"المونيتور": نتنياهو يخطط لضمّ الضفّة.. هل يوافق ترامب؟
نتنياهو يتطلّع إلى ضم الضفة الغربية مع تزايد الاعتراف بفلسطين، وترامب يملك الكلمة الفصل.
-
جنود إسرائيليون ينفّذون عملية عسكرية في مخيم جنين بالضفة الغربية
موقع "المونيتور" الأميركي ينشر تقريراً يتناول النقاش داخل الحكومة الإسرائيلية حول احتمال ضمّ أجزاء من الضفة الغربية، وخاصة غور الأردن أو الكتل الاستيطانية، وذلك كرد فعل على الاعتراف المتوقّع من دول أوروبية وغيرها بدولة فلسطين في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:
تناقش الحكومة الإسرائيلية ما إذا كانت ستضمّ غور الأردن أو الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية رداً على الاعتراف المتوقّع بفلسطين من قبل الدول الأوروبية وغيرها في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة المقبل.
ظهرت تقارير خلال نهاية الأسبوع تفيد بأنّ "إسرائيل" تنوي ضمّ أجزاء من الضفة الغربية رداً على تزايد الاعتراف الدولي بدولة فلسطينية، مما دفع دول الخليج إلى إصدار تحذيرات خاصة شديدة اللهجة.
ناقش مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي، يوم الأحد، بإيجاز إمكانية الضمّ خلال جلسة استمرت ست ساعات ركّزت بشكل رئيسي على خطط هجوم واسع النطاق على مدينة غزة. وفي اجتماع عُقد في واشنطن في 27 آب/أغسطس، أطلع وزير الخارجية جدعون ساعر وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو على نيّات الحكومة.
دول الخليج وكبار ضباط الأمن الإسرائيليين يعارضون الضمّ.
تسيطر "إسرائيل" على الضفة الغربية منذ عام 1967، ويسعى الفلسطينيون إلى إقامة دولة مستقلة فيها. تُحذّر دول الخليج من أنّ الضمّ سيُعرّض للخطر اتفاقيات التطبيع، التي توسّطت فيها إدارة ترامب الأولى، والتي أقامت علاقات رسمية بين "إسرائيل" وأربع دول عربية هي؛ الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب والسودان. وقد حذّرت دول الخليج، سواء تلك التي تربطها علاقات رسمية بـ "إسرائيل" أو تلك التي لا تربطها بها علاقات، من أنّ الضمّ قد يُعرقل جهود توسيع الاتفاقيات لتشمل دولاً عربية أخرى، وخاصةً المملكة العربية السعودية، التي اعتبرتها إدارة ترامب أولوية سياسية.
قد يتوقّف قرار الضمّ في نهاية المطاف على الرئيس الأميركي دونالد ترامب. ففي عام 2020، بدا منفتحاً على الضمّ المحدود، لكنه سرعان ما سحب دعمه. ووفقاً لمصادر دبلوماسية تحدّثت مع "المونيتور"، لم يُبدِ روبيو، في اجتماعه الأخير مع ساعر، أي اعتراضات على خطط الحكومة الإسرائيلية.
حشد وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، المقرّب من نتنياهو والقوة الدافعة للمبادرة، دعماً من الشخصيات المؤيّدة لـ "إسرائيل" داخل الإدارة. مع ذلك، من المرجّح أن تُضعف الاحتجاجات الشعبية القوية ضدّ الضمّ من قِبَل شركاء واشنطن في الخليج حماس الإدارة لمثل هذه الخطوة.
يقاوم كبار مسؤولي الأمن الإسرائيليين الجهود المبذولة لدفع خطط الضمّ. ووفقاً لمصادر أمنية تحدّثت مع المونيتور، حذّر رئيس الموساد ديفيد برنياع الحكومة من أنّه بعد حرب استمرت عامين دمّرت قطاع غزة، فإنّ الضمّ سيضرّ أكثر بمكانة "إسرائيل" الدولية. وحذّر مسؤولون أمنيون كبار آخرون من أنّ هذه الخطوة قد تؤدّي إلى اضطرابات واسعة النطاق في جميع أنحاء الشرق الأوسط، بما في ذلك احتجاجات عنيفة في الدول العربية قد تضعف الأنظمة الصديقة لـ "إسرائيل".
ظهرت مقترحات لضمّ كلّ أو أجزاء من الضفة الغربية مراراً وتكراراً على مرّ السنين، لكنها فشلت في أن تتحقّق بسبب المعارضة الدولية والمحلية القوية، بما في ذلك من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو نفسه. ولكنّ الضغط الحالي من أجل الضمّ من جانب ديرمر وبعض أعضاء الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ "إسرائيل"، إلى جانب خطط العديد من الدول الأوروبية وغيرها للاعتراف بدولة فلسطينية في اجتماع الجمعية العامّة للأمم المتحدة في أواخر أيلول/سبتمبر قد يدفع نتنياهو إلى اتخاذ هذه الخطوة.
نتنياهو يُغيّر موقفه
صرّح وزير في حزب الليكود الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء لموقع "المونيتور" شريطة عدم الكشف عن هويته: "في الماضي، كان نتنياهو ليُعارض مثل هذه المبادرات [الضم]". وأضاف المصدر: "كان سينأى بنفسه وبدولة إسرائيل عن مثل هذه الخطوات التي تُهدّد بتحويل إسرائيل إلى دولة منبوذة دولياً"، مُضيفاً أنّ رئيس الوزراء "أصبح أكثر تطرّفاً حتى من أكثر حلفائه يمينية".
في خطوة تعكس نهجه المتشدّد، يضغط مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي بقيادة نتنياهو على كبار القادة العسكريين الإسرائيليين لشنّ عملية استيلاء كاملة على مدينة غزة، على الرغم من التحذيرات المتكررة من قادة "الجيش" بأنّ مثل هذه العملية ستُعرّض للخطر ما يُقدّر بنحو 20 رهينة إسرائيلياً تحتجزهم حماس، وستتطلّب إجلاء مليون فلسطيني من سكان المدينة. حتى أنّ المتشدّدين داخل المجلس طالبوا باستقالة قائد الجيش، الفريق إيال زامير، بسبب تردّده في الموافقة على الهجوم. على الرغم من أنّ إدارة ترامب لم تتخذ موقفاً رسمياً بعد بشأن مبادرة الضم، إلا أنها تبدو منسّقة بشكل وثيق مع "إسرائيل" في جهودها لمنع الاعتراف بالدولة الفلسطينية. في خطوة مثيرة للجدل، منعت الإدارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس وعشرات من مساعديه من دخول الولايات المتحدة لحضور اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في وقت لاحق من هذا الشهر.
وقال مصدر دبلوماسي إسرائيلي لموقع "المونيتور" شريطة عدم الكشف عن هويته: "إنه أمر طفولي بعض الشيء. إنّ حلّ مبادرة الاعتراف هذه لا يكمن في منع عباس من الحضور [إلى نيويورك]، بل في إقناع الدول التي أطلقتها بأنّ مثل هذه الخطوة ستضرّ بآفاق السلام الإسرائيلي الفلسطيني وستزعزع استقرار المنطقة".
وفي أحدث مؤشّر على فشل القرار الأميركي في ردع الاعتراف بدولة فلسطينية، أعلنت بلجيكا يوم الثلاثاء أنها تعتزم الاعتراف بفلسطين، حذو جارتها فرنسا.
على الرغم من موجة الاعتراف الدولي المتوقّعة، يبدو الضمّ الإسرائيلي واسع النطاق رداً على ذلك مستبعداً. وصرّح مسؤول دبلوماسي إسرائيلي كبير آخر لموقع "المونيتور" شريطة عدم الكشف عن هويته: "احتمالات ضمّ إسرائيل للضفة الغربية بأكملها تقترب من الصفر". وحدّد سيناريوهين محتملين بدلاً من ذلك: تطبيق السيادة الإسرائيلية على ما يقرب من 130 مستوطنة في جميع أنحاء الضفة الغربية أو ضمّ وادي الأردن.
يبرز ضمّ وادي الأردن كخيار أكثر ترجيحاً، على الرغم من أنّ احتمالاته لا تزال غير مؤكّدة. كانت "إسرائيل" قد خططت لضمّ المنطقة في عام 2020، لكنها تخلّت عن هذه الخطوة لضمان توقيع اتفاقيات التطبيع، بعد معارضة الدول العربية المعنية.
يحظى ضمّ وادي الأردن، الذي يشكّل نحو 30% من الضفة الغربية، بدعم واسع نسبياً في "إسرائيل" نظراً لقلة عدد سكانه الفلسطينيين وأهميته الاستراتيجية.
ومع ذلك، فإنّ هذا الخيار بعيد كلّ البعد عن أن يكون مضموناً. في حين أعرب ترامب عن دعمه لحملة "إسرائيل" ضد حماس، بدأت تظهر تصدّعات في دعمه الراسخ لسياسات "إسرائيل" المتشدّدة، مدفوعةً بضغوط سياسية داخلية واعتبارات دولية.
قال ترامب في مقابلة يوم الجمعة مع صحيفة "ديلي كولر": "سيتعيّن عليهم إنهاء هذه الحرب. إنها تضرّ بإسرائيل. قد يكونون يكسبون الحرب، لكنهم لا يكسبون عالم العلاقات العامّة". كما أشار إلى تراجع دعم الكونغرس للسياسة الإسرائيلية، قائلاً: "كانت لإسرائيل أقوى جماعة ضغط في الكونغرس، من بين أيّ جهة أو شركة أو مؤسسة أو دولة رأيتها في حياتي.. والآن لم يعد الأمر كذلك. أنا مندهش قليلاً لرؤية ذلك".
نقلته إلى العربية: بتول دياب.