"ذا إنتسربت": الحرب التي غيرت العالم.. ووقف النار الذي لم يغير إلا القليل

بعد وقف إطلاق النار في قطاع غزّة، ستبقى الكثير من الأمور على حالها.

0:00
  • "ذا إنتسربت": الحرب التي غيّرت العالم.. ووقف النار الذي لم يغيّر إلا القليل

موقع "ذا إنترسبت" الأميركي ينشر مقالاً يقول فيه إنّ وقف إطلاق النار في غزّة لن يغيّر ظروف الفلسطينيين، إذ سيبقون في سجن مفتوح، ويعانون من الحصار والاعتداءات الإسرائيلية.

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:

لقد لقي عشرات الآلاف من الفلسطينيين حتفهم، كما لقي العشرات من عمال الإغاثة والصحافيين حتفهم، وتحوّلت مجتمعات بأكملها إلى أنقاض، مما أدّى إلى تشريد السكان في قطاع غزّة.

أصبحت "إسرائيل" أكثر عزلة من أي وقت مضى، وأوروبا ناهضت حرية التعبير. وعلى الرغم من حركة الاحتجاج الواسعة في الولايات المتحدة، ظلّت الحكومة الأميركية ثابتة في دعمها لآلة الحرب الإسرائيلية.

لقد أدّت الطائرات من دون طيار والحرب التي يدعمها الذكاء الاصطناعي إلى تقليص قيمة الحياة، في حين تبشّر حملات القمع العالمية ضد المعارضة بعصر جديد من الرقابة.

إنّ هذه هي الخطوط العريضة لعالم ما بعد الحرب في غزة. وبينما ننتظر قرار مجلس الوزراء الإسرائيلي بشأن وقف إطلاق النار في غزة، فإن الشرق الأوسط، والعالم، قد أعيد تشكيله بالكامل نتيجة للقتال الذي استمر خمسة عشر شهراً.

ومع ذلك، فبعد وقف إطلاق النار، سوف يظل الكثير على حاله. فما زال 100 إسرائيلي، حتى الآن على الأقل، أسرى في غزّة. ويواصل "الجيش" الإسرائيلي الاستيلاء بالقوة على الأراضي في البلدان المحيطة به، الأمر الذي يؤدي إلى تعميق احتلاله العسكري المستمر منذ ستة وسبعين عاماً، وتوسيع مستوطناته، وهو يحتفظ بالحق في مواصلة مهاجمة الفلسطينيين.

إنّ مزاعم الإبادة الجماعية لا تختفي؛ بل إنها تزداد مصداقية يوماً بعد يوم.

وليس من المؤكد بأي حال من الأحوال أنّ اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصّل إليه هذا الأسبوع سوف يصمد. فقد أشارت "إسرائيل" بالفعل إلى أنّها تحتفظ بالحق في إعادة الاشتباك عسكرياً في أي وقت وأنها تحافظ على هدفها المتمثّل في "تدمير" حماس. ومن غير المرجّح أن توافق الجماعة الفلسطينية على شروط تضمن زوالها. وهذه ليست نهاية حقيقية للصراع.

في كلّ الأحوال، سوف يتمسّك اتفاق وقف إطلاق النار بنمط الاتفاقات الإسرائيلية السابقة مع الفلسطينيين: تنازلات فورية لـ "إسرائيل" ثم تنفيذ بطيء لبقية الخطة.

إنّ الدمار الافتراضي لغزة والتداعيات العالمية ليست مجرد نتيجة لتأثيرات السابع من تشرين الأول/أكتوبر، بل إنها عملية استمرت 76 عاماً من التدمير المتعمّد للحياة الفلسطينية في وطنهم التاريخي. وفي غزة، بلغت هذه الظاهرة أشدّها.

لقد سبق صعود حماس في عام 2007 الحصار في عام 1991. وحتى قبل ذلك، كان الصرف الصحي المروّع، والرعاية الصحية غير الكافية، والافتقار إلى فرص العمل الكافية، سبباً في معاناة غزة.

وباستثناء حماس، كانت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) هي أكبر جهة توظيف في غزة قبل الحرب. وهذا ليس اقتصاداً، ولا يمكن أن يؤدي إلى أي شيء مستدام. فمنذ قيام "دولة إسرائيل"، لم تكن غزة سوى سجن مفتوح، أو مجموعة من المقابر الجماعية، أو يمكن تسميته مستودع "إسرائيل" للفلسطينيين النازحين من الأراضي في الداخل الإسرائيلي. ولا شيء عن وقف إطلاق النار هذا الأسبوع من شأنه أن يفعل أي شيء لتغيير هذا.

إنّ العالم الذي يشهد الأهوال داخل جدران غزة سوف يستمر في ملاحقتنا جميعاً. وسوف يلطّخ التصعيد غير العادي للعنف وفقدان الإنسانية في المنطقة جيلاً كاملاً.

لا شك أنّ "إسرائيل" سوف تصبح أكثر عزلة سياسياً على الصعيد العالمي، وربما تفقد حركة الاحتجاج العالمية ضدّ الحرب والجرائم في غزة شدّتها، ولكن الشباب الذين أصيبوا بصدمة بسببها لن ينسوا، والمعاناة المستمرة التي يعيشها الفلسطينيون لن تسمح لهم بذلك.

ولنتأمّل هنا ما لم يرد في الاتفاق. فلا يوجد في البنود الواردة في الاتفاق أي ذكر لمسار بعيداً عن نزع الصفة الإنسانية، أو مسار نحو حقوق الإنسان الأساسية، أو مسار نحو السلام الدائم. وسوف يكون إنهاء أشدّ الهجمات ضراوة على غزة بمثابة راحة مؤقتة من أكثر من عام من إراقة الدماء، ولكن لا يوجد هنا ما يستحق الاحتفال.

نقلته إلى العربية: بتول دياب.

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.