"فايننشال تايمز": حصار "إسرائيل" المتجدد لغزة
ينبغي على إدارة ترامب الضغط على نتنياهو للسماح بتدفق المساعدات إلى قطاع غزة.
-
أطفال فلسطينيون يحملون أواني لتلقي الطعام في ظل نقص المساعدات بسبب الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة
هيئة تحرير صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية تنشر مقالاً تتحدث فيه عن الحصار الإسرائيلي المتجدد لقطاع غزّة، وكيف يستخدم رئيس حكومة الاحتلال المساعدات كوسيلة للضغط على حركة حماس، من دون أي قيود دولية.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:
أوقفت "إسرائيل" دخول جميع المساعدات الإنسانية إلى غزة. ثم قطعت في نهاية الأسبوع ما تبقى من الكهرباء عن القطاع المحاصر. الهدف هو الضغط على حركة حماس لقبول تعديلات على وقف إطلاق النار متعدد المراحل الذي اتفق عليه الطرفان في كانون الثاني/يناير، وإطلاق سراح نصف الأسرى المتبقين في غزة دفعة واحدة قبل بدء المرحلة الثانية. ما لم يذعن المسلحون الفلسطينيون لمطالبها، هددت "إسرائيل" بتعليق إمدادات المياه إلى القطاع.
تُبرز تصرفات حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة هذا الشهر استخدامها الساخر للعقاب الجماعي ضد سكان غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة لتحقيق أهدافها الحربية ضد حركة حماس. يجب على الحركة إطلاق سراح الأسرى، ولكن لا ينبغي لها معاقبة سكان غزة على أفعال المسلحين. تُلزم اتفاقية جنيف سلطات الاحتلال بالسماح بإيصال الغذاء والإمدادات الأساسية للسكان.
ومع ذلك، استخدمت حكومة نتنياهو المساعدات الإنسانية كأداة حرب. بعد يومين من 7 أكتوبر، أمر وزير الدفاع آنذاك، يوآف غالانت، بفرض "حصار شامل" على غزة، قائلاً: "نحن نحارب حيوانات بشرية، ونتصرف بناءً على ذلك".
خلال الأشهر السبعة عشر التي تلت ذلك، تراوح الحصار بين المد والجزر، حيث سيطرت "إسرائيل" على كمية ونوع المساعدات التي تدخل القطاع. ونادراً ما سمحت "إسرائيل" بالوصول إلى المستويات التي تراها وكالات الإغاثة كافية لإعالة سكان مزقتهم الحرب ويُطاردهم الجوع والمرض.
عندما أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف بحق نتنياهو وغالانت في تشرين الثاني/نوفمبر بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، قالت إنّ هناك أسباباً معقولة للاعتقاد بأن كلا الرجلين مسؤولان عن استخدام "التجويع كأسلوب حرب". والآن، تواجه غزة خطر نفاد الطعام الطازج في غضون أسابيع، وكذلك الوقود اللازم لتشغيل المولدات وضخ المياه من الآبار المتبقية التي لم تتضرر جراء الصراع.
لا يقدم نتنياهو أي اعتذار. وقد دعا حلفاؤه المتطرفون علناً إلى العودة إلى الحصار الشامل. يحدث هذا في الوقت الذي يتأرجح فيه وقف إطلاق النار المدعوم من الولايات المتحدة، المتفق عليه في كانون الثاني/يناير، على حافة الانهيار. خلال المرحلة الأولى من الهدنة، أطلقت حماس سراح 38 رهينة، بينما أطلقت "إسرائيل" سراح أكثر من 1500 سجين فلسطيني وسمحت بدخول دفعة من المساعدات إلى القطاع.
كان من المقرر أن تبدأ المرحلة الثانية قبل عشرة أيام، وكان من المفترض أن يتفق الطرفان خلالها على وقف دائم لإطلاق النار وانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من غزة. لكن "إسرائيل" تطالب الآن بأن تطلق حماس سراح نصف الأسرى المتبقين، أي نحو 30 شخصاً، في اليوم الأول بدلًا من إطلاق سراحهم بشكل متتابع. تُصرّ حماس على التزام "إسرائيل" بالاتفاق الأصلي، وإنهاء هجومها على غزة، الذي أودى بحياة أكثر من 48 ألف شخص، وفقًا لمسؤولي الصحة الفلسطينيين.
يريد رئيس الوزراء الإسرائيلي الآن تغيير مسار الأمور، متمسكاً برفضه إنهاء الحرب. إنه قادر على فرض الحصار من دون عقاب: أصدرت القوى الأوروبية بيانات رسمية تنتقد وقف المساعدات، ولم تُصدر إدارة ترامب أي كلمة إدانة. بدلًا من ذلك، تشجع نتنياهو وحلفاؤه من اليمين المتطرف بخطة ترامب الغريبة لإفراغ غزة من الفلسطينيين وتحويلها إلى "ريفييرا الشرق الأوسط".
في تعامله مع حلفاء الولايات المتحدة الآخرين، من كندا إلى أوكرانيا، سارع ترامب إلى استخدام أسلوبه المُعتاد في محاولاته لإخضاع الآخرين لإرادته. حتى الآن، منح نتنياهو حرية التصرّف. لكن ينبغي لترامب إجبار نتنياهو على إنهاء الحصار، ودعم جهود الوسطاء لإعادة اتفاق وقف إطلاق النار إلى مساره.
نقلته إلى العربية: بتول دياب.