التكلفة الإجمالية للصفقة نحو 4 مليارات يورو وفقاً لموقع "ديفينس نيوز". مع ذلك من المرجّح أن يرتفع هذا المبلغ بسبب الإضافات مثل المحرّكات الاحتياطية والأسلحة المصنوعة في أوروبا ولبرامج التكامل المحتمل للذخائر المصنوعة في تركيا.
وستشكّل طائرات اليوروفايتر التي تتميّز برشاقتها في القتال الجوّي وبرادار فعّال يمنحها قدرة على الاشتباك مع طائرات العدوّ من مسافات بعيدة، ممّا يضاعف تعزيزات القوة الجوية التركية. كما أنّ الصفقة ستمكّن أنقرة من إخراج ما يقارب 20 إلى 30 طائرة فانتوم المتبقّية منذ سبعينيات القرن الماضي من الخدمة.
تحوّلات تركيا الدفاعية
بشكل عام تسلّط تركيا الضوء على إعادة تقييم الوضع الدفاعي التركي في بيئة أمنية سريعة التغيّر. وفي ظلّ التحوّل بتقييم التهديدات من الحرب التقليدية إلى الهجمات غير المتكافئة والهجمات بالطائرات المسيّرة، تستثمر أنقرة في قدرات عالية التقنية مطوّرة محلّياً في ظلّ حالة عدم اليقين المتزايدة في المنطقة تحت تأثير الحروب الدائرة بين "إسرائيل" و"حماس"، وروسيا وأوكرانيا.
وعلى الرغم من أنّ مشاريع مثل صاروخ تايفون الفرط صوتي ونظام دراغون المضاد للطائرات المسيّرة لا تزال في مراحلها الأولى نسبيّاً، إلّا أنّ الكشف عنها يؤكّد طموح تركيا في تقليل اعتمادها على المورّدين الأجانب وزيادة مرونتها في مواجهة تحدّيات ساحة المعركة المتغيّّرة. ويبقى أن نرى ما إذا كان هذا التوجّه سيترجم إلى ردع استراتيجي فعّال أم أنّه سيكون مرهقاً للموازنة.
يقول المحلّل العسكري كوزان سلجوق أركان في موقع "ديفينس تورك"، إنّ تنفيذ العديد من المشاريع في وقت واحد "وضع الكثير من الضغوط على الشركات والقوى العاملة، لكنّ الاعتماد على الذات في مجال الدفاع هو مسألة بقاء بالنسبة لتركيا".
نقله إلى العربية: حسين قطايا.